47/04/13
رجوع المالك عن إذنه بالصلاة/مكان المصلي /كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة/مكان المصلي /رجوع المالك عن إذنه بالصلاة
أفاد اليزدي أن المالك لو عاد في إذنه في سعة الوقت قطع الصلاة وأتى بصلاة تامة الأجزاء والشرائط في مكان مباح وإن كان الوقت ضيقاً صلى وهو خارج.
صاحب الجواهر (رض) قال إن الأمر بالصلاة والنهي عن الغصب بعد رجوع المالك بالإذن لا يمكن الجمع بينهما الجمع فتقع المزاحمة بين هذين التكليفين التكليف الأول وجوب الصلاة بأجزائها وشرائطها والثاني ترك المكان غير المأذون به، فيأتي بالصلاة لأن الأمر بها مقدم زماناً على النهي عن الغصب لأنه جاء بعد تراجع المالك عن الإذن ولم يكن النهي هذا موجوداً سابقاً فلا يلتفت إلى نهي المالك.
هذا الاساس الذي اسسه صاحب الجواهر (رض) يظهر من كلمات السيد الاعظم (رض) أنه يؤمن به ولكن قيده ببعض القيود نعرضها في خدمتكم.
السيد الأعظم يقول ما أفاده في الجواهر مسلم في الجملة إذا كانت القدرة على الفعل شرطاً شرعاً في كلا الواجبين، أما إذا كان أحدهما عقلياً والآخر شرعياً فحينئذ لا يتم ما أفاده في الجواهر؛ حيث إن الشرع هو الذي اشترط الأجزاء والدليل على أن شرائط الصلاة معتبرة شرعاً أن الشارع المقدس جعل لكل واحد منها ـ هو قال الكل ولكن الصحيح أكثر الاجزاء ـ بدلاً فإذا كان الانسان لا يتمكن من الركوع أو السجود انتقل إلى بدلهما وهو الإشارة والإيماء.
وأما القدرة بالقياس إلى ترك الغصب فهي مشروطة بحكم العقل لأن العقل هو المقتضي لعدم صحة التكليف بالمغصوب فإذا كان المالك أمر بالخروج عن فإن كان المكلف متمكناً خرج وان لم يكن عقلاً متمكناً كما كانت الصلاة في حال الخروج فحينئذ هذا التصرف في حال الخروج محرم عقلاً.
نقول: أما ما أفاده صاحب الجواهر من أن المتقدم زماناً يقدم تكليفاً على المتأخر زماناً مما لا يمكن القول به على الإطلاق فإن الرواية المعتبرة إذا كانت صادرة عن الإمام الباقر (ع) ورواية أخرى معارضة لهذه الرواية صادرة عن الإمام الصادق (ع) وبينهما فرق زماني واضح فهل يمكن للفقيه والأصولي أن يلتزم بأن ما صدر عن الإمام الباقر (ع) مرجح على رواية الصادق (ع)؟ لا يمكن القول به ولا أتصور أحداً من الفقهاء.
فما أفاده الجواهري غير واضح على خادم الطلبة وعليه لابد من إعمال قواعد التعارض في البين وقد يكون مقتضى القواعد عكس ذلك أي ترجيح الرواية المتأخرة.
أما تأسيس القاعدة بأن المتقدم زماناً مقدم وذلك متأخر فهو غير واضح وإن صدر من صاحب الجواهر (رض).
وكذلك ما أفاده السيد الاعظم (رض) من أنه إذا كان منشأ الحكمين مختلفاً بحيث يكون منشأ أحد الحكمين الشرع والآخر العقل غير واضح أيضاً؛ باعتبار أن الشرع دليل والعقل أيضاً دليل، فكل منهما مقتضٍ لما يدلنا عليه وكل منهما إما أن نعمل به أو لا.
والذي ينبغي أن يقال والعلم عند الله سبحانه والراسخين في العلم أن ترك الامتثال إذا كان مضراً في الواجب وتركاً له فحينئذ يقدم سواء كان ذلك الذي انشغل فيه مقدماً او مؤخراً وإن كان الوقت وسيعاً عليه أن يترك الصلاة ويشتغل فيها بمكان مباح باعتبار أن هذا المكان صار غير مباح بعد تراجع المالك عن الإذن، وإذا كان الوقت ضيقاً فلا يمكن ترك الصلاة فحينئذ يصلي في حالة الخروج.
والغريب جداً ما نقله حكيم الفقهاء (رض) عن بعض الفقهاء (رض) أن مقتضى الاستصحاب يكون الاستمرار في الصلاة!
هذا الاستصحاب لا يفيد في المقام؛ لأنا التزمنا بأن الاستصحاب حجة من باب الأخبار وليس من باب العقل ففي أثناء الصلاة يجب عليه إتمامها بمقتضى الحكم الشرعي أما إذا لم يكن هذا الحكم الشرعي باقياً على حاله فيرتفع ذلك الحكم وحينئذ عليه أن يرفع اليد عن هذه الصلاة.
والذي ينبغي أن يقال إن الوقت إذا كان وسيعاً ترك الصلاة باعتبار أن فقدان أحد شرائطها وأن هذه الصلاة لم تبق مأموراً بها بل أصبحت منهياً عنها وأما إذا كان الوقت ضيقاً فحينئذ لا يجري في المقام استصحاب وجوب إتمام الصلاة إنما يجري إذا لم يكن ثمة دليل على خلاف الاستصحاب وفي المقام دليل واضح وهو أن المالك لا يرضى أن يتمم الصلاة فحينئذ مع ضيق الوقت لا بُدَّ أن يأتي بالصلاة وقلت في المباحثة السابقة أنه لا يجوز التصرف في الفضاء الذي يكون على الارض فبمقتضى ذلك يختصر بالقراءة أيضاً وإن لم يصرح معظم الفقهاء بذلك.