درس رسائل استاد حمیدرضا آلوستانی
بخش1
95/11/16
بسم الله الرحمن الرحیم
4هذا كلّه[1] ، مع معارضة الأخبار المذكورة بأكثر منها ممّا يدلّ على جواز التمسّك بظاهر القرآن، مثل خبر الثقلين- المشهور بين الفريقين- و غيرها ممّا دلّ على الأمر بالتمسّك بالقرآن و العمل بما فيه، و عرض الأخبار المتعارضة بل و مطلق الأخبار عليه، و ردّ الشروط المخالفة للكتاب في أبواب العقود، و الأخبار الدالّة- قولاً و فعلاً و تقريراً- على جواز التمسّك بالكتاب.
مثل قوله عليه السّلام لمّا قال زرارة: مِن أين علمتَ أنّ المسحَ ببعض الرأس؟ فقال عليه السّلام: «لمِكان الباء»، فعرّفه عليه السّلام مورد استفادة الحكم من ظاهر الكتاب.
و قول الصادق عليه السّلام في مقام نهي الدوانيقيّ عن قبول خبر النّمام:
«إنّه فاسق؛ و قال اللّه: «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ...» الآية»حجرات/6.
و قوله عليه السّلام لابنه إسماعيل: «إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول[2] : «يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ»توبه/61، فإذا شَهِدَ عِندكَ المُؤمِنونَ فصدِّقهُم».
و قوله عليه السّلام لمن أطال الجلوس في بيت الخلاء لاستماع الغناء، اعتذاراً بأنّه لم يكن شيئاً أتاه برجله: «أما سَمِعتَ قول اللّه عَزّوَجَلّ: إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا»اسراء/36.
و قوله عليه السّلام في تحليل العبد للمطلّقة ثلاثاً: «إنّه زوج؛ قال اللّه عزّوجلّ: حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ»البقرة/230، و في عدم تحليلها بالعقد المنقطع: «إنّه تعالى قال: فَإِنْ طَلَّقَها[3] فَلا جُناحَ عَلَيْهِما»البقرة/230.
و تقريره[4] عليه السّلام التمسّكَ بقوله تعالى: «وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ» ، و أنّه نُسِخَ بقوله تعالى: «وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ» البقرة/230.
و قوله عليه السّلام في رواية عبد الأعلى- في حكم من عثر، فوقع ظُفرُهُ، فَجَعَلَ على إصبَعِهِ مَرارةً-: «إنّ هذا و شبهه يُعرف من كتاب اللّه «ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» الحج/78، ثمّ قال: امسَح عليه»، فأحال[5] عليه السّلام معرفة حكم المسح على إصبعه المُغطّى بالمرارة إلى الكتاب، مومياَ إلى أنّ هذا لا يحتاج إلى السؤال؛ لوجوده في ظاهر القرآن.
و لا يخفى: أنّ استفادة الحكم المذكور[6] من ظاهر الآية الشريفة ممّا لا يظهر إلّا للمتأمّل المدقّق[7] ؛ نظراً إلى أنّ الآية الشريفة إنّما تدلّ على نفي وجوب الحرج، أعني المسح على نفس الإصبع، فيدور الأمر في بادِئِ النظر بين سقوط المسح رأساً، و بين بقائه مع سقوط قيد «مباشرة الماسح للممسوح»، فهو بظاهره لا يدلّ على ما حكم به الإمام عليه السّلام، لكن يُعلم عند المتأمّل: أنّ الموجب للحرج هو اعتبار المباشرة في المسح؛ فهو الساقط دون أصل المسح، فيصير نفي الحرج دليلاً على سقوط اعتبار المباشرة في المسح، فيمسح على الإصبع المغطّى.
فإذا أحال الإمام عليه السّلام استفادة مثل هذا الحكم إلى الكتاب، فكيف يحتاج نفي وجوب الغسل أو الوضوء عند الحرج الشديد المستفاد من ظاهر الآية المذكورة، أو غير ذلك من الأحكام التي يعرفها كلّ عارف باللسان من ظاهر القرآن، إلى ورود التفسير بذلك[8] من أهل البيت عليهم السّلام.
و من ذلك[9] : ما ورد من أنّ المصلّي أربعاً في السفر إن قُرئت عليه آية القصر وجب عليه الإعادة، و إلّا فلا، و في بعض الروايات: «إن قرئت عليه و فُسّرت له».
و الظاهر[10] - و لو[11] بحكم أصالة الإطلاق في باقي الروايات-: أنّ المراد من تفسيرها له بيان أنّ المراد من قوله تعالى: «فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا»النساء/101 بيان الترخيص في أصل تشريع القصر و كونه مبنيّاً على التخفيف، فلا ينافي تعيّن[12] القصر على المسافر و عدم صحّة الإتمام منه، و مثل هذه المخالفة للظاهر يحتاج إلى التفسير بلا شبهة.
و قد ذكر زرارة و محمّد بن مسلم للإمام عليه السّلام: «إنّ اللّه تعالى قال: «فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ»، و لم يقل: افعلوا، فأجاب عليه السّلام بأنّه من قبيل قوله تعالى: «فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما»البقرة/158.
و هذا- أيضاً- يدلّ على تقرير الإمام عليه السّلام لهما في التعرّض لاستفادة الأحكام من الكتاب و الدخل و التصرّف في ظواهره.
و من ذلك[13] : استشهاد الإمام عليه السّلام بآياتٍ كثيرة، مثل الاستشهاد لحلّية بعض النسوان بقوله تعالى: «وَ أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ»النساء/24، و في عدم جواز طلاق العبدبقوله: «عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ»النحل/75.
و من ذلك: الاستشهاد لحلّيّة بعض الحيوانات بقوله تعالى: «قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ... الآية»الانعام/145، إلى غير ذلك ممّا لا يُحصى[14] .