46/08/02
صلاة فاقد الساتر/شرائط لباس المصلي /كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة/شرائط لباس المصلي /صلاة فاقد الساتر
كان الكلام في المسألة التي طرحها اليزدي (رض) أي إذا كان لابساً الثوب وكان طرفه موضوعاً على الأرض لا يتحرك بحركات الصلاة، فحكم ببطلان الصلاة إذا كان حريراً أو نجساً وأما إذا كان من غير مأكول اللحم ـ وأضاف حكيم الفقهاء (رض) الذهب ـ فلا يحكم بالبطلان.
اختلفت كلمات الأعلام (رض):
فالسيد الحكيم لم يستشكل فيما إذا كان هذا المقدار مغصوباً، وأما في الباقي فحكم بما حكم به اليزدي (رض) لأنه لم يرد اشتراط ألا يكون مغصوباً في الصلاة، إنما المشكلة من جهة أنه ينافي قصد التقرب.
وقال حكيم الفقهاء (رض) أنه إذا كان كذلك، يعني إذا كان القسم الموجود على الأرض مغصوباً فحينئذٍ لا ينافي قصد التقرب، هكذا أفاد (رض).
وأما السيد الأعظم (رض) فحكم ببطلان الصلاة في النجس بالخصوص، أما إذا لم يكن نجساً وكان مغصوباً أو حريراً أو غير مأكول اللحم أو باقي الأمور التي ذكرها اليزدي (رض) فحكم (رض) بما حكم به (رض).
قلنا في الدرس السابق في خدمتكم أنه لا بد أن نراجع دليل كل واحد من هذه الشروط، أي ألا يكون مغصوباً أو حريراً محضاً والحكيم أضاف إليه ألا يكون ذهباً ولا يكون مغصوباً ولا يكون غير مأكول اللحم.
هذه الأمور خصصت في كلمات الفقهاء (رض) لأن الإنسان يبتلى بها.
إجمالاً تقدم الكلام في خدمتكم عن اللبس وقلنا اللُّبس (بضم اللام) واللَّبس (بفتح اللام) مصدران، ولكن أفعالهما مشتركة، لبَس بفتح (اللام) أو لبِس (بكسر اللام)، سواء كان مشتقاً من اللُبس أو من اللَبس.
وقلنا فيما تقدم في خدمتكم أن أفعال هذين المصدرين نغض النظر عنه؛ لأن الأفعال مشتركة.
وقلنا إن أهل غريب اللغة تكلموا ذكروا معنيين مهمين فقط، الأول الستر والثاني الخلط.
هذان المعنيان مترددان في كلمات أهل غريب اللغة، صاحب النهاية وباقي الكتب التي أُلفت في ذلك.
لست أدري لمَ غفل أصحاب غريب اللغة عن كلمة اللبس المستعملة في القرآن، قال تعالى: ﴿هن لباس لكم وأنتم لباس لهن﴾.
الظاهر والعلم عند الله وعند الراسخين في العلم أن تسميتهما بذلك؛ لأن كل واحد يخالط الآخر يعني الزوج والزوجة، فالمقصود بالمرأة هاهنا خصوص الزوجة وكذلك الرجل، فعليه يستفاد من هذا ما يختلط به الإنسان يسمى لباساً.
وعوداً إلى مطلبنا فلا شك في أن هذا المقدار الموضوع على الأرض والذي لا يتحرك، يصدق عليه أنه لابس له، وإن لم يصدق أنه ساتر.
حصل الخلط في كلمات الأعلام (رض) من جهة أنهم اعتمدوا على العرف العام في تحقيق المصداق وهذا غير واضح، مراراً قلنا إن العرف يعتمد عليه في تحديد معنى الكلمة وأما في تحديد المصداق فلا يرجع إلى العرف، بل إلى العقل.
والعمدة في المقام مناقشة الروايات التي ذكرها العلماء في هذا المعنى، والمهم هو بحثها من حيث الدلالة.
منها: الرواية الخامسة من الباب الواحد والثلاثين من أبواب النجاسات والأواني والجلود:
عن المفيد، عن محمد بن أحمد بن داود، عن أبيه، عن علي بن الحسين، ومحمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن العباس بن معروف أو غيره، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: كل ما كان على الإنسان أو معه مما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس أن يصلي فيه، وإن كان فيه قذر مثل القلنسوة والتكة والكمرة والنعل والخفين وما أشبه ذلك.
وهي من حيث السند فيها خلل من جهتين، الأولى: التردد بين عباس بن معروف وغيره.
الثانية: عمن أخبره أي أخبر ابن سنان، وهذا الخلل الثاني في السند.
ولكن مع قطع النظر عن السند ليس هناك إشكال في اعتبار طهارة الثوب ما عدا ما لا تتم الصلاة فيه وهذا ليس محل اشكال.
إنما التأمل في قوله عليه السلام: (كل ما كان على الإنسان)، هذه الجملة التي أفادها الإمام (ع) فيها عموم، والإمام عليه السلام جعل المناط لصحة الصلاة في كلامه الشريف ما كان على الإنسان أو معه، مما لا تجوز الصلاة فيه وحده، ويعني ذلك ما كان مثل مفروض الكلام نجساً فلا تصح الصلاة فيه، فحكم اليزدي (رض) ثابت في خصوص النجس.
أما ما أفاده حكيم الفقهاء (رض) من أنه لا ينطبق ما قاله اليزدي في المغصوب، بدعوى أن الممنوع من الصلاة في المغصوب منافاته لقصد القربة، فهذا غير واضح؛ لأنه منافٍ من جهة الشرط، فيشترط في اللباس أن يكون مباحاً للإنسان، لا أنه يكفي عدم منافاته لقصد القربة فقط.
وأتخيل إن نظر السيد الحكيم إلى عدم وجود مانعية في المطلوب من أي جهة أخرى بالخصوص، بل من جهة قصد القربة فقط.
أقول: إن المانعية ليست فقط في قصد القربة بل هي ثابتة في حقه إذا لم يكن مباحاً، فلابد أن يكون الساتر للإنسان في نفسه مباحاً وإلا لم تصح الصلاة فيه من هذه الجهة.
ولذلك نحكم ببطلان الصلاة من جهة أنه فاعل للحرام؛ لأنه يصلي فيه فهو لابس له، مخالط له.