< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/04/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /المانع الثاني قاعدة دفع الضرر المحتمل

 

المانع الثاني: قاعدة دفع الضرر المحتمل

ما أفاده المحقّق الإيرواني

إنّ هنا شبهة عويصة و هي: أنّ البيان في قاعدة قبح العقاب بلا بيان يعمّ بيان التكليف و بيان الاحتياط، كما أنّه بيان الشارع و بيان العقل، فإذا حكم العقل بالاحتياط في مادّة، كموارد العلم الإجمالي، لم يكن مجال لقاعدة قبح العقاب بلا بيان، لحصول البيان بلسان العقل، و عليه فإذا ظنّ بالتكليف أو احتمل احتمالاً معتدّاً به، كان قاعدة دفع الضرر المحتمل بياناً وارداً على قاعدة القبح، كما أنّ قاعدة القبح حيث ما تحقّقت كانت رافعة لموضوع احتمال الضرر، و بالنتيجة واردة على قاعدة دفع الضرر المحتمل، و لا مجال لتقديم إحدى القاعدتين و إخراج المورد عن موضوع الأخرى، كما صنعه حضرة الأستاذ [صاحب الكفاية]، بل اللازم ملاحظة المورد قاطعاً للنظر عن القاعدتين، ثمّ ملاحظة أنّه مورد ولايتهما، و المورد في المقام مورد لكلتيهما، لكن القاعدتين بأنفسهما لا تجتمعان، لأنّ العقل لا يحكم بحكمين‌ متخالفين، فإمّا هذه أو تلك، أو لا هذه و لا تلك.

نعم، يمكن أن يقال: إن تحيّر العقل و لم يجزم بانطباق إحدى القاعدتين على سبيل التعيين أو لا انطباقهما جميعاً، حكم حكماً ثانوياً في موضوع عدم جزمه بالبراءة فإنّه إذا لم يكن له ملزم خارجي، و هو بيان الشارع، و لا داخلي، و هو حكم العقل بالاحتياط في الشبهة، حكم بالبراءة، بمعنى أنّه رخّص في الفعل و الترك، و بعد هذا الترخيص كان العقاب قبيحاً بقبح العقاب مع الترخيص العقلي، فكانت النتيجة مطابقة مع حكم العقل بقبح العقاب من غير بيان، و إن لم تكن بملاكه.[1]

إیراد بعض الأساطين على كلام المحقّق الإيرواني

و لكن التحقیق عدم مانعیته أیضاً، و الوجه فیه: أنّه لا ریب في كون اللّزوم في هذه القاعدة عقلیاً غیر شرعي، و الأمر بالإطاعة في مثل قوله تعالى: ﴿أَطيعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ﴾[2] إرشاداً إلى حكم العقل على ما تقرّر في محلّه من استلزام شرعیة تلك الأوامر التسلسل و العقابات المتعدّدة ضرورة أنّ وجوب الإطاعة شرعاً مستلزم لوجوب إطاعة أخری لأمر أطع، و هذا الأمر الآخر مستلزم لوجوب إطاعته أیضاً و هكذا قاعدة عقلیة مستندة إلى درك العقل قبح العقاب على مخالفة حكم لا بیان علیه من الشارع، و حیث إنّ القاعدتین عقلیان فلا یمكن الشكّ في تحقّقهما عقلاً، و ذلك لاستحالة شكّ كلّ حاكم في حكمه، فإنّه لا‌یخلو الأمر من تحقّق ما هو الموضوع لحكمه مع جمیع خصوصیاته الدخیلة فیكون قاطعاً بالنسبة إلى حكمه، و أمّا ما لا‌یكون موجوداً بنظره فیقطع بعدم حكمه، فالشكّ من الحاكم بالنسبة إلى حكمه غیر معقول.

و علیه فلا‌یمكن تحقّق التعارض و التمانع بین قاعدتین عقلیتین حیث أنّه موجب لاجتماع النقیضین، بل القاعدتان إمّا لاتنافي بینهما لاختلاف موضوعهما و إمّا تكون إحداهما رافعة لموضوع الأخری. و علیه فدعوی تحقّق التعارض بین القاعدتین لا معنی له بل لابدّ من ملاحظة أنّ أیَّهما تكون رافعة لموضوع الأخری، و قد تبیّن أنّ الموضوع لقاعدة قبح العقاب هو عدم البیان العقلي و الشرعي على الحكم لا بعنوانه الأوّلي و لا بعنوانه الثانوي فمع فحص المكلّف عن البیان و الحجّة عن المولى و عدم الظفر علیه یتحقّق موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بیان من ناحیة و یرتفع موضوع قاعدة وجوب دفع العقاب المحتمل.

و أمّا كون هذه القاعدة بیاناً على العقاب المحتمل فغیر معقول، و ذلك لعدم إمكان تكفّل الحكم لإحراز موضوعه و استلزامه الدور، حیث إنّ الحكم متوقّف على تحقّق موضوعه، فلو كان الموضوع متوقّفاً على وجود الحكم لزم الدور، و على هذا تكون موضوع قاعده قبح العقاب، -و هو عدم البیان على الحكم- محقّقاً و یترتّب علیه حكم العقل بقبح العقاب، و یحرز به عدم احتمال العقاب و یرتفع به موضوع قاعدة لزوم دفع الضرر المحتمل، و لا‌یتحیّر العقل في حكمه بل یكون قاطعاً بعدم العقاب على مخالفة التكلیف الذي لا بیان علیه. و بالجملة:

فیرد علیه أوّلاً: أنّ ما ادّعاه من تحیّر العقل بین القاعدتین لا معنی له، و ذلك لاستحالة الشكّ من الحاكم في حكمه.

و ثانیاً: بأنّ دعواه التعارض بینهما لا وجه له، لما ظهر من فرض عدم البیان لا عقلاً و لا شرعاً، على الحكم لا بعنوانه الأوّلي و لا بعنوانه الثانوي و معه یحصل القطع بعدم العقاب، و لا‌یبقی مجال لتحقّق ما هو الموضوع لقاعدة لزوم دفع العقاب المحتمل، حیث یقطع العقل بقحه و استحالة صدوره عن الحكیم.

و ثالثاً: بأنّه على فرض التنزّل و تسلیم تحیّر العقل بالنسبة إلى جریان القاعدتین فلا‌یكون مقتضى القاعدة هو حكم العقل بالترخیص، بل مقتضى القاعدة هو حكم العقل بلزوم الاحتیاط، و ذلك لاحتماله الحكم الإلزامي و عدم وجود المؤمّن من العقاب بالنسبة إلیه. هذا تمام البحث فیما إذا كان المراد من الضرر في القاعدة الثانیة هو العقاب.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo