46/03/10
صلاة الخنثى المشكل بالحرير/شرائط لباس المصلي /كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة/شرائط لباس المصلي / صلاة الخنثى المشكل بالحرير
ذكرنا فيما مضى أن حكيم الفقهاء والسيد الأعظم (رض) ذهبا إلى اجتناب الخنثى ما يخص الرجل وما يخص المرأة، وعمدة ما تمسكا به هو الاحتياط.
والذي ينبغي أن يقال:
قد قررنا في بحث العلم الإجمالي في علم الأصول مفصلاً، أن يشترط في تحقق الامتثال أن يكون المصداق الذي يرتكبه المكلف بعيداً عن إطلاق الحرمة وإطلاق الوجوب، فيرتكب ما يرتكبه في صورة العلم، سواء كان للوجوب أو للحرمة.
يشترط في تحقق الامتثال أمران أساسيان وغيرهما من الأمور:
الأول أن يعلم المكلف متعلق التكليف، هل هو تكليف بالحرمة أو تكليف بالوجوب.
والثاني أن يعلم بأن ما في يديه من المصداق هو مصداق لذلك الحكم الشرعي المعلوم ثبوته.
وهذان الأمران لا يمكن تحققهما في صورة العلم الإجمالي.
فلو كان أمامه كأسان أحدهما خل والآخر خمر، ويعلم أن الخل حلال والخمر حرام، ولكنه يجهل أيهما الخل وأيهما الخمر.
فلو شرب أحد الكأسين بحيث لم يستطع تمييزهما من جهة الطعم والرائحة، فحينئذٍ يحتمل أن يكون ارتكب محرماً، ويحتمل ألا يكون ارتكبه.
فكلا الأمرين لم يتحقق، وبهذا المعنى دافع الأعلام عن اليزدي (رض) في فتواه في صحة لبس الحرير للخنثى المشكل والصلاة فيه.
ولكن ينبغي التفصيل في المقام، فقد يكون العلم الإجمالي مقارناً كما مثلنا بالخل والخمر، والحكم العقلي يأمر اجتنابهما معاً في مقام تحقق امتثال أمر المولى عز وجل.
ولكن الالتزام به على إطلاقها مشكل، ففي مثال آخر لو علمنا بوجود قصاب في النجف الأشرف يبيع الميتة دون أن نعلم من هو، فهل يصح عقلائياً منع المكلف من اللحم في كل النجف؟ فالاختلاف بين المثال والآخر هو قوة احتمال الوقوع بالحرام واحتمال عدم الوقوع.
فإذا اعتقد العقلاء بقوة احتمال الوقوع بالحرام حكموا بلزوم الاجتناب لكل الأطراف، وإذا حكم العقلاء بضعف احتمال الوقوع بالحرام حكموا بصحة ارتكاب الأطراف.
وكذلك الكلام في قوة احتمال الوقوع في المكروه.
فكلام السيدين العظيمين (رض) على إطلاقه ليس واضحاً، وكذلك كلام السيد اليزدي، وإن كنا نوافق السيدين في جانب الحرمة في هذه القصية، ولكن لو تغير المثال كما مثلنا بقضية القصاب، لا يمكن موافقتهما.
فالمسألة مسألة عقلائية لا عقلية كما قد يظهر من كلمات السيدين (رض) وقد التزمنا بالتفصيل كما بينا.
هذا بالنسبة للحرير المحض، وأما الحرير الممتزج فالكلام في جواز لبسه وعدمه، وفي المقام روايتان معتبرتان:
الأولى وهي الأولى من الباب الثالث عشر من أبواب لباس المصلي:
عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سأل الحسين بن قياما أبا الحسن (عليه السلام) عن الثوب الملحم بالقز والقطن والقز أكثر من النصف، أيصلي فيه؟ قال: لا بأس، قد كان لأبي الحسن (عليه السلام) منه جبات.
وكذلك الرواية الرابعة من نفس الباب:
عن إسماعيل بن الفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الثوب يكون فيه الحرير، فقال: إن كان فيه خلط فلا بأس.
وكلاهما معتبر سنداً.
فما كانت مصداقيته تامة عند العقلاء بحيث يسمونه حريراً كان حراماً.