< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/03/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /المقام الأول؛ الطریق الثاني

 

الطريق الثاني

رواه الصدوق في الفقيه مرسلاً: «وَ قَالَ النَّبِي: وُضِعَ عَنْ أُمَّتِي تِسْعَةُ أَشْيَاءَ: السَّهْوُ وَ الْخَطَأُ وَ النِّسْيَانُ وَ مَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَ مَا لَايَعْلَمُونَ وَ مَا لَايُطِيقُونَ وَ الطِّيَرَةُ وَ الْحَسَدُ وَ التَّفَكُّرُ فِي الْوَسْوَسَةِ فِي‌ الْخَلْقِ‌ مَا لَمْ‌يَنْطِقِ‌ الْإِنْسَانُ‌ بِشَفَةٍ.»[1] .

الإشكال عليه

لعلّ نظره إلى السند الذي يذكره في الخصال، و لكن يشكل عليه من جهة الإرسال فهو ضعيف.[2]

یلاحظ علیه

نحن نعتقد بصحّة مرسلات الصدوق في ما رواه بعبارة «قال»، كما علیه بعض أعلام المحققین و منهم بعض الأساطين من أساتذتنا، و كذلك بصحّة ما رواه بلفظ «روي».

الطريق الثالث

ما رواه فِي النوادِرِ أَحْمَدُ بْنِ عِيسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَ عَنْهُ [أي فَضَالَةَ عَنْ‌ سَيْفِ‌ بْنِ‌ عَمِيرَةَ عَنْ‌ إِسْمَاعِيلَ‌ الْجُعْفِيِ‌ كما في البحار] عَنْ أَبِي عَبْدِ الله قَالَ سَمِعْتُهُ‌ يَقُولُ‌: وُضِعَ‌ عَنْ‌ هَذِهِ‌ الْأُمَّةِ سِتٌ‌: «الْخَطَأُ وَ النِّسْيَانُ وَ مَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَ مَا لَا‌يَعْلَمُونَ وَ مَا لَا‌يُطِيقُونَ وَ مَا اضْطُرُّوا إِلَيْهِ».[3] [4]

الإشكال على السند

يشكل عليه من جهة إسماعيل بن جابر الجعفي المردّد بين ثلاثة:

1- إسماعيل بن جابر الجعفي الذي لم يذكر النجاشي له توثيقاً غير أنّه ذكر له كتاباً و ذكر طريقه إليه صحيحاً ينقل عنه صفوان بن يحيى.

2- إسماعيل بن جابر الذي ذكره الشيخ في الفهرست من دون لقب و قال: إنّ له كتاباً، و لم يوثّقه.

3 – جابر بن إسماعيل الخثعمي الكوفي الذي شهد الشيخ بوثاقته في رجاله.

و حينئذ يقال باحتمال التعدّد، و الرواية لم يقع في سندها عنوان الخثعمي الموثق في رجال الشيخ.

الجواب الاوّل

توثيق الآخرَين على إجمالهما لنقل صفوان عنهما كما ذكر النجاشي في عنوان الجعفي و ذكر الشيخ أيضاً في فهرسته في عنوان إسماعيل بن جابر نقل صفوان عنه و الطريق صحيح فيثبت وثاقتهما حتّى على تقدير تعدّدهما بنقل صفوان بناء على المختار في مشايخ الثلاثة.[5]

الجواب الثاني: عن المحقّق الصدر

و قرر جوابه بتقریرین:

التقریر الأول: اتحاد الثلاثة بمجموع قرائن

محاولة التوحيد بين الثلاثة (یعني وحدة إسماعیل بن جابر الجعفي و الخثعمي و الذي لم يذكر له لقب) بمجموع قرائن، من قبيل:

1- لو فرض التعدّد لزم ما هو بعيد جدّاً من افتراض وجود ثلاثة أشخاص و مع ذلك يقتصر كلّ من الشيخ و النجاشي على ذكر أحدهم خصوصاً.

2- إنّ الفهرست للشيخ مخصّص لذكر أصحاب الكتب و الأصول و قد ذكر الشيخ في الرجال أنّ الخثعمي الثقة له كتب و روايات و له طريق إليه فلو كان هو غير المذكور في الفهرست بعنوان إسماعيل بن جابر كيف يكون قد أغفله.

3 - سكوت الشيخ عن إسماعيل بن جابر الجعفي مع أنّ النجاشي يذكره و يذكر أنّه له كتاباً ينقله عنه بطريق صفوان غريب لو‌لا الاتحاد.

وحدة الوصف و الطريق إلى كتاب إسماعيل بن جابر المذكور في الفهرست و الجعفي المذكور في رجال النجاشي، فكلّ الحلقات في سلسلة السند في الفهرست هي عينها في الرجال.

وقوع إسماعيل الجعفي في سند رواية الأذان[6] المعروفة المعتمد عليها في الفقه و قد اعتمد الشيخ نفسه عليها في كتبه الفقهية و كتب الحديث و قد ذكر النجاشي أنّ إسماعيل بن جابر الجعفي هو إسماعيل الجعفي الراوي لفقرات الأذان.

