الموضوع: لباس المصلي: الصلاة في المشكوك بكونه من مأكول اللحم

لا يزال الكلام في استدلال صاحب الحدائق (رض) في المقام حيث أفتى بصحة الصلاة في الثوب المشكوك.

وبيّنا ما أفاده السيد الأعظم (رض).

ولكن الصحيح والعلم عند الله والراسخين في العلم أنه لا يصح التمسك بأصالة الحل في المقام أبداً.

وبيان ذلك أن الأحكام الشرعية غير اعتباطية كما يقول به الأشاعرة وبعض المعتزلة، بل هي خاضعة للمصالح والمفاسد، سواء قلنا إن هذه المصالح والمفاسد في نفس الأحكام ـ كما رجحناه في محله ـ أو متعلقاتها.

مع أنّا قد بينا في محله أن لا يعقل أن تكون في متعلقات الأحكام؛ لما يلزم منه خضوع المولى لإرادة العبد وذلك لا يتحقق بالمولى الحقيقي.

فتوجيه المولى للعبد الأمر بالإتيان بالماء مقدمة لتحقق تلذذه بالماء، وهذا المعنى إنما يتصور في المولى العرفي، أما المولى الحقيقي فلا.

فلا يتصور أن تلذذ العبد بنعيم الجنة غاية لتكليفات المولى الحقيقي، لأن الغاية أشرف من الفعل، فلا يعقل أن تكون راحة العبد غاية لفعل المولى في تشريعه.

وعلى كل حال تفصيل البحث في محله.

وكذا نعلم أن الأحكام الشرعية قسمان:

الأول يكون فيه المصب وجود الفعل، كالأمر بالصلاة والصوم والحج.

والثاني يكون المقصود به علم الفعل، كالمحرمات الإلهية.

سواء كان القسم الأول مع جواز ترك الفعل كالمستحبات أم لا.

وسواء كان القسم الثاني مع جواز الإتيان كالمكروهات أم لا.

ففي القسم الأول لا يعقل ان يكون العبد ممتثلاً إلا بإحراز أن ما أتى به كان مطلوباً للمولى.

والفعل المتحقق في الخارج مصداق لما هو مطلوب من العبد.

ولكن الشارع المقدس من عطفه على العباد ورحمته بهم لا يؤاخذ العبد إلا إذا ارتكب المحرم مع علمه بكونه محرماً، أما مع جهله بالحرمة من حيث الحكم أو المصداق فالشارع لا يؤاخذه؛ رحمةً به.

فلا يستحق العبد المؤاخذة إلا مع علمه بالحرمة.

فقوله عليه السلام كل شيء لك حلال، ناظر إلى هذا القسم من الأحكام المطلوب فيها ترك الفعل.

أما في الأحكام المطلوب فيها إيجاد الفعل، فلا يصح التمسك بأصالة الحل بل لا بد من إحراز تحقق المأمور به.

وعودة إلى البحث فإذا صلى بما هو مشكوك، فلا يكون قد أتى بحرام بل لم يأتِ بما هو مطلوب منه ولا يتصور هنا التمسك بأصالة الحل.

ففي المقام شك في المصداق وفي المأمور به، فلا يصح التمسك بأصالة الحل بناءً على ما قررناه.

فتحصل مما قدمنا أن استدلال صاحب الحدائق (رض) غير واضح وكذلك اعتراضات السيد الأعظم (رض) عليه.