« قائمة الدروس
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الفقه

46/07/04

بسم الله الرحمن الرحيم

صلاة فاقد الساتر/شرائط لباس المصلي /كتاب الصلاة

 

الموضوع: كتاب الصلاة/شرائط لباس المصلي /صلاة فاقد الساتر

أفاد اليزدي (رض) أنه إن لم يكن مأموناً من ناظر محترم فيجلس ويسجد وينحني للركوع والسجود بمقدار لا تبرز عورته من خلفه، وإلا فيؤمي بالرأس وإن لم يمكن ذلك فبعينيه.

ويكون الانحناء والإيماء للسجود أزيد من الركوع ويضع جبهته على شيء لغير الإشارة إليه.

السيد الأعظم (رض) اعترض بأن الاكتفاء بالانحناء لم يدل عليه أي دليل ومن هنا التزم (رض) ببطلان الصلاة إن اكتفى بالانحناء.

أما السيد حكيم الفقهاء (رض) فذكر روايات بعضها ضعيفة مثل رواية البختري وهو سعيد بن فيروز، لم يرد فيه توثيق وقالوا أنه مجهول وبعض روايات أخرى صحيحة مثل الرواية الأولى من باب الخمسين من أبواب لباس المصلي وهذه ذكر فيه لفظ الايماء.

كما أشار أيضاً إلى بعض الروايات وهي ضعيفة.

هذا ما في كلمات الأعلام (رض)، والذي ينبغي أن يقال إن الاكتفاء بلفظ الايماء في صحيحة الإمام (ع) صحيحة علي بن جعفر (رض) عن أخيه موسى بن جعفر، لا بد من الوقوف عنده:

عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليهم السلام)، قال: سألته عن الرجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقي عرياناً وحضرت الصلاة، كيف يصلي؟ قال: إن أصاب حشيشاً يستر به عورته أتم صلاته بالركوع والسجود، وإن لم يصب شيئاً يستر به عورته أومأ وهو قائم.

الراوي هو علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر فلا موجب للإغلاق ولا للتقية، الإمام موسى بن جعفر (ع) يقول صلِّ بالإيماء، ولم يفسر معنى الإيماء وطريقه.

لمَ لم يفسر، مع عدم وجود موجب لإغلاق الكلام، لا من جهة الراوي ولا من جهة المروي عنه ولا من جهة وجود أشخاص يتقى منهم.

علي بن جعفر شقيق موسى بن جعفر عليه السلام، وموسى بن جعفر هو المنبع الوحيد في الدينا كلها بين السماوات والارضين يقول يومئ ولم يفصل.

أليس كان على العظيمين السيد الأعظم (رض) و حكيم الفقهاء (رض) أن يتأملا في الرواية من هذه الجهة؟

عدم تفسير الإمام عليه السلام دليل واضح عند خادم الطلبة على أنه لا موضوعية لكيفية الايماء، فلو كان له موضوعية لبيّن الإمام عليه السلام ذلك.

كان على السيد الأعظم (رض) النظر في هذه الرواية قبل أن يحكم ببطلان الصلاة إذا اكتفى بالايماء.

روايات مختلفة أخرى غير هذه الرواية مختلفة في الايماء مثلاً الرواية السادسة من نفس هذا الباب الخمسين من أبواب لباس المصلي وقد عبروا عنها بمصححة زراره، من جهة من روى عن زراره؛ إذ فيه بعض التأمل فلذلك مصححة.

على كل حال الرواية معتبرة لدى العلماء جميعاً حسب تتبعي:

عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) رجل خرج من سفينة عرياناً أو سلب ثيابه فيه لم يجد شيئاً يصلي فيه قال يصلي إيماءً أو قائماً إن كان امرأة جعلت يدها على فرجها وإن كان رجلاً وضع يده على سوءته ثم يجلسان ويوميان ولا يسجدان ولا يركعان فيبدوا خلفهما.

كذلك هنا اكتفى عليه السلام بكلمة الايماء بدون تفصيل مع وجود إمكان ومع وجود ضرورة للتفصيل إذا كان التفصيل مقصوداً.

لم يفسر المعصوم طريق الايماء وأنت يا سيدنا الأعظم تحكم ببطلان الصلاة الذي يكتفي بالانحناء؟ هذا من أين وكيف؟

مطلب آخر سكت عنه السيدان وهو السجود على شيء مرفوع باليد، وذكروا رواية وهي ضعيفة السند وهي الرواية الحادية عشر من الباب الأول من أبواب القيام عن

إبراهيم بن أبي زياد الكرخي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء ولا يمكنه الركوع والسجود، فقال: أومئ برأسه إيماء، وإن كان له من يرفع الخمرة فليسجد فإن لم يمكنه ذلك فليومئ برأسه نحو القبلة إيماءاً...

غير واضح ما يظهر من بعضهم أنه يسجد على الخمرة، ولا أظن أن أحداً من الأعلام أفتى بذلك.

والسيد حكيم اعتبر الفقهاء هذه الرواية رداً على اليزدي (رض).

والذي ينبغي أن يقال إن هناك رواية أخرى من نفس هذا الباب وهي الرواية الخامسة:

عن سماعة: سألته، عن المريض لا يستطيع الجلوس؟ قال: فليصل وهو مضطجع، وليضع على جبهته شيئاً إذا سجد فإنه يجزي عنه، ولم يكلفه الله ما لا طاقة له به.

وهنا لم يفصل الإمام عليه السلام: (يسجد على شيء)، والحال أنه لا يصح السجود على غير الأرض، فكيف على خمرة؟!

ثم إن حكيم الفقهاء يجعل هذه الرواية شاهداً على عن ما أفاده اليزدي في نهاية كلامه أنه يضع يده، يرفع بيده ما يسجد عليه.

كان على اليزدي (رض) أن يقول يرفع بيده ما يصح السجود عليه، وليس يطلقه.

والذي ينبغي أن يقال إنه في الروايات ورد لفظ الإيماء، والإيماء من حيث اللغة عبارة عن إشارة ولم أرَ معنى آخر للإيماء.

والإشارة شيء يقوم مقام المبدل منه، الإشارة هنا شيء يقوم مقام أصل الركوع وأصل السجود وبما أن المقصود به السجود والركوع فلابد أن يكون أحدهما مختلفاً عن الآخر، وإلا كما في بعض الروايات أشار بعينه، ولم يفصل عليه السلام أيضاً.

فإشكالنا على اليزدي أن تعبيراته ليست واضحة بل بعضها مجملة.

فإذن العلم عند الله وعند الراسخون في العلم فهم اليزدي هذه النقطة التي أشرت إليها وأنه ليس في الروايات كيفية الايماء بل المقصود هو الإيماء.

والإيماء يشترط فيه أن يفهمها من أشرت إليه، وهو هاهنا الله سبحانه، فهو يفهم هذا ركوع وهذا سجود إن شاء الله تعالى، ولابد مع هذا ألا تكون الإشارة بنحو يخرج عن ماهية الصلاة مثلاً ونحو ذلك، والله الأعلم بالصواب.

logo