« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الفقه

47/06/29

بسم الله الرحمن الرحيم

فصل في شرائط إمام الجماعة/ فصل في شرائط إمام الجماعة/صلاة الجماعة

 

الموضوع: صلاة الجماعة/ فصل في شرائط إمام الجماعة /

فصل في شرائط إمام الجماعة

 

يشترط فيه أمور:

وأن لا يكون قاعدا للقائمين، ولا مضطجعا للقاعدين (1) ولا من لا يحسن القراءة بعدم إخراج الحرف من مخرجه أو إبداله بآخر أو حذفه أو نحو ذلك حتى اللحن في الإعراب، وإن كان لعدم استطاعته غير ذلك (2)

الشرائط المعتبرة في الإمام

1-كان الكلام في صحيحة علي بن جعفر المتقدمة التي استدل بها السيد الخوئي (قده) على جواز امامة القائم للقاعد عن موسى بن جعفر(ع)قال: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ صَلَّوْا جَمَاعَةً، فِي سَفِينَةٍ أَيْنَ يَقُومُ الْإِمَامُ، وَ إِنْ كَانَ مَعَهُمْ نِسَاءٌ كَيْفَ يَصْنَعُونَ، أَ قِيَاماً يُصَلُّونَ أَمْ جُلُوساً، قَالَ ((يُصَلُّونَ قِيَاماً، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْقِيَامِ صَلَّوْا جُلُوساً، وَ يَقُومُ الْإِمَامُ أَمَامَهُمْ وَ النِّسَاءُ خَلْفَهُمْ، وَ إِنْ مَاجَتِ السَّفِينَةُ قَعَدْنَ النِّسَاءُ وَ صَلَّى الرِّجَالُ، وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ النِّسَاءُ بِحِيَالِهِمْ الْحَدِيثَ))[1]

والاستدلال بها تارة يكون بالفقرة الأولى منها وهو قوله ((صَلَّوْا جُلُوساً، وَ يَقُومُ الْإِمَامُ أَمَامَهُمْ وَ النِّسَاءُ خَلْفَهُمْ)) بأن يقال بأنّه فرض أنّهم صلّوا جلوساً والإمام يقوم أي يقف أمامهم، وهذا مبني على افتراض أنّ الرواية تفترض أنّ الرجال صلّوا من جلوس خلف الإمام القائم

ولكنّ هذا مشكل لأنّه يتنافى مع ذيل الرواية المصرّح بكون الرجال قائمين

مضافاً الى ما قلناه من أنّ الظاهر أنّ العبارة لم تفترض أنّ الرجال يصلّون من جلوس بل هي تقول إن كانوا قادرين على القيام يصلّون من قيام والمراد كل القوم وإن لم يكونوا قادرين على ذلك يصلّون من جلوس، وبعدها انتقل الى مطلب آخر وهو ترتيب القوم فالإمام قال يتقدم الإمام والرجال خلفه والنساء خلفهم

أو يكون الاستدلال بالفقرة الأخيرة منها ((وَإِنْ مَاجَتِ السَّفِينَةُ قَعَدْنَ النِّسَاءُ وَ صَلَّى الرِّجَالُ))

وقد يقال بأنّ فيها دلالة على جواز إمامة القائم للقاعد فإنّها ذكرت صلاة النساء من جلوس حال كون الإمام قائماً

وهذا مبني على إرادة الجلوس في الصلاة من قوله قعدن، ولكن يحتمل أنّ المراد قعدن عن الصلاة أي تركن الصلاة فلم يفترض فيها أنّ النساء كن يصلين من قعود وإمامهن واقف حتى تدل على المطلوب

وعليه فلا دلالة في الذيل على إمامة القائم للقاعد

ولكن لا اشكال ظاهراً في جواز إمامة القائم للقاعد لما سيأتي

ثم أنّه (قده) ذكر أنّ الاخلال بالمتابعة في هذا الفرض إذا جاز فلا بد أن يصح في العكس وهو إمامة القاعد للقائم ففي كل منهما إخلال بالمتابعة، وأجاب بأنّ الفارق بينهما هو الإجماع والنصّ

ثم قال (قده) بأنّ النقض لا يرد للفرق بين المقامين أمّا إمامة القائم للقاعد فالمتابعة موجودة (دون ما نحن فيه، فانّ مفهوم المتابعة لا يستدعي عرفاً إلّا التبعية بالمقدار الممكن وعلى حسب قدرة التابع وطاقته، فلا يلزمه الإتيان إلّا بالمقدار الميسور ممّا يفعله المتبوع.
و عليه فحيث إنّ المأموم عاجز عن الصلاة قائماً فيكفي في صدق المتابعة عرفاً الإتيان بما يحسنه من الأفعال على حسب طاقته، وهذا بخلاف العكس أعني ائتمام القائم بالقاعد فإنّه متمكّن من متابعة الإمام في القعود والصلاة جالساً، فان فعل كذلك فقد ارتكب ما هو خلاف وظيفته، وإلّا فقد أخلّ بالمتابعة كما عرفت)[2]

وقد يلاحظ عليه بأنّ كلاً من المأموم القاعد والمأموم القائم غير متمكن من متابعة الإمام في الأفعال فالأول غير متمكن من المتابعة للإمام في القيام تكويناً والثاني لا يتمكن من المتابعة في الجلوس تشريعاً فإذا قلنا بأنّه يكفي في المتابعة المقدار الذي يتمكن منه المكلف فهو موجود في كل منهما فلا بد أن نقول بذلك في الموردين، فإن الثاني وإن كان متمكناً من الجلوس تكويناً إلّا أنّ الشارع منعه من ذلك

والحاصل أنّ الكلام في صدق المتابعة بقطع النظر عن الدليل الخاص فإن كانت تصدق في المأموم القاعد لعدم تمكنه من القيام تكويناً فهي تصدق في المأموم القائم لعدم تمكنه من الجلوس شرعاً فيبدو أنّ النقض وارد عليه

والحلّ هو ما ذكره من الالتزام بإمامة القائم للقاعد للدليل الخاص وهو تام وصحيح لكنّه ليس ما ذكره من الرواية

فلولا الدليل لكان مقتضى القاعدة عدم الإلتزام بصحّة الإئتمام في الموردين لأصالة عدم المشروعية

وممّا ذكرنا يظهر الوجه في عدم جواز ائتمام القاعد بالمضطجع لأصالة عدم المشروعية ولا نصّ في المقام يدل على الجواز، أو لإختلال المتابعة أو لكلّ منهما

2-أدعي على ذلك الإجماع واستدل له بوجوه

الأول : الأصل والمراد به أصالة عدم المشروعية

الثاني: دعوى إنصراف ما دلّ على اكتفاء المأموم بقراءة الإمام الى القراءة الصحيحة بقول مطلق لا الى خصوص ما يكون صحيحاً عند الإمام

الثالث: ما يستفاد من الأدلة من أنّ الواجب على المصلّي إمّا أن يقرأ بنفسه أو يكل القراءة الى الإمام، والأول لا معنى له لأنّ المفروض أنّه يصلّي جماعة، فلا بد أن يكله الى الإمام وهذا غير مقبول باعتبار أنّه كيف يكل أمر القراءة الى من لا يحسن القراءة

الرابع: أنّ تحمل الإمام القراءة عن المأموم لا يكون إلّا إذا أتى الإمام بما يجب على المأموم وهو القراءة الصحيحة

وفي قبال هذه الوجوه صحيحة محمد بن حمران وجميل بن دراج قال: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ(ع)إِمَامُ قَوْمٍ، أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فِي السَّفَرِ، وَ لَيْسَ مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ لِلْغُسْلِ، أَ يَتَوَضَّأُ، بَعْضُهُمْ وَ يُصَلِّي بِهِمْ قَالَ ((لَا، وَ لَكِنْ يَتَيَمَّمُ الْجُنُبُ وَ يُصَلِّي بِهِمْ، فَإِنَّ اللهَ جَعَلَ التُّرَابَ طَهُوراً))[3] وذكرناها سابقاً وقلنا يحتمل أن يكون التعليل لصحّة إمامة الجنب المتيمم فتكون صلاته صحيحة واقعاً لأنّه عمل بوظيفته، ويستفاد من عموم التعليل أنّ كلّ من يعمل بوظيفته يجوز أن يكون إماماً في الجماعة وقد يقال أنّ منه محلّ الكلام فإنّ وظيفة من لا يحسن القراءة هو الإتيان بالمقدار الذي يتمكن منه من القراءة

باعتبار أنّ التعليل ظاهر في كونه تعليلاً لصحّة إمامة الجنب إذا تيمم كما هو ظاهر السؤال فإنّه سؤال عن الإمامة فمفادها جواز الصلاة خلف من يحكم بصحة صلاته في حقه كالجنب التيمم وهكذا محلّ الكلام، وإذا تمّت هذه الاستفادة فلا معنى لما ذكر من الأدلة على عدم الجواز وأنّه كيف يجتزى بقراءة من لا يحسن القراءة لوجود الدليل على الجواز.

لكنّ دلالة الصحيحة على ذلك محلّ نظر كما تقدم وسيأتي التعرض له

 


[1] وسائل الشيعة: ٨/٤٢٨، باب٧٣ ح٣.
[2] موسوعة الامام الخوئي: 17/360.
[3] وسائل الشيعة: ٨/٣٢٧.
logo