46/11/27
التصرف في الدار المشتركة دون إذن الشركاء/مكان المصلي /كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة/مكان المصلي /التصرف في الدار المشتركة دون إذن الشركاء
الكلام فيما أفاد اليزدي (رض) وقد أصر (رض) على استعمال كلمة (التصرف) بدلاً من كلمة أخرى، وقد تقدم الكلام في ذلك مفصلاً وقلنا إن التصرف هو أن يباشر الإنسان الشيء مباشرة صريحة، وإلا سمي استفادة، استيلاء، وغيرها من التعبيرات الأخرى.
وقد وقع اليزدي (رض) في هذا التسامح من جديد فقال التصرف في الدار التي يصلي فيها يعتبر فيه الإذن وقال كلمة (تصرف) وهذا غير واضح على خادمكم.
ثم إن الإذن بالاستعمال بالصلاة كما أفاد (رض) قد يكون بالإذن المباشر وقد يكون بتعبير عام وقد يكون بالفحوى، فهذه العناوين الثلاثة ذكرها (قده) وفي صورة الإذن الصريح بأن يسمح له أن يصلي أو أن يسكن فيه أو يستفيد من الدار وقال (رض) بعدم اشتراط العلم بل يكفي التعبير الذي يفيد الظن برضاه بالصلاة في هذا المكان.
مقرر بحث السيد الأعظم (رض) فسر الظن في كلام اليزدي (رض) بالظن النوعي وبهذا قد وقع في ورطة كان غنياً عنها؛ فالظن الشخصي وهو محل بحث في حجيته وأنكرنا حجية نوع الظن الشخصي في محله في الأصول.
وليس مقصود اليزدي (رض) لا الظن الشخصي ولا الظن النوعي بل المقصود به الاطمئنان، فرق بين تعبيرنا بالعلم وتعبيرنا بالظن النوعي وتعبيرنا بالاطمئنان.
فمن أين نعلم أن المصنف قصد هذا أو ذاك أو غيره، طبعاً هو لم يشترط العلم أولاً ولكن بعد ذلك احتاط، لكن استعمال الظن هاهنا مقصود به الاطمئنان لأن في كلامه (قده) أن من تعبيرات المتكلم يستفاد هذا المعنى، وهو قرينة واضحة على أن المقصود بالظن الاطمئنان وليس المقصود به الظن الشخصي أو الظن النوعي أو نحو ذلك كما أفاد مقرر بحث السيد الأعظم (رض).
وعليه فالصحيح أن السيد اليزدي (رض) بقرائن كلامه (رض) يريد من الظن لا النوعي ولا الشخصي بل الاطمئنان وكان على مقرر بحث السيد الأعظم (رض) التأمل في ذيل كلام اليزدي (رض) حيث صرح بأن الناظر في كلمات المتكلمين في اللغة العربية يفهم هذا المعنى.
ثم إنا قلنا إن استعمال كلمة تصرف تجاوز منه ومن السيد الأعظم ومن السيد الحكيم (رض) بل مقصود ها هنا المعنى العام من التصرف، أما التصرف بمعنى دقيق فقلنا إنه لا بد أن يكون استفادة مباشرة وأما استفادة من رجل الفرس ومن نعل الفرس فهو استيلاء واستفادة وليس تصرفاً وكان على اليزدي ألا يقع في هذا المحذور.
ثم هناك مشكلة أخرى قلنا السيد الأعظم (رض) اعتبر عبارة التوقيع الشريف الوارد عن الحجة (عج) ضعيفة لوجود السناني في سندها، هكذا قال السيد الأعظم (رض) في تقريرات بحثه الشريف، وهذا الكلام غير واضح لأن نفس السيد الخوئي (رض) في كتابه الرجال في الجزء السادس عشر قال إن هذا الرجل من مشايخ الصدوق (قده) وأنه أكثر الرواية عنه مترضياً عليه ومع ذلك فالسيد الأعظم لم يوثق هذا الرجل مع الأسف الشديد، رغم اعتراف سيدنا الأعظم أن الشيخ الصدوق في كتبه أكثر الرواية عنه مترضياً عليه ومع ذلك يحكم بضعف الرواية وهذا غير واضح على خادمكم.
كان عليه أن يوثق هذه الرجل بعد إقراره بأن الصدوق أكثر الرواية عنه مترضياً عليه، ولكنه توقف فيه واعتبر الرواية ضعيفة! فهذا غير واضح.
وأما بالنسبة لعبارة التوقيع:
أما ما سألت عنه من أمر الضياع التي لناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها وأداء الخراج منها وصرف ما يفضل من دخلها إلى الناحية.. فلا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه.
فمن هذا استفاد السيد الأعظم (رض) أن الإمام الثاني عشر (عج) ولي الله الأعظم اشترط الإذن، وليس المقصود به خصوص أن يقول أذنت لك بالصلاة في هذا المكان بل المقصود به ما يستفاد به الإذن لا خصوص التصريح، فكل التعبيرات يكتفى بها غالباً في مقام الإذن، وهو مناط الحل في التصرف، ولكنه لا يصلح لمعارضة ما دل على كون مناط الحل حصول طيب النفس سواء بإذن أم لا.
فكان إشكال السيد الأعظم على الرواية سنداً ومتناً.
والذي يمكن أن نلتزم به وهو أن الظن الذي ذكره اليزدي (رض) بما هو ظن لا دليل على حجيته بل مقصوده بقرينة عبارته الاطمئنان فكان عليه أن يحذف كلمة الظن ويأتي بكلمة الاطمئنان، ولكن بعد ذلك شرط أن يكون هناك علم وهذا العلم لعله من باب الاحتياط وليس من باب الفتوى.
هذا كله في القسم الأول من كلامه الشريف حيث قال إذا صرح بالإذن أو فهم من فحوى كلامه.
كلمة الفحوى جاءت في تعبيرات اللغويين بمعانٍ غير واضحة ولكن بأمثلتهم التي ذكروها يمكن أن نستفيد المعنى.
ومثلوا للفحوى بقوله تعالى: ﴿ولا تقل لهما أفٍّ﴾ ومنها يستفاد أن الضرب والشتم والإساءة إلى الوالدين أقبح جداً، فعبر عنه بالفحوى.
وتعبيرات بعض اللغويين مثل صاحب مجمع البحرين وغيره يستفاد منه أن المقصود بالفحوى ما يفهم من الكلام كما لو قال: أسمح لك أن تستفيد من بيتي، فهذا يستفاد منه أنه يجوز أن أصلي فيه.
وهذا التعبير (الفحوى) من اليزدي أوجب إغلاقاً في كلامه فالتعبير بالفحوى بالمعنى الموجود في الآية الشريفة غير واضح، وكذلك التعبير بها بمعنى المفهوم غير واضح هنا.
والمقصود بها لحن الكلام وسلوكه وخروجه والتعبيرات التي استخدمها المكلف هذه يستفاد منها أنه يرضى أن يصلي فيه مثلاً، فإذا كان المقصود من الفحوى هو هذا فهو صحيح بلا اشكال ولا ريب، وإنما الكلام في استعمال كلمة الفحوى هنا بالمعنين المتقدمين.
هذا تمام كلامنا في المسألة وللكلام بقية في القسم الثالث الذي جوز فيه الصلاة، والحمد لله رب العالمين.