« قائمة الدروس
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الفقه

46/07/11

بسم الله الرحمن الرحيم

صلاة فاقد الساتر/شرائط لباس المصلي /كتاب الصلاة

 

الموضوع: كتاب الصلاة/شرائط لباس المصلي /صلاة فاقد الساتر

لا يزال الكلام فيما إذا كانوا جماعة عراة، حكم السيد اليزدي (رض) بأن يصلوا متفرقين، ويستحب لهم الجماعة.

كلمة متفرقين في كلامه مجملة، هل يقصد بذلك أن يتباعدوا بمقدار لا يتمكن أحد من أن ينظر إلى عورة الآخر، أو أن مقصوده بمتفرقين أي غير جماعة.

فكلمة المتفرقين في كلام اليزدي مجملة، ليست واضحة.

السيد الحكيم (رض) تعرض لرواية أبي البختري، وهي الرواية الأولى من الباب الثاني والخمسين من أبواب لباس المصلي:

عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) أنه قال: من غرقت ثيابه فلا ينبغي له أن يصلي حتى يخاف ذهاب الوقت يبتغي ثياباً، فإن لم يجد صلى عرياناً جالساً يومئ إيماءً يجعل سجوده أخفض من ركوعه، فإن كانوا جماعة تباعدوا في المجالس، ثم صلوا كذلك فرادى.

وسندها: عبدالله بن جعفر الحميري في قرب الغسناد عن السندي بن محمد، وهو ثقة، عن أبي البختري، وعدة أشخاص يُكنون بكنية أبي البختري، واحد منهم اسمه سعيد بن فيروز وهذا من أصحاب أمير المؤمنين (ع)، وسعد بن عمران أو سعيد بن عمران اختلفت نسخ الرجال في اسمه، ويظهر من بعض الرجاليين أنه من أصحاب الحسين (ع) ولكن يظهر من غيرهم أنه من رواة الإمام الصادق (ع).

السيد الأعظم (رض) يقول إن المقصود بالرواية هو وهب بن وهب لا سعد ولا سعيد ولا غيرهما، وهو من أصحاب الصادق (ع) ولكن هذا لا يرفع المشكلة؛ لأن سعيد أو سعد هذا عند بعض الرجاليين أيضاً هو من رواة الإمام الصادق (ع)، كيفما كان سواء كان المذكور في الرواية هو سعد أو سعيد بن عمران أو وهب بن وهب، على كل التقادير فهو مجهول الحال، فالرواية تسقط عن الاعتبار باعتبار أن هذا الرجل لم يرد به توثيق.

وعلى كل حال فإن فسرنا الابتعاد في كلام الإمام (ع) بألا تقع عين أحد على عورة الآخر فهذا غير واضح؛ لأنه يتم إذا أغمض عينيه أو ينزلهما حتى لا يقع بصره على عورة غيره، وليس الأمر محصوراً بالابتعاد، فالتعبد في الكلام المنسوب إلى الإمام (ع) يقتضي أن نقول أنه هذا التباعد تعبدي.

وجعل السيد حكيم الفقهاء (رض) هذه الرواية دليلاً على التباعد.

ويمكن أن يكون قصد اليزدي بمنفردين يعني غير جماعة، فالصلاة قد تكون جماعة وقد تكون انفراداً فكلام اليزدي مجمل وكلام السيد الأعظم السيد حكيم الفقهاء أيضاً مجمل جداً.

والصحيح أن الرواية نقبلها ونرجعها إلى أهلها، لضعف سندها.

نعم، لو لم يكن الراوي ضعيفاً فيمكن أن يصح المعنى الذي ذكره تعبداً وهو الصلاة مبتعدين، فيكون الابتعاد حكماً تعبدياً في حق العراة أي أنهم لا يصلون متقاربين.

ثم الابتعاد وعدم النظر بالنسبة إلى الصلاة هل يكون عن قيام أو عن جلوس؟

ظاهر هذه الرواية أنها مطلقة، فبحسب هذه الرواية لا يسقط القيام عن المكلف، ففي حالة القيام يضع يده على عورته وكذلك المرأة تضع يدها على عورتها، وهذا ممكن ولكن قد قلنا إن رفع اليد للتكبيرة إما واجب كما في كلمات بعض الفقهاء ـ وهو ما احتملناه ـ أو مستحب كما يقول اليزدي (رض)، فإذا قصد الإنسان أداء هذا الواجب أو المستحب فماذا يفعل؟ فمشكل جداً أن تكون الصلاة هنا عن قيام.

وقد قرأنا في خدمتكم رواية زرارة التي عبر عنها السيد الحكيم (رض) بالمصححة والسيد الأعظم عبر عنها بالصحيحة وهي الرواية السادسة من الباب الخمسين من أبواب لباس المصلي:

محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) رجل خرج من سفينة عرياناً أو سلب ثيابه فيه لم يجد شيئاً يصلي فيه قال يصلي إيماءً أو قائماً إن كان امرأة جعلت يدها على فرجها وإن كان رجلاً وضع يده على سوءته ثم يجلسان ويوميان ولا يسجدان ولا يركعان فيبدوا خلفهما، تكون صلاتهما إيماء برؤوسهما، قال: وإن كانا في ماء أو بحر لجي لم يسجدا عليه، وموضوع عنهما التوجه فيه، يوميان في ذلك إيماء، رفعهما توجه ووضعهما.

فالذي ينبغي أن يقال إن رواية قرب الإسناد كما قلت في خدمتكم نقبلها ونرجعها إلى أهلها لما في سندها، والعمدة هي هذه الرواية المعتبرة وهي تشير إلى أن الصلاة تكون عن جلوس وليس عن قيام، وكذلك لا يكون رفع الرأس ووضعه إلا للإشارة كما قلنا في خدمتكم، ولكن ليس في الرواية شرط بأن يكون المصلون جماعة أو فرادى.

هذا تمام كلام في الجملة الأولى من كلام اليزدي (رض) وهو انهم عراة يصلون متفرقين.

ثم في حالة ما إذا أرادوا أن يصلوا جماعة روايتان في المقام معتبرتان:

إحداهما الرواية الأولى من الباب الواحد والخمسين من أبواب لباس المصلي:

عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع)، قال: سألته عن قوم صلوا جماعة وهم عراة، قال يتقدمهم الإمام بركبتيه ويصلي بهم جلوساً وهو جالس.

وثانيهما الرواية الثانية من نفس الباب، عبر عنها السيد الأعظم وكذلك الحكيم (رض) بالموثقة:

إسحاق بن عمار، قلت لأبي عبد الله (ع): قوم قطع عليهم الطريق وأخذت ثيابهم فبقوا عراة وحضرت الصلاة فكيف يصنعون؟ فقال (ع): يتقدمهم إمامهم فيجلس ويجلسون خلفه فيومئ إيماءً بالركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم.

هذه الرواية التي عمل بها حكيم الفقهاء (رض) ظاهرها التعارض بحسب الذيل مع مصححة زرارة، هناك قال لا يركعون ولا يسجدون حتى لا يبرز خلفهم، وكذا هاهنا يقول والإمام يومئ بالركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون فتقع المعارضة بين الموثقة وبين تلك الصحيحة التي دلت على أنهم لا يسجدون، فإما أن نرجح رواية زرارة باعتبار أنها رواية إسحاق موثقة وتلك صحيحة، وإما أن نقول أنه ليست العورة فقط حلقة الدبر أجلكم الله بل الإليتان أيضاً ملحقتان بالعورة فحينئذٍ السجود على وجه يكون ممنوعاً من هذه الجهة.

logo