< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/04/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /إیراد المحقق الخوئي علی مناقشة صاحب الکفایة

 

إیراد المحقّق الخوئي على مناقشة صاحب الكفایة [1]

إنّه لو قلنا بأنّ معنی الورود هو الصدور یلزم أن تكون الإباحة المجعولة بقوله «كُلُّ شَيْ‌ءٍ مُطْلَقٌ‌» الإباحة الواقعیة مع أنّه لایمكن الالتزام به.

توضیح ذلك: إن كان المراد من ورود النهي في الروایة هو الصدور فلا مناص من أن یكون المراد من الإطلاق في قوله: «كُلُّ شَيْ‌ءٍ مُطْلَقٌ‌» هو الإباحة الواقعیة، فیكون المعنی أنّ كلّ شيء مباح واقعاً ما لم‌یصدر النهي عنه من المولى، و لایصحّ أن یكون المراد من الإطلاق هي الإباحة الظاهریة إذ لایصحّ جعل صدور النهي من الشارع غایة للإباحة الظاهریة، فإنّ موضوع الحكم الظاهري هو الشكّ و عدم وصول الحكم الواقعي إلى المكلّف، فلاتكون الإباحة الظاهریة مرتفعة بمجرّد صدور النهي من الشارع و لو مع عدم الوصول إلى المكلّف بل هي مرتفعة بوصوله إلى المكلّف.

و حینئذ إمّا أن یراد الإباحة الواقعیة المطلقة (أي في جمیع الأزمنة) أو المقیّدة بعصر النبي.

أمّا الأولى فیكون بیانه توضیحاً للواضحات و هذا لاینبغي صدوره عن الإمام لأنّه لغو فإنّ المعنی على هذا هو أنّ كلّ شيء مباح واقعاً حتّی یصدر النهي من الشارع.

أمّا الثانية فیكون معناها: الناس في عصر النبي غیر مكلّفین بالسؤال عن الأحكام فهم في سعة ما لم‌یصدر النهي من الشارع، و هذا المعنی خلاف الظاهر بل الظاهر الإباحة مطلقاً غیر مقیدة بزمان دون زمان.

فتعیّن أن یكون المراد من المطلق الإباحة الظاهریة لا الواقعیة و علیه فلابدّ أن یكون المراد من الورود الوصول.

المناقشة الثانیة: ما أفاده المحقّق النائیني

إنّ المحقّق النائیني یری أنّ الاستدلال بالروایة متوقّف على أمرین:

الأمر الأوّل: أن یكون المراد من لفظ «الشيء» هو الشيء بعنوانه الثانوي و هو الشيء المجهول.

الأمر الثاني: أن یكون المراد من الورود الوصول.

و الأمر الثاني محقّق لأنّ الورود ظاهر في الوصول، و لكن الأمر الأوّل لایتمّ لأنّ الظاهر من لفظ الشيء هو الشيء بعنوانه الأوّلي، و على هذا یكون معنی الروایة هو أنّ الأصل في الأشیاء في الشریعة الإباحة حتّی یثبت الحظر فمفاد الروایة أجنبي عن محلّ الكلام. [2]

إیرادات أربعة على المناقشة الثانیة

الإیراد الأوّل و الثاني: ما أفاده المحقّق الخوئي[3]

أوّلاً: أنّ بیان الإطلاق و الإباحة و اللّاحرجیة العقلیة الأصلیة قبل ورود الشرع لغو لایصدر من الإمام، إذ لاتترتّب علیه ثمرة و فائدة، بل المفید هو الكلام عن حكم الشيء بعنوان كونه مجهولاً حكمه.

ثانیاً: أنّ ظاهر الكلام الصادر من الشارع هو بیان الحكم الشرعي المولوي، لا الحكم العقلي الإرشادي.

یلاحظ علیه

إنّ المحقّق النائیني رأى بأنّ الروایة بصدد بیان الأصل في الأشیاء في الشریعة و بعبارة أُخری الروایة تبیّن الإباحة الشرعیة المجعولة للشيء بعنوانه الأوّلي في قبال الإباحة الظاهریة المجعولة للشيء بعنوان كونه مجهول الحكم.

فما أفاده المحقّق الخوئي من أنّ الإباحة المذكورة في الحدیث عند المحقّق النائیني هي الإباحة العقلیة قبل ورود الشرع خلاف صریح كلام المحقّق النائیني.

الإیراد الثالث و الرابع

و هما الحقّ في الإیراد على المحقّق النائیني

أوّلاً: أنّ الإباحة المجعولة في الشریعة للشيء بعنوانه الأوّلي هي الإباحة الواقعیة فالمحقّق النائیني یری أنّ الروایة مسوقة لبیان الحكم بالإباحة الواقعیة، فالحق في مقام الإیراد علیه هو ما تقدّم في الإیراد على صاحب الكفایة من أنّ بیان حكم الإباحة الواقعیة من الواضحات فلاینبغي صدوره عن الإمام.

ثانیاً: أنّ ما أفاده المحقّق النائیني في تفسیر المطلق بالإباحة الواقعیة لایناسب تفسیر الورود بالوصول، لأنّ الغایة و هي وصول النهي إلى المكلّف یناسب جعل الإباحة الظاهریة، كما أنّ تعبیره بالأصل في الأشیاء هو أیضاً یناسب جعل الإباحة الظاهریة، فما ذهب إلیه تهافت و تناقض بالقول.

نظرية المحقّق الإصفهاني في وجه دلالة الرواية على البراءة (المختار)

إنّ المحقّق الإصفهاني یری دلالة الحدیث على البراءة الشرعیة، و لقد أجاد في الاستدلال علیه، و لأهمیة البحث هنا نشیر أوّلاً إلى ملخّص كلامه و ثانیاً إلى تفصیل بیانه:

أمّا ملخّص ما أفاده: هو أنّ كلمة الورود في الرواية إمّا بمعنی الوصول أو بمعنی الصدور. و مختار المحقّق الإصفهاني هو أنّ الورود بحسب البرهان العقلي و بحسب معناه العرفي بمعنی الوصول، لأنّ المراد من الورود هو الورود على المكلف المساوق لوصوله إليه و المراد بالإطلاق في «كلّ شيء مطلق» هو الترخيص الشرعي الظاهري، و عدم تقيّد المكلف ظاهراً بالترك، أو الفعل، فحدیث «كلّ شيء مطلق» دليل على البراءة.

أمّا البرهان العقلي لذلك: فإنّ للإطلاق في الرواية احتمالات ثلاثة: اللاحرجية العقلية أو الإباحة الواقعية الشرعية أو الإباحة الظاهرية عند الشكّ في الحكم الواقعي.

إن قلنا بأنّ الورود بمعنی الصدور، فلا تصحّ الروایة، لأنّه لا‌یمكن تفسیر كلّ شيء مطلق بأحد من هذه الاحتمالات الثلاثة، لأنّه لا‌یمكن إرادة الإباحة الشرعية واقعية كانت أو ظاهرية، كما سیأتي بیانه و حمل الإباحة على اللاحرج العقلي (الإباحة المالكية قبل الشرع التي يحكم بها عقل كلّ عاقل) بعيد غير مناسب للإمام المعدّ لتبليغ الأحكام.

فلابدّ من أن نقول بأنّ الورود هنا بمعنی الوصول و المراد بالإطلاق الإباحة الشرعية الظاهرية.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo