< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

44/07/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فقه الطهارة- المطهرات- الماء- ولوغ الکلب فی المشکوك ظرفیته.

 

قال الماتن: «مسألة 15: إذا شكّ‌ في متنجّس أنّه من الظروف حتّى يعتبر غسله ثلاث مرّات، أو غيره حتّى يكفي فيه المرّة فالظاهر كفاية المرّة[1]

ذکر سیدنا الحکیم فی ذیل قول الماتن: ان الشك فی کون المتنجس ظرفاً او غیر ظرف إما من جهة الشبهة المفهومية فاللازم فیها وجوب الاقتصار على المتيقن عند إجمال المقيّد و تردده بين الأقل و الأكثر، و يكون المرجع في الفرد المشكوك هو المطلق، و هو ما دل على كفاية المرة مطلقاً، علی ما عرفت من إطلاق أدلته. و أما في الشبهة المصداقية فلأصالة عدم كونه من الظروف، المنقح لموضوع العام، بناءً على أن موضوعه بعد الجمع بينه و بين الخاص كل فرد لا ينطبق عليه عنوان الخاص. أما بناءً على عدم اقتضائه ذلك، بل مجرد ثبوت حكم الخاص لأفراده الواقعية، و بقاء ما عداه تحت حكم العام، أو امتنع جريان الأصل المذكور، لعدم الحالة السابقة، و قلنا بعدم جريان الأصل في العدم الأزلي، فحينئذ يدور الأمر في حكم الفرد المشکوك بين حكم العام و حكم الخاص، فالمرجع استصحاب النجاسة لا غير. نعم بناء على عدم العموم اللفظي، و استفادة الحكم العام من جهة عدم القول بالفصل، يشكل الحكم، و لو بناءً‌ على الرجوع إلى العام في الشبهة المصداقية.[2] انتهی.

کلام السید الحکیم مبتن علی عدة من الامور ینبغی ذکرها یمزید فهم الطلاب الاعزاء؛

الأول: ان شبهة الظرفیة قد تکون لأجل الشك فی مفهومه من جهة السعة الشاملة لمثل القربة و المطهرة و الحب الکبیر و اشباهها او اختصاص مفهومه بمثل الآنیة المستعملة فی المنازل للأکل و الشرب و نحوهما و علیه یکون مثل الحب الذی یخزن فیه الماء مردداً من جهة مفهوم الظرف. و أما الشبهة الموضوعیة کما اذا فرضنا انکسار الظرف فلم یعلم ان الباقی کان من الظرف عرفاً أو کان من غیر الظرف، أو فرضنا الشك من جهة الظلمة أو العمی بحیث لا یتحیز انه ظرف او امر خارج عن دائرة الظروف.

الثانی: ان العام الذی ورد علیه المخصّص او المطلق الذی ورد علیه المقید اذا اشتبه فرد من جهة المصداق بین کونه من افراد الخاص او لیس من افراده، فالمشهور عدم جواز التمسک بالعام لإجراء حکمه علیه، لأن العام بعد التخصیص تختص حجیته بما عدا الخاص، فالفرد المشکوك المحتمل لكونه من الخاص أو من أفراد العام بوصف انه حجة لم یحرز دخوله تحت العام المعنون بما سوی الخاص و لکن السید الماتن حسب اعتراف جمع منهم شیخنا الحلی حکم بجریان حکم العام علی الفرد المشکوك. و فی ما نحن فیه حیث ان المطلقات الواردة فی کفایة غسل المتنجس بالغسل مرة واحدة من دون حاجة الی التعدد کثیرة حسبما تقدم الکلام فیها. و قد خرج منها الأوانی حیث تحتاج طهارتها إلی تعدد الغسل فالمشکوك ظرفیته مصداقاً یدخل تحت العام –حسبما یراه مثل المصنف- فیحکم علیه بغسل واحد و لا یدخل تحته عند المشهور فیکون المرجع هو الاصل العملی کالاستصحاب ای استصحاب النجاسة الی ان غسل مرات حتی حصل العلم بطهارته.

و أما اذا کان الشك و التردید لأجل الشبهة المفهومیة بحیث یتردد بین الأقل و الأکثر فقد یقال بحجیة العام فی ما سوی الأقل لأن العام بنفسه حجة و لایرفع الید عن حجیة الا بحجة أقوی، و عند دوران الأمر فی الخاص بین الأقل و الأکثر فحجیة الخاص المتیقنة خصوص الأقل دون الزائد علی الأقل و علیه یکون عموم أدلة الغسل الواحد، حجة فی غیر الظرف المتیقن ظرفیته، و هو الأقل، ففی ما شك فی کونه ظرفاً ام لا، یکون العام حجة فیکتفی فی طهارته بالغسل الواحد. و علیه فمثل الحب الکبیر الذی یشك فی صدق الآنیة علیه یحکم بکفایة الغسل الواحد عند تنجسه.

الثالث: انه هل یمکن التمسك باستصحاب عدم حصول الظرفیة عند الشك فی صنع شیء بعنوان الظرف أم لا، ربما یقال: ان الظروف مصنوعة من المواد الأولیة کالرصاص أو الفضة أو التراب و نحوها. فکل ظرف مسبوق بعدم ثبوت هیئة الظرفیة له قبل صنعه ظرفاً. فیجری فیه استصحاب عدم صیرورة المادة الأولیة ظرفاً عند الشك فی صنعه آنیة أو ظرفاً، فیکون من استصحاب العدم النعتی.

و قد یتفق عدم سبق المشکوك بالمادة الأولیة فیکون اتصافه بالظرفیة مشکوکاً من اول الأمر فهل یجری فیه استصحاب العدم الأزلی کاستصحاب عدم القرشیة فی المرأة المشکوکة أم لا فیه کلام ذهب إلی جریانه جمع منهم السید الماتن و سیدنا الأستاد.

اذا عرفت هذه الأمور تعرف مستند کلام السید الحکیم و غیره من الأعلام فی المقام و منهم سیدنا الأستاد فانه أفتی فی الشبهة المفهومیة بالاکتفاء بغسل المشتبه مرة واحدة تمسکاً بإطلاق أو عموم ما دل علی کفایة الغسل الصادق علی المرة کقوله علیه السلام فی موثقة عمار «وَ يَغْسِلَ‌ كُلَّ‌ مَا أَصَابَهُ‌ ذَلِكَ‌ الْمَاءُ‌»[3] [4] لأن القدر المتیقن فی تقییده انما هو ما صدق علیه الإناء جزماً لما عرفت من أن العام بعد ورود التخصیص علیه تختص حجیته بمفهوم العام المتصف بعدم عنوان الخاص بلا فرق بین العمومات أو الإطلاقات اللفظیة أو غیرها و مع الشک لم یقم دلیل علی خروج المشکوك عن تحته کما انه افتی فی الشبهة المصداقیة ایضاً بالاکتفاء بالغسل مرة واحدة لا من جهة صحة التمسك بالعام فی الشبهة المصداقیة، کما نسب الی السید الماتن، بل من جهة التمسك باستصحاب عدم صفة الظرفیة بالعدم النعتی و معه لا مجال للرجوع الی استصحاب النجاسة بعد الغسل مرة واحدة، لتقدم الأصل الأول علیه کتقدم الأصل الموضوعی علی الأصل الحکمی، فتدبر.

المصادر

    1. العروة الوثقی (عدة من الفقهاء، جامعة المدرسين)، طب‌اطب‌ای‌ی ی‌زدی، الس‌ی‌د م‌ح‌م‌د ک‌اظم‌ بن عبد العظیم، المتوفی ۱۳۳۷ ه.ق. جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم، مؤسسة النشر الإسلامی، ۱۴۲۱ ه.ق. عدد الأجزاء: 6.

    2. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، حر عاملی ال‌م‌ش‌غ‌ری، محمد بن حسن، المتوفی ۱۱۰۴ ه.ق. مؤسسة آل البیت لاحیاء التراث بقم، ۱۴۱۶ ه.ق. عدد الأجزاء: 30.

    3. مستمسك العروة الوثقی، ح‌ک‌ی‌م، السید محسن، المتوفی ۱۳۹۰ ه.ق. دار التفسير بقم، ۱۳۷۴ ه.ش. عدد الأجزاء: 14.


[4] مُحَمَّدُ بْنُ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ الْحُسَيْنِ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ عَمَّارِ بْنِ‌ مُوسَى السَّابَاطِيِّ‌: أَنَّهُ‌ سَأَلَ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنْ‌ رَجُلٍ‌ يَجِدُ فِي إِنَائِهِ‌ فَأْرَةً‌ وَ قَدْ تَوَضَّأَ مِنْ‌ ذَلِكَ‌ الْإِنَاءِ‌ مِرَاراً أَوِ اغْتَسَلَ‌ مِنْهُ‌ أَوْ غَسَلَ‌ ثِيَابَهُ‌ وَ قَدْ كَانَتِ‌ الْفَأْرَةُ‌ مُتَسَلِّخَةً‌. فَقَالَ:‌ إِنْ‌ كَانَ‌ رَآهَا فِي الْإِنَاءِ‌ قَبْلَ‌ أَنْ‌ يَغْتَسِلَ‌ أَوْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يَغْسِلَ‌ ثِيَابَهُ‌ ثُمَّ‌ فَعَلَ‌ ذَلِكَ‌ بَعْدَ مَا رَآهَا فِي الْإِنَاءِ‌ فَعَلَيْهِ‌ أَنْ‌ يَغْسِلَ‌ ثِيَابَهُ‌ وَ يَغْسِلَ‌ كُلَّ‌ مَا أَصَابَهُ‌ ذَلِكَ‌ الْمَاءُ‌ وَ يُعِيدَ الْوُضُوءَ‌ وَ الصَّلاَةَ‌ وَ إِنْ‌ كَانَ‌ إِنَّمَا رَآهَا بَعْدَ مَا فَرَغَ‌ مِنْ‌ ذَلِكَ‌ وَ فَعَلَهُ‌ فَلاَ يَمَسَّ‌ مِنْ‌ ذَلِكَ‌ الْمَاءِ‌ شَيْئاً وَ لَيْسَ‌ عَلَيْهِ‌ شَيْ‌ءٌ‌ لِأَنَّهُ‌ لاَ يَعْلَمُ‌ مَتَى سَقَطَتْ‌ فِيهِ‌. ثُمَّ‌ قَالَ:‌ لَعَلَّهُ‌ أَنْ‌ يَكُونَ‌ إِنَّمَا سَقَطَتْ‌ فِيهِ‌ تِلْكَ‌ السَّاعَةَ‌ الَّتِي رَآهَا. وَ رَوَاهُ‌ اَلشَّيْخُ‌ بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ عَمَّارِ بْنِ‌ مُوسَى، مِثْلَهُ‌ وَ رَوَاهُ‌ أَيْضاً بِإِسْنَادِهِ‌ عَنْ‌ إِسْحَاقَ‌ بْنِ‌ عَمَّارٍ، مِثْلَهُ‌.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo