47/04/18
رجوع المالك عن إذنه بالصلاة/مكان المصلي /كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة/مكان المصلي /رجوع المالك عن إذنه بالصلاة
أفاد اليزدي (رض) انه إذا دار الأمر بين الإتيان بالصلاة حال الخروج كاملة وبين الإتيان ببعضها مع كل الشروط يقدم الأول.
وقد تقدم منا التعرض لكلام السيد الأعظم هو غير واضح.
فالمستفاد من الأدلة أن الأوامر متعددة بأجزاء الصلاة.
نعم، هناك أوامر شاملة لجميع الأجزاء من الآيات والروايات ولكن ورد الدليل على الأمر بكل جزء على حدة فمعنى ذلك أن الواجب وغن كان مركباً إلا أنه يجب عليه الإتيان بهذه الأجزاء.
أضرب لكم مثالاً آخر وهو الصوم فهو الإمساك عن المفطرات من أول النهار إلى آخره، وفي كل لحظة يختلف الإمساك عن االحظة التالية لا أن هذه الإمساكات كلها إمساك واحد.
نعم، ينتزع من جميع هذه الإمساكات عنوان واحد يسمى الصوم.
كذلك تتعدد الإمساكات فيما يمسك عنه فالإمساك قد يكون عن الأكل وقد يكون عن الشرب فالمفطرات مختلفة وإن كان عنوان الإفطار واحداً.
فالسيد خلط بين مطلبين عظيمين فإن أوامر الصلاة موجودة في القرآن، قال تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾[1]
هذا أمر بالصلوات كلها، أمر بعنوان والعنوان ليس مأموراً به بل هو إشارة إلى أنه يحيط بأجزاء الصلاة فأجزاء الصلاة ليست واجباً واحداً بل هي واجبات متعددة ولذلك مثلاً في السفر يصلى ركعتان من أربعة وإذا صلى أربعة متعمداً فقد أتى بغير الواجب.
فالنتيجة أن الأمر بالصلاة أمر بعنوان الصلاة تماماً وعنوان الصلاة شامل للأجزاء كلها بحسب الأوقات والأفراد ولكن هذا العنوان إنما هي يشير وينطبق على مركب.
وكلامه الشريف (رض) بحسب تقريرات بحثه أن هذه الأجزاء كلها مرتبطة بعضها ببعض ولكن لو كانت مرتبطة لما صح القيام إلا مع الركوع والركوع لا يتم إلا مع السجود وهكذا وليس كذلك.
فلابد من عدم الخلط بين العنوان وبين المأمور به، المأمور به ما يأتي به المكلف خارجاً ولكنه ليس هو العنوان، عنوان الركوع ـ مثلاً ـ شيء وواقعه شيء آخر.
والظاهر من كلام سيدنا الأعظم (رض) أنه جعل أجزاء الصلاة كلها مع عنوان الصلاة شيئاً واحداً وهذا غير واضح؛ فإن العنوان عنوان لا يتحقق إلا بالعقل ولكن في مقام الامتثال يتحقق خارجاً بما يصدق عليه الصلاة وما يصدق عليه عنوان الركوع والقيام وغيرهما.
والذي ينبغي أن يقال إن مقتضي كلام اليزدي (رض) بتقديم الصلاة حال الخروج مكتفياً بأبدال بعض الواجبات والأجزاء هو الدليل الدال على الوقت وكذلك كل واحد من الأجزاء والشرائط فلابد أن يؤخذ به.
فدعوى سيدنا الأعظم بأن الصلاة مع أجزائها وشرائطها شيء واحد مركب غير واضح، بل القول بأن الصلاة مركبة تعبير مجازي.
فقد تقرر في الأصول والفقه والمعقولات أن كل واحد من أجزاء المركب متاثر بالآخر مع انه ليس كذلك في المقام كما تقدم في الأجزاء.
بل كل واحد منها واجب مستقل ولذلك ربما يعجز عن القيام فيستلقي وهكذا، فإن كانت مستقلات لم يكن مركباً.
فالنتيجة أجزاء الصلاة ليست ماهية واحدة بل هي ماهيات مختلفة متعددة متقاربة متلاصقة بترتيب معين وكل واحد واجب في وقته في ظرفه لا أنه واجب واحد.
فالنتيجة ما أفاده اليزدي هو الصحيح (رض).