46/03/24
الصلاة بالإبريسم/لباس المصلي/کتاب الصلاة
الموضوع: کتاب الصلاة/لباس المصلي/ الصلاة بالإبريسم
قال المصنف (رض) أنه إذا كان طرف الثوب أو بطن الثوب حريراً فهو ممنوع، ولكن يظهر من السيد الحكيم (رض) التوقف في ذلك فيما إذا كان النصف أو أقل من نصف الثوب حريراً لأنه لا يسمى لبساً للحرير وحده فحكم (رض) بالجواز، ونُسب إلى بعض الفقهاء مثل صاحب الجواهر وغير الجواهر الحرمة.
و البحث في أمور تتعلق بما أشار إليه:
أولاً ما ذكرناه في الدرس السابق من التفرقة بين القز والإبريسم والحرير.
فالفتوى والحرمة بالروايات إنما اُستفيد إذا كان حريراً محضاً، أما إذا كان قسم من الخيوط وقسم من القطن مثلاً فهذا قد ورد في الروايات جواز الصلاة فيه، وأفتى به العلماء (رض).
وقد نبهنا في الدرس السابق إلى وورد الخلط في كلمات الرواة بين هذه الامور الثلاثة.
ثانياً في اللبس وفُسر في كلمات فقهائنا الأبرار أن يكون محيطاً بالإنسان، وأما إذا لم يكن محيطاً بل كان طرفاً للثوب، أو العمامة أو القميص، مع كون عرضه أربع أصابع تقريباً مثلاً فلا يكون لبساً.
فهل يُشترط في اللبس الإحاطة أو لا؟ فهل لبس الخاتم لا يكون إلا إذا كان محيطاً بالأصبع؟ والعمامة أيضاً فيه بالنسبة إلى الرأس، و كذا القلنسوة؟
وأما إذا لم يكن هناك إحاطة، فقد ذكرنا في الدرس السابق كلام حكيم الفقهاء بالنسبة للمحشو، واستناده إلى عدم ورود نهي خاص فيه، وحصر النهي في اللبس.
والذي ينبغي أن يقال أنه لا يشترط فيه الإحاطة؛ لأن صدق اللبس غير متوقف على الإحاطة فالإنسان قد يلبس أشياء ولا إحاطة فيها، كالعباءة مثلاً.
فإصرار السيد حكيم الفقهاء (رض) على أن اللبس لا يتحقق إلا مع الإحاطة غير واضح.
نعم في بعض الموارد تكون فيها الإحاطة مثل القلنسوة، مثل العمامة، لكن مقتضى كلامه الشريف (رض) أنه لا يصدق عليه اللبس!
ثم إنه يستفاد من رواية هارون وهي الرواية الحادية عشر من الباب الحادي عشر من أبواب لباس المصلي:
هارون بن مسلم وهو محل إشكال؛ لأن الرجاليين المدققين سكتوا عن حاله، عن مسعد بن صدقة وهو ثقة، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهاهم عن سبع: منها لباس الإستبرق والحرير والقز والأرجوان .
هذه الرواية مع قطع النظر عن السند تدل على حرمة القز أيضاً، وهذه رواية فيها الاستبرق والحرير والقز والأرجوان، وهي أسماء أمور بعضها عربية وبعضها غير عربية فالحرير والقز وأيضاً مشمول بالنهي في هذه الرواية.
فالنتيجة أن القول بالجواز ـ كما يظهر من السيد حكيم الفقهاء (رض) وخالف صاحب الجواهر في ذلك ـ إذا كان بعض ثوبه النصف الأسفل أو الأعلى أو اليمين أو اليسار أو الخلف أو الأمام أو بعض الخلف وبعض الأمام لا يشترط فيه الإحاطة كما فهمه السيد حكيم الفقهاء (رض).
فصدق اللبس أن يكون شيء على جسم الإنسان سواء كان هناك إحاطة أو لا، يكفي أن تكون على الجسم يكفي ذلك أن يكون ليصدق عليه عنوان اللبس، فدعوى حكيم الفقهاء جداً غير واضحة.
ولكن نلتزم بأنه إذا كان مشتقات هذه الدودة لا يجوز للإنسان أن يجعله جزءاً من لباسه.
نعم يمكن أن يكون حشو ما يقعد عليه وما ينام عليه؛ فإنه لا مانع من ذلك.
ولذلك في الروايات وردت كلمة اللبس مطلقاً، فالرواية الأولى من الباب الحادي عشر مع قطع النظر بعضها سندها قال : سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) هل يصلي الرجل في ثوب إبريسم؟ فقال: لا.
لم يذكر أن الثوب محيط أو لا بل مطلق الثوب، وهذا دليل لخادمكم.
وأما في الرواية الثانية عن محمد بن عبد الجبار قال : كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) أسأله هل يصلى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج؟ فكتب (عليه السلام): لا تحل الصلاة في حرير محض.
فالقلنسوة وما نحو ذلك فيها شيء من الإحاطة ولكن في الرواية سابقة قال هل يصلي الرجل في ثوب إبريسم ولم يذكر فيه كلمة أنه محيط أو ليس محيطاً.
وكذلك الرواية ثالثة مع قطع النظر عن السند، عن أبان بن أحمد عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: لا يصلح لباس الحرير والديباج.
لا يصلح مطلقاً سواء كان محيطاً بالجسم أو ليس محيطاً بالجسم، وهذه الرواية الثالثة تجعل الإبريسم والقز على حد سواء، وبما أنه ذكر في المنهيات أحدهما فكلاهما يكون منهياً عنه.
وكذلك ورد في الرواية الخامسة من الباب الحادي عشر:
أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام): إني أحب لك ما أحب لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي فلا تختم بخاتم ذهب.، إلى أن قال - ولا تلبس الحرير فيحرق الله جلدك يوم تلقاه.
صحيح أن الخاتم فيه إحاطة ولكن الحرير لم يذكر فيه الإحاطة.
فاللبس شيء والاحاطة شيء آخر.
وأما الرواية سابعة عن عدة من أصحابنا علي بن أسباط عن أبي الحسن عن أبي حامد قال عن أبي الحارث قال : سألت الرضا (عليه السلام) هل يصلي الرجل في ثوب إبريسم، قال: لا.
لم يذكر فيها كون الثوب محيطاً أو لا، إنما ذكر الثوب مطلقاً وقد منعه المعصوم (ع).
وأما الرواية الثامنة وهي معتبرة:
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) - في حديث - قال: وعن الثوب يكون علمه ديباجاً؟ قال: لا يصلي فيه.
علم أي يجعل فيه علامة أو نحو ذلك عليه، قال (ع) لا يصلى فيه.
فالنتيجة الحكم تعبدي محض جداً جداً، وتفسير اللبس تفسير في كلمات فقهائنا بالإحاطة جداً ليس واضحاً سواء كانت هناك إحاطة أو لا.