« قائمة الدروس
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الفقه

46/08/24

بسم الله الرحمن الرحيم

/ مكان المصلي/كتاب الصلاة

 

الموضوع: كتاب الصلاة/ مكان المصلي/

ذكرنا أمس كلام سيدنا الأعظم (رض) في المكان وقلنا إنه خلط بين الحيز والمكان.

فالمكان كما عبر عنه أهل المعقول هو السطح الباطن للجسم الحاوي المماس للسطح الظاهر للجسم المحوي، أما الفراغ المحيط بالجسم فهو الحيز.

وعلى كل حال، فالتصرف بالحيز بحسبه (رض) ليس تصرفاً بالمكان، كما لو نفخ شخص بفضاء لا يملكه فهذا عرفاً لا يسمى تصرفاً وإن كان عقلاً كذلك.

وقد ذكرنا مراراً أن الرجوع إلى العرف في تحديد المصداق لا يصح، بل الرجوع فيها إلى العقل.

على أن دعواه غير تامة حتى بحسب العرف، فالعرف لا يقبل تصرف الناس في فضاء الآخرين.

ثم ذكر (رض) أن الصلاة عبارة عن عدة أمور: منها الحركات ومنها الهيئات ومنها التكلم، والتكلم تصرف في الفضاء وليس تصرفاً في المكان، وحينئذٍ فالساكت في المكان المغصوب والمتكلم فيه سيان عرفاً وشرعاً؛ لأن التكلم ليس تصرفاً.

ولكن على هذا كيف يصح جعل أجرة للمعلم مثلاً مع أن عمله وتدريسه تكلم، فما أفاده غير واضح حتى عرفاً.

ولذا حكم بصحة الصلاة في الفضاء المغصوب لو أن الإنسان استطاع أن يصلي فيه، وفي زماننا يمكن ذلك عبر الآلات، ولكنه غير واضح؛ فكما أن المكان لا يحق التصرف به إلا بإذن صاحبه فالحيز كذلك.

والعجيب أنه (رض) أسمى الحيز مكاناً وأباح الصلاة فيه لو كان مغصوباً.

ثم إنه (رض) ذكر أن الانحناء إلى الركوع أو السجود ليس من الصلاة، وهو غير واضح.

صحيح أنها ليست من أجزاء الصلاة ولكنها داخلة فيها، وإلا فهل يلتزم (رض) بعدم اشتراط كون هذه الانحناءات ونحوها إلى القبلة!

فهذه الانحناءات مقدمة لجزء من الصلاة وكذلك رفع الرأس للجلوس أو للقيام، وهو وإن كان لا يقول بوجوب المقدمة شرعاً ولكنه واجب عقلاً لا بد منه.

فما أفاده غير واضح، خصوصاً بعد ما بينا أن كلامه مبنيّ على تحكيم العرف في تحديد المصاديق.

فالصحيح والعلم عند الله وعند الراسخين في العلم سلام الله عليهم أن العقل هو الذي يحكم في المقام.

أما سيد حكيم الفقهاء (رض) دخل في البحث من باب آخر، بل من باب اشتراط الإباحة والطهارة في المكان.

logo