46/06/21
بسم الله الرحمن الرحیم
تحریر محل البحث/تعقب العامّ بضمیر یرجع إلی بعض أفراده /العامّ والخاصّ
الموضوع: العامّ والخاصّ/تعقب العامّ بضمیر یرجع إلی بعض أفراده /تحریر محل البحث
متن الکفایة:
فصل
هل تعقب العام بضمير يرجع إلى بعضٍ أفراده ، يوجب تخصيصه به أو لا؟ فيه خلاف بين الأعلام.
وليكن محلّ الخلاف ما إذا وقعا في كلامين ، أو في كلام واحد مع استقلال العام بما حكم عليه في الكلام ، كما في قوله تبارك وتعالى: ﴿والمطلقات يتربصن﴾ إلى قوله ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ﴾ وأما ما إذا كان مثل : والمطلقات ازواجهن احق بردهن ، فلا شبهة في تخصيصه به.[1]
قوله: «فصل»
الفصل التاسع: تعقبُ العامِّ بضمیرٍ راجعٍ إلى بعض مدلولِه
هذا البحث یعدّ من جملةِ المباحثِ المتعلقةِ بأحوالِ العامِّ والخاصِّ، والمطلقِ والمقیدِ، و کان رائجا منذ القدم في کتبِ أصولِ الفقهِ لدى العامّةِ والخاصّةِ.
محلُّ النزاعِ في ما نحنُ فيه هو: إذا ورد کلامٌ عامٌّ، مثل قوله: "أکرم العلماءَ"، ثم أُتيَ بجملةٍ مستقلّةٍ أو وردتْ في نفس السیاقِ ولکن على صورةٍ مستقلّةٍ جملةٌ تتضمّن ضمیرًا یرجعُ إلى بعض أفرادِ العامِّ - کما في قولنا: "أکرم خدّامهم" على فرضِ أنّ الضمیرَ یرجعُ إلى علماءِ الفقهِ - فهل رجوعُ الضمیرِ إلى بعض أفرادِ العامِّ یُوجب تخصیصَه أم لا؟ ومن هنا یقول المصنّفُ في ما نحنُ فیه: "هل تعقّبُ العامِّ بضمیرٍ یرجعُ إلى بعض أفراده یوجبُ تخصیصَه أم لا؟". فی هذه المسألةِ خلافٌ بین الأعلامِ.
فائدتان
الفائدة الأولى:
کما ذُکر، إنّ هذا البحثَ یجري في حالِ وجودِ جملتین مستقلّتین؛ بمعنی أنّه بعد انعقادِ ظهورِ العمومِ في الجملةِ الأولى، ومع ورودِ الجملةِ الثانیةِ - أي دلیلٍ خاصٍّ - یُطرح هذا السؤالُ: هل یلزمُ رفعُ الیدِ عن عمومیةِ الجملةِ الأولى بسبب الجملةِ الثانیةِ، فتصبحُ الجملةُ الأولى مختصّةً ببعضِ أفرادِ العامِّ؟ أم تبقى الجملةُ الأولى على عمومیّتِها، ویُحمل الضمیرُ في الجملةِ الثانیةِ على الاستخدامِ، وهو نوعٌ من المجازِ اللفظيِّ؟
ومثالُ ذلک قوله تعالی في آیةِ 228 من سورةِ البقرة: ﴿والمطلقات یتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء﴾، حیثُ إنّ العدّة في جمیعِ أنواعِ الطلاقِ ثابتة – سواء کان الطلاق رجعیّاً أم بائناً - ثم قال عزّ وجلّ: ﴿وبعولتهن أحقّ بردّهن﴾، وهذا الجزءُ خاصٌّ بالطلاقِ الرجعيِّ، الذی یُعدُّ من بعض مدلولِ العامِّ السابقِ.
وبناءً على ذلک، فإن کان الموضوعُ العامّ والضمیرُ قد وردا في سیاقِ جملةٍ واحدةٍ - کقولنا: "والمطلقات أزواجهن أحقّ بردّهن" - فلا مجالَ للبحثِ هنا، إذ من الواضحِ أنّ المرادَ من العامِّ هو خصوصُ الأفرادِ المقصودةِ في الحکمِ. ولهذا یقول المصنّفُ بعد بیان محلِّ النزاعِ بشکلٍ إجماليٍّ: «ولکن محلُّ الخلافِ ما إذا وقعا في کلامین أو في کلامٍ واحدٍ مع استقلالِ العامِّ بالحکم علیه في السیاقِ، کما في قوله تعالی: "والمطلقات یتربصن... وبعولتهن أحقّ بردّهن". وأما إذا کان کقوله: "والمطلقات أزواجهن أحقّ بردّهن" فلا شبهةَ في تخصیصه به.
الفائدة الثانیة:
إنّ هذا البحثَ یطرح کثیراً في کتبِ الأصولِ، خصوصًا في کتب أصولِ الإمامیةِ، فیما یتعلّقُ بالضمیرِ. ولکنّ محلّ النزاع، -کما قد صرّح بعض الأصولیین- یتعدّى الضمیرَ ویشمل أيَّ دلیلٍ یُقیّد العامَّ، سواءٌ أکان یشتملُ على ضمیرٍ أم کان صفةً أو استثناءً أو دلیلًا آخرَ من المقیدات.ولذا یقول في تحریر محل النزاع "المروزيّ" من علماء العامّةِ في کتابه الأصوليِّ "قواطع الأدلة في الأصول"«فصلٌ: إذا ورد عقبَ العمومِ تقییدٌ بشرطٍ أو باستثناءٍ أو صفةٍ أو حکمٍ، وکان ذلک لا یتأتی إلا في بعضِ ما تناوله العمومُ، فالمذهبُ أنّه لا یجبُ أن یکونَ المرادُ بالعمومِ تلکَ الأشياءَ فقط. وذهب بعضُ الأصولیین إلى التوقفِ، وهو اختیارُ أبي الحسین البصريِّ صاحبِ المعتمدِ.»[2]