فهذه كلّها قرائن تؤكد وحدة العناوين و إن كان هناك ظاهرة حينئذ غريبة يلزم من الوحدة و هي أنّ هذا العنوان يكون قد روى عنه أشخاص متفاوتون من حيث الطبقة من أصحاب الصادق إلى أصحاب الجواد. [7]

التقریر الثاني: اتّحاد الإثنين في فهرست الشيخ و رجاله

و الواقع أنّ استبعاد احتمال التعدّد في المقام في محلّه، فإسماعيل بن جابر الخثعمي مع إسماعيل بن جابر الجعفي منطبقان على شخص واحد و ليسا شخصين، لأنّنا لو بنينا على تعدّدهما فلا يخلو الأمر من أحد فرضين:

الأوّل: أن يفترض أنّ مراد الشيخ من إسماعيل بن جابر الخثعمي الذي ذكره في رجاله و إسماعيل بن جابر الذي ذكره في فهرسته واحد، و أنّ إسماعيل بن جابر الجعفي الذي ذكره النجاشي شخص آخر.

و الثاني: أن يفترض أنّ إسماعيل بن جابر الخثعمي الوارد في رجال الشيخ مغاير لإسماعيل بن جابر الوارد في فهرسته، و لإسماعيل بن جابر الجعفي الوارد في فهرست النجاشي، و لكلّ من هذين الفرضين مبعّدات إلى حدّ يحصل الظنّ الاطمئناني بعدمه.

أمّا الفرض الأوّل: و هو اتّحاد إسماعيل بن جابر و إسماعيل بن جابر الخثعمي الواردين في كلام الشيخ مع‌ مغايرته لإسماعيل بن جابر الجعفي الوارد في كلام النجاشي، فيبعّده أمور:

الأوّل: أنّه- بناء على التعدّد يلزم افتراض أنّ النجاشي لم يذكر في المقام إسماعيل بن جابر الخثعمي الذي شهد الطوسي بوثاقته و ممدوحيته، و له أصول، و يروي عنه المشايخ من قبيل صفوان. و عدم ذكر النجاشي لشخص من هذا القبيل مع تمام تتبّعه و اهتمامه بعيد خصوصاً -على ما يقال- من أنّ النجاشي أوسع و أدقّ من الشيخ باعتبار اختصاصه بهذا الفن.

و الثاني: أنّه يلزم- على التعدّد- أنّ الشيخ أهمل في كلا كتابيه الفهرست و الرجال مثل إسماعيل بن جابر الجعفي الذي ذكره النجاشي، و هو كثير الرواية جداً، و كان الشيخ معاصراً للنجاشي، و على علاقة به، فكيف لم يطّلع على إسماعيل بن جابر الجعفي، و قد تعهّد في مقدمة كلّ من كتابيه ببذل قصارى جهده و طاقته في الاستقصاء، خصوصاً أنّ إسماعيل بن جابر الجعفي مذكور في رجال الكشي الذي لخّصه الشيخ الطوسي و ذكر عنه بعض الروايات- و لايوجد في رجال الكشي إسماعيل بن جابر الخثعمي-. و حينما نلاحظ التهذيب و الاستبصار للشيخ الطوسي نرى أنّه يروي فيهما عن إسماعيل الجعفي تارة، و عن إسماعيل بن جابر أخرى، و لا‌يذكر و لا مرّة واحدة عن إسماعيل الخثعمي- في حدود فحصي لهذين الكتابين-، و كيف نحتمل أنّ الشيخ ذكر في كتابيه في الرجال الخثعمي الذي لم يرو عنه و لا مرة واحدة، و لا يذكر الجعفي‌ الذي روى عنه روايات كثيرة؟!

و الثالث: أنّ طريق النجاشي إلى إسماعيل بن جابر الجعفي، و طريق الشيخ إلى إسماعيل بن جابر متّحد في جميع رجاله، فمن البعيد جدّاً تعدّدهما، و اتّحاد الطريقين في جميع رجاله صدفة.

و هنا وقع سقط في كتاب الشيخ المامقاني‌ حيث نقل سند النجاشي إلى إسماعيل بن جابر الجعفي هكذا: أخبرنا أبو الحسين علي بن أحمد قال: حدّثنا محمّد بن الحسن، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى عنه. و نقل سند الشيخ إليه هكذا:

أخبرنا به ابن أبي جيد، عن ابن الوليد، عن الصفّار، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن صفوان عنه. فيتراءى أنّ السندين يختلفان في وجود الصفّار و عدمه، لكن الواقع أن المذكور في رجال النجاشي هكذا: (محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن) و الأول هو ابن الوليد، و الثاني هو الصفار، و في كلام الشيخ حيث لم يذكر بالإسم فلم يقع تكرار في اللّفظ لم تبتلِ عبارة كتاب الشيخ المامقاني بالسقط، و لكن ابتلت بالسقط عند نقل كلام النجاشي.

و أمّا الفرض الثاني: و هو فرض كون الخثعمي غير الجعفي و غير إسماعيل بن جابر الذي جاء في كلام الشيخ مطلقاً- أي من دون توصيف- فهذا أيضاً يبعّده أمور:

الأوّل: نفس المبعّد الأوّل في الفرض الأوّل.

و الثاني: أنّ الشيخ لماذا لم يذكر الخثعمي في فهرسته مع كونه صاحب أصل مع اطلاعه عليه، و تعهّده في مقدّمة الكتاب بالاستيعاب بقدر الإمكان.

و الثالث: وحدة الراوي المباشر عن جابر بعناوينه الثلاثة المذكورة في كتاب النجاشي و كتابي الشيخ، و هو صفوان.

و قد نقل الشيخ المامقاني في رجاله عن جملة من المدقّقين أيضاً الجزم بالوحدة.[8]

المناقشة الأولى على الجواب الثاني

إنّ الوارد في سند حديث الرفع إسماعيل الجعفي لا إسماعيل بن جابر الجعفي و حينئذ يحتمل أن يكون المراد به إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي الذي لم يوثّق و هو من حيث الطبقة مناسب أيضاً و كون إسماعيل الجعفي في رواية الأذان قد شهد النجاشي بأنّه إسماعيل بن جابر لا‌يعني أنّه دائماً عند ما يرد عنوان إسماعيل الجعفي يراد به ابن جابر. و إسماعيل بن عبد الرحمن و إن نقل عنه الصدوق في مشيخته بواسطة صفوان إلا أنّ الطريق إلى صفوان فيه محمد بن سنان الذي لم يثبت توثيقه.[9]

نلاحظ على المناقشة الأولى

أولاً: ما قلنا في مباحثنا الرجالیة من وثاقة محمد بن سنان، كما علیه السید الأستاذ الشبیري الزنجاني.

ثانیاً: الإنصاف انصراف عنوان إسماعيل الجعفي إلى ابن جابر لكثرة روايات ابن جابر و ندرة روايات ابن عبد الرحمن و لهذا شهد بذلك النجاشي في ترجمته على أنّ كلام النجاشي في ترجمة إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي لا‌يخلو من دلالة على وثاقة الرجل، فإنّه ذكر أنّه كان وجهاً من أصحابنا.([10] )

 


[8] مباحث الأصول، الصدر، السيد محمد باقر، ج3، ص230. و أمّا الشيخ المامقاني فقد قال في تنقيح المقال، ج10، ص33: و قد بنى على اتّحادهما جمع من الأواخر، بل ظاهر الميرزا في المنهج أنّ اتّحادهما مسلّم، حيث قال: الجعفي أصحّ، و أبوه جابر مشهور به معروف. انتهى.فإنّ جعله الجعفي أصحّ النسخ ظاهر في أنّ الاتّحاد محرز، كما استفاد ذلك منه الوحيد رحمه الله حيث قال في التعليقة: و المستفاد من كلام المصنّف رحمه الله أنّ الخثعمي وهمٌ، و أنّ الأصحّ الجعفي...- إلى أن قال:- و هذا منه ينبئ بعدم تأمّل منه في الاتّحاد أصلاً كما هو عند الخلاصة أيضاً كذلك، و كذا عند أكثر المحقّقين المطّلعين على الأمر، و الأمر كذلك ... -إلى أن قال:- و ممّا يشير إلى الاتّحاد رواية صفوان، و أنّه يبعد عدم اطّلاع الشيخ رحمه الله على الجعفي، مع اشتهاره غاية الاشتهار، و كثرة وروده في الأخبار، مع أنّه الراوي لحديث الأذان المشتهر اشتهار الشمس في رابعة النهار، الذي هو مستند الشيخ رحمه الله في الأذان.و كذا باقي المشايخ الكبار، و يومي إليه كلام النجاشي، و مع ذلك لايتوجّه إليه أصلاً، و يتوجّه إلى غير معروف و لا معهود، بل و يتكرّر توجّهه إليه، سيّما و أن يكون ثقة ممدوحاً صاحب أصول، بل و غير خفيّ على المطّلع أنّها تناسب الجعفي. هذا، مضافاً إلى أنّه لايَتوجّه أصلاً غيره من الكشّي و النجاشي و الخلاصة إلى من تكرّر توجّهه إليه. و بالجملة؛ التأمّل في الاتّحاد ليس في موضعه و لا وجه له أصلاً. هذا، و يحتمل أن يكون قول النجاشي: و هو الذي روى حديث الأذان، إشارة إلى مقبولية روايته، و اشتهارها بالقبول. و رواية صفوان عنه تشير إلى وثاقته. انتهى ما في التعليقة.و ما ذكره موجّه متين، و أشار بقوله: مع أنّه الراوي لحديث الأذان ... إلى آخره إلى ما في الحاوي من الاستشهاد للاتّحاد، و كون الخثعمي تصحيف الجعفي، بأنّ حديث الأذان الذي اعتمد عليه الشيخ و ... غيره و أشار إليه النجاشي، قد رواه الشيخ رحمه الله في التهذيب و ... غيره عن غيره، عن إسماعيل الجعفي، فيكشف عن أنّ الجعفي هو الصحيح. انتهى موضّحاً.
[10] في هامش المصدر السابق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo