46/05/16
بسم الله الرحمن الرحیم
المقام الأوّل: في لزوم الفحص/الفصل السادس: حجیّة العامّ قبل الفحص /العامّ والخاصّ
الموضوع: العامّ والخاصّ/الفصل السادس: حجیّة العامّ قبل الفحص /المقام الأوّل: في لزوم الفحص
متن الکفایة:
والذي ينبغي أن يكون محلّ الكلام في المقام ، إنّه هل يكون أصالة العموم متبعة مطلقاً أو بعد الفحص عن المخصص واليأس عن الظفر به؟ بعد الفراغ عن اعتبارها بالخصوص في الجملة ، من باب الظن النوعي للمشافه وغيره ، ما لم يعلم بتخصيصه تفصيلا ، ولم يكن من أطراف ما علم تخصيصه إجمالاً ، وعليه فلا مجال لغير واحد مما استدل به على عدم جواز العمل به قبل الفحص والياس.[1]
النکتة الثانیة:
إنّ البحث فی المقام مبنيّ على قبول حجّیة أصالة العموم باعتبارِ أمارة من الأمارات من جهة حصول الظنّ النوعي -کما هو الحال فی سائر الأمارات المستندة إلى الظنّ النوعی- لا من جهة حصول الظنّ الشخصی. بمعنى أنّه لما کان الدلیل العام یُحدث ــ فی الغالب ــ لدى العقلاء الظنّ بإرادة العموم ویعملون على وفقه، فأصالة العموم تصبح حجّة استناداً إلى هذه السیرة العقلائیة.
وبناءً علیه، إنّ حجّیة أصالة العموم لا تتوقّف على تحقّق الظنّ الشخصی، وإذا کان الشخص یعتقد بأنّ حجّیة أصالة العموم مشروطة بحصول الظنّ الشخصی، فالبحث فی ما نحن فیه لا یُطرح بالنسبة إلیه، لأنّه وفقاً لمعتقده، یصبح الفحص ضروریاً لتحصیل الظنّ الشخصی، ولا یبقى مجال للنزاع. ولهذا یقول المصنّف(رحمه الله) بعد بیان تحریر محلّ النزاع: «من باب الظنّ النوعی.»
النکتة الثالثة:
إنّ البحث هنا مبنيّ على قبول حجّیة أصالة العموم بالنسبة إلی المشافهین وغیر المشافهین على حدّ سواء، یعني کلّ من الذین خوطبوا بـــ"أکرم کلّ عالم" مباشرة، والذین لم یُخاطبوا بهذا الخطاب مباشرة، یجوز لهم التمسّک بأصالة العموم، وتکون حجّیته شاملة للجمیع.
وبناءً علیه، إنّ من یعتقد بأنّ حجّیة أصالة العموم مختصّة بالمشافهین دون غیرهم، لا یُطرح البحث فی ما نحن فیه بالنسبة إلیه. ولهذا یقول المصنّف(رحمه الله) : «للمشافه وغیره».
النکتة الرابعة:
إنّ البحث مبنيّ على قبول حجّیة أصالة العموم فی حال عدم العلم التفصیلی أو العلم الإجمالی بوجود مخصّص، ففی حال العلم التفصیلی أو الإجمالی بوجود مخصّص لخطاب "أکرم کلّ عالم" دون العلم بتفاصیل ذلک المخصّص، لا تکون أصالة العموم حجّة، ولا یُمکن التمسّک بها.
وعلیه، إنّ البحث في ما نحن فیه لا یُطرح فی حال وجود العلم التفصیلی أو الإجمالی بوجود مخصّص، إذ فی مثل هذه الحالة لا تکون أصالة العموم حجّة من الأساس، ولا یبقى مجال للبحث حول الفحص أو عدمه. ولهذا یقول المصنّف(رحمه الله) : «ما لم یُعلم بتخصیصه تفصیلاً ولم یکن من أطراف ما عُلم بتخصیصه إجمالاً».
قوله: «وعلیه فلا مجال»
استناداً إلى النقاط المتقدّمة، یتبیّن أنّ بعض الاستدلالات المطروحة لإثبات لزوم الفحص فی ما نحن فیه، خارجة عن محلّ النزاع، ولا یمکن الاحتجاج بها. ولهذا یقول المصنّف(رحمه الله) : «وعلیه فلا مجال لغیر واحد مما استُدلّ به على عدم جواز العمل به قبل الفحص والیأس.»
توضیح المطلب:
إنّ بعض العلماء استدلّوا على لزوم الفحص بهذا البیان: إنّ أصالة العموم تُستعمل لکشف المراد الجدّی للمتکلّم، لأنّه ما لم یتحقّق العلم أو الظنّ بالمراد الجدّی للشارع، لا یُعدّ العمل على وفقه طاعة حقیقیة. ومن الواضح أنّه قبل الفحص لا یتحقّق الظنّ بالمراد الجدّی، ومن ثمّ تکون حجّیة أصالة العموم متوقّفة على الفحص.
ولکنّ هذا الاستدلال لا یکون صحیحاً إلا إذا کانت حجّیة أصالة العموم مبنیّة على الظنّ الشخصی والفعلی، بینما أوضحنا أنّ حجّیتها مستندة إلى الظنّ النوعی لا الشخصی.[2]