46/10/29
السقف المبني على أرض مغصوبة/مكان المصلي /كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة/مكان المصلي /السقف المبني على أرض مغصوبة
لا يزال الكلام في السقف المبني على الأرض المغصوبة وقلنا إن فيه صورتين فقد يكون السقف المرفوع معتمداً على الأرض المغصوبة بأن تكون الحيطان أو الأعمدة التي يقوم عليها السقف واقعة في الأرض المغصوبة وقد لا يعتمد عليها كأن لا يكون هناك أعمدة على الأرض المغصوبة بل هي خارجة عنها.
فحكم (رض) ببطلان الصلاة في الصورة الأولى دون الثانية.
والسيد حكيم الفقهاء (رض) والسيد الأعظم فرقا بين التصرف والانتفاع واتفقا على جواز الانتفاع.
أما صاحب الجواهر فلم يفرق بين الانتفاع وبين التصرف من جهة الحكم، ورد عليه السيد حكيم الفقهاء (رض)، والسيد الأعظم لم يلتفت إلى هذا الرد، إنما فرّق بين الانتفاع والتصرف، فالسيد الأعظم (رض) يرى أن الصلاة على السقف المعتمد على الأرض المغصوبة بالحيطان أو بالأعمدة تصرف فيها.
بخلاف السيد حكيم الفقهاء (رض) فأفاد بأنه انتفاع وليس بتصرف.
صاحب الجواهر جعل الانتفاع والتصرف كليهما محرمين.
أولاً يجب علينا التفريق بين التصرف وبين الانتفاع، ثم تُّحدد المصاديق طبق المعنى الذي نفهمه من التصرف ومن الانتفاع.
فالتصرف حسب مراجعة كتب اللغة، وغريب اللغة والحديث ونحو ذلك، هو مباشرة التحريك لنفس الشيء، فالإنسان يتصرف بالطحين مثلاً يعني نفس الطحين يبيعه أو يشتريه أو يعجنه أو هكذا فهذا هو التصرف.
أما الانتفاع فهو كما عرضت بخدمتكم ظل الحائط ورائحة الوردة ونحو ذلك من الأمثلة.
كلا العظيمين السيد الأعظم والسيد حكيم الفقهاء ذكر أمثلة كثيرة للانتفاع الذي يكون حلالاً ولا يكون فيه تصرف.
والكلام في السقف المعتمد على الأرض المغصوبة؛ لأن غير المعتمد خارج عن محل الكلام، فهل الصلاة على السقف المبني المعتمد على الأرض المغصوبة تجوز أو لا؟
هناك جانب ينبغي التأمل فيه وفي كلمات الأعلام إشارة إليه، وهو أن الصلاة نفسها قد تكون تصرفاً في المغصوب، يعني شيئاً من أجزاء الصلاة ـ حسب اتفاق العلمين ـ كالسجود، فهو تصرف في الأرض باعتبار لمسها ووضع الجبهة ووضع الأعضاء السبعة من السجود عليها.
فإذن الانتفاع هو الاستفادة مما يترتب على الشيء وأما التصرف فهو تقليب وتحريك ومباشرة نفس الشيء.
وقد غفل العلمان (رض) عن جانب، النفع وهو أن الانتفاع قد يكون مباشراً وقد يكون غير مباشر، ففي قوله تعالى:
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾([1] ).
فالآية الشريفة تفرق بين النفع الذي يكون بعيداً عن الشيء والنفع الذي يكون مترتباً على الشيء مباشرة، فالمال الذي يأخذه الرابح في الميسر أجلكم الله فيه مباشرة على حركة اليد أو الفكر أو نحو ذلك، نفس اللاعب مؤثر مباشر في المال، هكذا ينتفع بالميسر، وكذلك في الخمر فالسكر هو أصل مترتب على شرب الخمر والعياذ بالله مباشرة، لا أنه مثل رائحة الخمر، أو لون الخمر بل هو أثر مباشر لشربه نعوذ بالله من ذلك.
فالآية الشريفة حرمت الأصل المترتب على الحرام إذا كان مترتباً مباشرة وهذا المعنى غفل عنه العظيمان (رض).
السيد الحكيم حكم مطلقاً بحلية الانتفاع، وحرمة التصرف مطلقاً، ولم يفرق بين الانتفاع بالأثر المترتب عليه مباشرة أو لا، هذا ما فعله حكيم الفقهاء.
قال (رض) إن المصلي على السقف المعتمد على الأرض المغصوبة منتفع بها وليس متصرفاً.
وهذا خلط بين الانتفاع المباشر وغير المباشر.
مع أنه اتفقت كلمات الفقهاء (رض) بحلية الانتفاع ولكن خادمكم يفرق بين القسمين: الانتفاع بالأثر المباشر والانتفاع بالأثر غير المباشر.
وقد تقدم الكلام في الدروس السابقة أن العلمين متفقان على أن التصرف بالفضاء ليست تصرفاً بنفس الأرض التي عليها هذا الفضاء، وخادمكم أيضاً فصل في المقام بين الفضاء المحدود الخاص وبين الفضاء البعيد المشترك.
كذلك نفصل في كلام اليزدي (رض) وإن سلمنا به في الجملة ولكنا نفصل بين أن يكون فضاءً لسقف ليس معتمد على الأرض المغصوبة وبين أن يكون فضاءً أعمدته في الأرض المغصوبة فالثاني تصرف مباشر.
فنوافق السيد الأعظم (رض) بكون تصرفاً مباشراً في الأرض المغصوبة وهو محكوم بالبطلان.
وأما الأول أي إذا لم تكن هناك أعمدة على الأرض المغصوبة فحينئذٍ هذا الفضاء إذا كان لأرض محاصرة بحدود فحينئذٍ يكون معتمداً على هذه الأرض المغصوبة، فحينئذٍ يعطي حكم الثاني.
والنتيجة أنا نوافق كلام اليزدي (رض) على نحو الإجمال في صورة اعتماد السقف على الأرض المغصوبة والحكم بجواز الصلاة إذا لم يكن فضاء الأرض محصوراً أيضاً بحدودها، ولكن نحكم ببطلانها إذا كان محصوراً بين حدود الأرض المغصوبة لأنه يكون تابعاً لها.
هذه ملاحظة في خدمة اليزدي (رض) والعلم عند الله وعند الراسخين في العلم.