« قائمة الدروس
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الفقه

46/12/04

بسم الله الرحمن الرحيم

التصرف في الدار المشتركة دون إذن الشركاء/مكان المصلي /كتاب الصلاة

 

الموضوع: كتاب الصلاة/مكان المصلي /التصرف في الدار المشتركة دون إذن الشركاء

كان الكلام في الصلاة في إرث ميت عليه دين، يتوقف على أحد صور ثلاث، الصورة الأولى تصريح المالك بجواز التصرف والصلاة وغيره

الصورة الثانية عبر عنها بالفحوى والظاهر أن مقصوده (رض) من الفحوى ما يفهم من كلام المتكلم.

وقد دلت الآية الشريفة الواحدة بعد الستين من سورة النور:

﴿لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ۚ فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾

دلت بصراحة على جواز الأكل والشرب من بيوت جملة من الناس فإذا كان الأكل جائز والنوم جائز وكذلك التصرف جائز فتكون الصلاة جائزة بطريقة واضحة، هذا هو مقصود اليزدي حسب فهم خادم الطلبة.

والسيد حكيم الفقهاء (رض) أفاد أن هذا الإذن تقديري! ولكن كيف يكون إذناً تقديرياً وهو يقول: فحوى! الفحوى يعني ما خرج من فمه من كلام وأفاد أن الأكل والشرب والقيام والقعود والنوم جائز له، وفي ضمنه الصلاة أيضاً.

فالمقصود بالفحوى من كلام اليزدي (رض) ما فهم من كلام الإنسان أو من جهة تعلقه به بمقتضى الآية الشريفة، وما فهم من الجواز بسبب العلاقة إذا كان عينية أو ما ملكتكم من مفاتحه ونحو ذلك فهو جائز بحكم بمقتضى ذلك الحال لا أنه حكم شرعي تعبدي كما أفاد بعض الفقهاء (رض).

والآية لا تدل على إذن شرعي تعبدي بل يستفاد منها الجواز بمقتضى العلاقة، كذلك يقصد اليزدي أي جواز الصلاة بمقتضى ما يفهم من كلام المالك هذا مقصوده الشريف ولست أدري لمَ لمْ يتضح مطلبه (رض) على السيد حكيم الفقهاء (رض) وكذلك على سيدنا الأعظم (رض).

ومثال الفحوى أن يقول مالك البيت يجوز لك الاكل والشرب وجواز النوم والقعود فيستفاد منه الصلاة أيضاً، هذا ما افهمه من كلام اليزدي (رض).

نعم جاء الاشكال في طي كلمات السيد الأعظم (رض) وهو انه قد يكون هذا القائل يجوز لك الاكل والشرب والقيام والقعود والنوم وهو كافر يتأذى بالصلاة فلا يستفاد منه صحة الصلاة.

هذا الإشكال من السيد الأعظم (رض) غير واضح؛ لأن الظاهر أن اليزدي (رض) فهم أنه إذا لم تكن هناك قرينة على الوجود أو على العدم فنفس هذا الكلام يدل على صحة الصلاة، ويفهم أن الصلاة صحيحة إذا قال المالك للبيت يجوز لك الاكل والشرب والنوم والقيام والقعود، يفهم من هذا أن كل فعل يفعله الشخص فالمالك راضٍ به.

وأما الذي ذكره السيد الأعظم (رض) في الإشكال على السيد اليزدي من احتمال كون المالك كافراً فهذه القرينة أجنبية وهي دليل على انه لا يرضى بالصلاة.

كما نقول أنا نفهم من كلام السيد اليزدي (رض) أنه إذا كان عالماً من قبل المالك بطريق أو بآخر فهو لا يرضى بالصلاة ولا تجوز الصلاة وهو مصرح بهذا، فلما ذهب السيد الأعظم (رض) الى هذا الطريق في الاشكال على السيد اليزدي (رض)؟

ثم جر السيد الأعظم (رض) كلامه إلى ما ذكر في بعض كتب اللغة عن الفحوى، من يكون الكلام له دلالتان، دلالة ظاهرة ودلالة أخرى بطريق أولى على معنى يلازمه، وذلك مثل قوله سبحانه: ﴿ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً﴾.

فبعض الروايات دلت على أنه لو كان كنت كلمة أوضح دلالة على عدم رضا الله سبحانه غير كلمة أف لذكرها تعالى.

هكذا فهم السيد الأعظم (رض) ولكن لو كان المقصود ما فهمه الفقهاء وبعض المفسرين لكان الشتم أو أي جسارة بنحو آخر ممنوعاً بطريق أولى لكن الآية قالت:﴿ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما﴾ يعني لا تتعدَّ من الأف إلى نهرهما!

فنفس الآية دلت على منع التجاوز من كلمة أف إلى ما فوقها، فليس المقصود إذن ما قاله المفسرون، فعليه ما فهمه السيد الأعظم تبعاً لبعض المفسرين من أن المقصود من الآية أن التجاوز بأي نحو من الأنحاء لا يجوز من باب الأولى غريب جداً.

بل الآية صريحة في منع المتعارف وغير المتعارف، قال تعالى: ﴿ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيراً﴾ هذه الفقرات كلها صريحة في أن أدنى تجاوز حرام، لا كما ادعوا أن المنع بطريق أولى.

ثم مطلب آخر وهو ما أفاده اليزدي من أن الظن يكفي ثم بعد ذلك احتاط وقال لابد أن يكون الإنسان عالماً بالرضا.

وفسر البعض الظن بالظن الشخصي الذي بالمعنى المنطقي وليس كذلك بل مقصوده الشريف من الظن الاطمئنان؛ لأن القرينة في ذيل كلامه الشريف صريحة على ذلك وهو أن يكون اللفظ ظاهراً في ذلك أي يظهر منه فإذا كان الاستفادة من ظهور اللفظ فهذا هو الاطمئنان وهو حجة.

ولكنه احتاط فيما بعد بأن يكون الاعتماد على العلم دون الظن، وهذا الاحتياط منه على الظاهر بعد الفتوى احتياط استحبابي وليس احتياطاً وجوبياً.

هذا مجمل قولنا في هذا القسم يبقى القسم الثالث من أقسام جواز الصلاة في مفترض الكلام إن شاء الله.

logo