« قائمة الدروس
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الفقه

47/03/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الصلاة في الأراضي الواسعة جداً/مكان المصلي /كتاب الصلاة

 

الموضوع: كتاب الصلاة/مكان المصلي /الصلاة في الأراضي الواسعة جداً

أفتى اليزدي (رض) أنه يجوز الصلاة في بيوت هؤلاء المذكورين في الآية الشريفة، إذا لم يكن هناك علم بعدم رضاهم، أما مع العلم بعدم رضاهم فلا يجوز. عبارته مجملةٌ ومع قطع النظر فلا يجوز الصلاة أو الأكل مع العلم بكراهة المالك.

لا شك أن كلامه يشمل جانبين: الأول أنّ الأكل أيضاً لا يجوز إذا كان هناك علم بعدم الرضا والثاني أنّ الصلاة لا تجوز كذلك.

ونحن ناقشنا هذا المعنى وقلنا إن الصلاة لا تلازم الأكل ولا الأكل يلازمها فجواز فلا ملازمة في المقام.

نعم، الأفعال التي تتّحد خارجاً يعني تتلازم خارجاً مع الأكل مثل الدخول في البيت والجلوس في البيت ونحو ذلك هذا ملازم عرفاً لا عقلاً، فجوازه يكون بدلالة المصداق العرفي للأكل.

ثم هناك حالات مختلفة للمسألة كحالة العلم بالرضا وحالة الظن بالرضا وكذلك العلم بعدم الرضا والظن بعدم الرضا، ومقصودنا بالظنّ في الموردين قد يكون الظن ملحقاً بالعلم وقد يكون الظنّ ملحقاً بالشك فإذا كان هناك ظن معتبر فهو ملحق بالعلم والظن غير المعتبر ملحق بالشك وهذا المطلب واضح.

إنما المشكلة أن السيد الأعظم (رض) أشكل على اليزدي بأنه جوز الصلاة في المكان مع عدم العلم بالرضا ولكن هاهنا مع الشك حكم ببطلان الصلاة بمعنى أنه لا يجوز للإنسان أن يصلي إذا كان عنده ظن غير معتبر بعدم الرضا، هذا جعله السيد الأعظم (رض) إشكالاً على صاحب العروة (رض).

ولكن كلام السيد الأعظم غير واضح جداً؛ فإشكاله على اليزدي متفرع على الإطلاق الموجود في الآية الشريفة، التي جوزت الأكل سواء كان عالماً أو كان شاكاً، وسواء كان شاكاً ظاناً بعدم الرضا أو بالرضا.

الظن بعدم الرضا ملحق بالعلم إذا كان منشأ الظن حجة شرعاً بأن يكون هناك عاقل عالم عادل أخبرك برضا المالك مثلاً.

إنما الكلام في استشكال السيد الأعظم مع أن هناك روايات معتبرة تدل على أنه لا يجوز التصرف في مال الغير، منها:

رواية معتبرة فيها زرعة بن محمد بن أبي محمد الحضرمي واقفي ولكنه كما صرح الفقهاء (رض) والرجاليون ثقة، يروي عن سماعة، وهو معروف الوثاقة عن أبي عبد الله (ع) في حديث أن رسول الله (ص) قال:

من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها؛ فإنه لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيب نفسه.

إلا بطيب نفسه يعني يجب أن تعلم بأنه راض، ومعلوم أن صدق المفهوم على المصداق لا يكتفى فيه بالظن بل يعتبر العلم.

وهذه رواية بعينها ذكرها الكليني (رض) عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أسامة بن زيد الشحام - وهو ثقة – فالروايتان معتبرتان تدلان على أن المال في حكم الدم، فعلى هذا إذا كان الظن غيرُ المعتبر أو الشكُ فحينئذ ليس هناك علم بالرضا فهو تعدٍّ على ماله كالتعدي على الدم.

ومع ذلك السيد الأعظم يتمسك بإطلاق الآية الشريفة فهذا غير واضح، هذا مطلب.

ومطلب آخر أن ثبوت الإطلاق في الآية الشريفة غير واضح؛ لأن الآية الشريفة ذكرت في المذكورات الأكل من بيت الإنسان نفسه ما يعني أن نفس الأكل مجمل في الآية الشريفة وليس المقصود به مطلق الأكل بل المقصود به الاكل الذي يعلم برضا مالكه وهذا هو القدر المتيقن بمقتضى الصحيحتين.

فالإطلاق في أصل الآية الشريفة محل تأمل، ولذلك قلنا في بعض الملاحظات في بعض الدروس في الأصول إن التمسك بعمومات وإطلاقات القرآن جداً صعب؛ لأن القرآن ليس في مقام البيان، إنما هو في مقام التشريع، وقد قلنا في محله إن مقام التشريع غير مقام البيان فقد يكون الله سبحانه أو الرسول الأعظم (ص) في مقام توضيح المطلب وهذا شيء وقد يكون في مقام إلقاء الكلام المجمل جداً.

إلا إذا كان الإمام تمسك في مورد من الموارد بالإطلاق وبالعموم فنعلم من فعل الإمام (ع) أن الإطلاق هاهنا مقصود أو هذا العموم مقصود من القرآن فقط.

أما إذا لم نعلم فلا بد من التوقف حتى إذا كانت عبارة القرآن بمقتضى العرف فيها إطلاق أو عموم أو نحو ذلك، باعتبار أن القرآن لم يأت في مقام التوضيح والبيان وإنما جاء في مقام التشريع.

بخلاف الرسول الأعظم (ص) فإنه في الرواية واقف بباب الكعبة ويعطي الأحكام.

على كل حال فالمعصومون (ع) أيضاً قد يكون كلامهم في مقام التشريع قد يكون في مقام البيان بخلاف كلام الله سبحانه فهو في مقام التشريع فقط.

فعلى هذا تمسك السيد الأعظم (رض) بإطلاق الآية الشريفة غير واضح.

logo