« قائمة الدروس
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الفقه

46/11/22

بسم الله الرحمن الرحيم

التصرف في الدار المشتركة دون إذن الشركاء/مكان المصلي /كتاب الصلاة

 

الموضوع: كتاب الصلاة/مكان المصلي /التصرف في الدار المشتركة دون إذن الشركاء

أفاد اليزدي (رض) أن الإنسان إذا مات وعليه دين مستغرق للتركة فالصلاة في تركته غير صحيحة فيما إذا كان الدين مستغرقاً.

تقدم الكلام للمناسبة فيما بيّناه من القول بأن الميت مالك وذكرنا أنه غير واضح علينا، وإن ظهر من السيد حكيم الفقهاء (رض) بأنه لا مانع عقلاً ولا عقلائياً من ذلك، عن القول بملكية الميت، وقد قلنا إنه غير معقول أن يكون الميت مالكاً، لأن الملكية تتوقف على أن يكون الإنسان له التصرف فيما يملك من العطاء والأخذ ونحو ذلك، وفي الميت هذا المعنى غير متصور، فالتصرف إنما يكون من الوارث أو من الحاكم الشرعي والحاكم الشرعي يكون تصرفه بناءً على الولاية لا عن الملكية وأما القول بملكية الميت فهذا غير واضح.

كيفما كان أفاد اليزدي (رض) أنه إذا كان هناك دين مستغرق للتركة ولم يحصل رضا أهل الدين فلا تصح الصلاة في هذا الإرث، فحينئذٍ هل صاحب الدين يصبح مالكاً حتى لا تصح الصلاة في هذا المال الذي يكون له دين مستغرق، غير واضح؛ فإن غاية ما يثبت أن لصاحب الدين حقاً يثبت له على الإرث الذي ورثه الحي الوارث، فحينئذٍ ما الدليل على توقف التصرف على إذن صاحب الدين؟

فالمفروض أن الدائن غير مالك لهذه التركة؛ إذ لو كان مالكاً لما جاز للوارث أن يؤدي حقه من جيبه ويكون الإرث متصرفاً فيه، فليس الدائن مالكاً لهذه التركة، وإنما له حق بناءً على أن له أن يأخذ شرعأً من هذا الدين حقه ولكن هذا لا يعطيه صلاحية للملكية، بل يبقى الدائن أجنبياً عن المال ولا يكون مالكاً له.

وبعبارة واضحة قد يكون الإنسان له حق مثل حق الرهن وهذا معناه أنه شريك مع المالك في ذلك وليس الدائن شركاً مع الوارث في هذا، غاية ما هنالك أنه له دين والدين إذا أداه الورثة يكون الإرث كله إليهم ولكن ليس واجباً عليهم أن يدفعوا الحق من نفس الدين وما دام ليس واجباً عليهم ذلك فحينئذٍ القول بأن الوارث ممنوع من التصرف في هذا المال يعني بمقدار الدين غير واضح.

ولكن السيد الأعظم (رض) وكذلك حكيم الفقهاء (رض) سكتوا عن هذه النقطة.

فما أفاده اليزدي غير واضح جداً، بل تعدى (رض) إلى القول بأنه إذا لم يكن دين مستغرقاً لجميع التركة، حينئذٍ أيضاً رجح القول بأنه ليس للوارث الحق في التصرف، وهذا أوضح فساداً من السابق.

فالنتيجة أن الخلط حصل في كلمات الأعلام (رض) في هذه المسألة واعتبروا حق الدائن بمعنى له أن يأخذ حقه من التركة، وهو غير واضح فالمكلف له حق في المباحات الأصلية فهل هذا يعني أنك أصبحت مالكاً لها؟

ومختصراً فالفرق بين الحق والملك أن الملكية إضافة بين المالك والمملوك، أي بينهما علاقة، أما الحق فهو صلاحية جوزها الشارع لا أكثر ولا أقل، هل هذا يعني أنه أصبح مالكاً له؟

مادام هذا المال الذي خلفه الميت هو ملك للوارث أو ملك للميت ـ إن قلنا به كما يقول السيد حكيم الفقهاء (رض) ـ فهو متعلق حق لا أكثر، بمعنى له صلاحية أن يستوفي دينه مما خلفه الميت لا أكثر ولا أقل.

فالقول بأن المال الذي خلفه الميت فيه متعلق حق بهذا المعنى فقط ولا يكون الوارث ممنوعاً من التصرف فيه أو الصلاة فيه، والعلم عند الله والراسخين في العلم.

فما خلفه الميت إما أن باقٍ على ملك الميت ـ لو قلنا به ـ وإما خرج من ملكه وصار ملك الوارث، ففي الحالتين إبن الميت يستطيع أن يصلي في هذا المكان باعتبار أنه إما ملك والده أو ملكه فهو دائر بينهما، أما الدائن فله حق وصلاحية فقط إن امتنع الوارث عن أداء الدين أن يستوفي دينه من التركة.

فما أفاده اليزدي (رض) أعلى الله درجاته في عليين من المنع كذلك سكوت السيد الأعظم (رض) وحكيم الفقهاء (رض) عن هذا الحكم غير واضح على خادمكم، كما أن في بعض كلمات عبارته خصوصيات نتعرض لها إن شاء الله تعالى.

 

logo