46/10/10
فصل في أحكام الجماعةفصل في أحكام الجماعة/صلاة الجماعة/كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ فصل في أحكام الجماعة
فصل في أحكام الجماعة
(مسألة 9): إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهوا أو لزعم رفع الإمام رأسه وجب عليه العود(1) والمتابعة، ولا يضر زيادة الركن حينئذ، لأنها مغتفرة في الجماعة في نحو ذلك، وإن لم يعد أثم وصحت صلاته، لكن الأحوط إعادتها بعد الإتمام ، بل لا يترك الأحتياط إذا رفع رأسه قبل الذكر الواجب ولم يتابع مع الفرصة لها ، ولو ترك المتابعة حينئذ سهواً أو لزعم عدم الفرصة لا يجب الاعادة وإن كان الرفع قبل الذكر ، هذا ولو رفع رأسه عامداً لم يجز له المتابعة ، وإن تابع عمداً بطلت صلاته للزيادة العمدية ، ولو تابع سهواً فكذلك ، إذا كان ركوعا أو في كل من السجدتين، وأما في السجدة الواحدة فلا[1]
وجوب متابعة الامام
كان الكلام في مسالة ما اذا رفع المأموم رأسه قبل الامام،
والكلام في الفرع الأول وهو الرفع غير العمدي ويقع في ثلاثة أمور:
الأمر الثاني: في صحة الجماعة وعدم صحتها على كلا الفرضين أعني العود وعدمه
وذكرنا انه تارة نقول إنّ وجوب المتابعة شرطي وأخرى نقول إنّه وجوب نفسي تعبدي فاذا قلنا بالوجوب النفسي نحكم بصحة الصلاة وصحة الجماعة لأنّها ليست مشروطة بالمتابعة من دون فرق بين أن يعود أو لا
وأمّا اذا قلنا بالوجوب الشرطي للمتابعة -كما هو الصحيح- فلا بد من الالتزام ببطلان الجماعة ووقوع الصلاة فرادى
وهذا في فرض عدم العود واضح،
وأمّا اذا عاد فقد جاء بزيادة في الركوع فللحكم بصحة الجماعة أو عدمها لا بد من مراجعة نصوص الباب، وأنّه هل يستفاد منها الحكم بصحة الجماعة أو لا؟ وعلى تقدير حكمها بصحة الجماعة فهل هي مختصة بحال السهو أو انها تشمل ما لو رفع رأسه عمداً؟
قد يقال بامكان استفادة صحة الجماعة من بعض النصوص الآمرة بالاعادة والمراد موثقة ابن فضال قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في الرجل كان خلف إمام يأتم به فيركع قبل أن يركع الامام وهو يظن أن الامام قد ركع، فلما رآه لم يركع رفع رأسه ثم أعاد الركوع مع الامام، أيفسد ذلك عليه صلاته أم تجوز تلك الركعة؟ فكتب (عليه السلام) ((تتم صلاته ولا تفسد صلاته بما صنع)) [2]
قد يقال انه يمكن أن يستفاد منها صحة الجماعة باعتبار ظهورها في تمامية الصلاة وأنّ ما صنع من زيادة الركوع لا يوجب فساد الصلاة والمقصود بصحتها صحتها جماعة
ولكن يمكن التأمل في استفادة هذا من الرواية فليس من الواضح نظر الرواية الى الجماعة حتى يحكم بصحتها جماعة فلعلها ناظرة الى صحة الصلاة، فاستفاد الحكم بصحة الجماعة من هذه الرواية غير واضح
والأحسن استفادة الحكم بصحة الجماعة من صحيحة علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يركع مع الامام يقتدي به ثم يرفع رأسه قبل الإمام قال: ((يعيد بركوعه معه)) [3]
فيمكن استفادة أنّ المنظور في الرواية التحاق المأموم بالامام في الجماعة من قوله (يعيد ركوعه معه) والا لو كان المراد الحكم بصحة الصلاة لكان المناسب أن يأمره بإتمام صلاته
ونفس المضمون موجود في معتبرة محمد بن سهل الأشعري، عن أبيه، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عمن يركع مع إمام يقتدي به ثم رفع رأسه قبل الإمام قال: ((يعيد ركوعه معه)) [4] ، وفي سندها محمد بن سهل وهو مجهول، وكنّا قد اعتمدنا عليه باعتبار اعتماد القميين عليه فقد أكثروا الرواية عنه، وهذا قد يوجب الاطمئنان بامكان الاعتماد عليه.
بل يمكن أن يستفاد صحة الجماعة من باقي نصوص الباب التي لم يرد فيها تعبير يركع معه كما في صحيحة الفضيل بن يسار أنه سأل أبا عبد الله (عليه الاسلام) عن رجل صلى مع إمام يأتم به ثم رفع رأسه من السجود قبل أن يرفع الامام رأسه من السجود، قال: ((فليسجد)) [5] والمقصود الالتحاق بسجود الامام فتكون ناظرة الى الالتحاق بالجماعة وتدل على صحّة الجماعة
فيبدو أنّ الصحيح في المقام هو صحّة الجماعة في فرض العود
وهذه الروايات إن كانت مختصة بصورة السهو فالمطلب واضح فتدل على الصحة في صورة السهو وإن لم تكن مختصة بالسهو بأن كانت مطلقة كما استظهرنا فهو يكفي لإثبات الصحة في الصورة التي نتكلم فيها بل نقول إنّ صورة السهو هي القدر المتيقن من هذه الروايات
الأمر الثالث: في ترتب الاثم على رفع الرأس قبل الامام
وهو يرتبط بالمسألة السابقة فعلى القول بأنّ وجوب المتابعة شرطي كما هو الصحيح فلا إثم لأنّه لم يخالف تكليفاً
نعم، اذا قلنا بوجوب العود باعتبار دلالة الروايات عليه وقلنا بأنّ وجوب العود نفسي تكليفي يترتب الإثم على عدم العود
ولكن وجوب العود يعني وجوب المتابعة فلو كان وجوب المتابعة شرطياً فلا بد أن يكون وجوب العود شرطياً لا يترتب على مخالفته الإثم
وقلنا بأنّ ظاهر الروايات وجوب العود، ولكن يوجد ما يمنع من الأخذ بهذا الظهور وهو ما يدعى من كون روايات الطائفة الاولى الآمرة بالعود واردة مورد توهم الحظر والمنع باعتبار استلزام العود لزيادة الركن وهي مبطلة للصلاة، ومعه تكون الروايات دالة على نفي المنع والحظر
ولعله لهذه النكتة ذهب جماعة الى استحباب العود لا وجوبه.
الأمر الأول: في وجوب العود وعدم وجوبه
حل التعارض بين الروايات
المحاولة الثالثة التي ذكرناها تتوقف على كون موثقة غياث خصصت بموثقة ابن فضال فيكون تقديم الطائفة الاولى على موثقة غياث يستلزم إبقائها بلا مورد دون العكس
وهي لا تخلو من شيء لأنّ هذا انما ثبت من الملاحظة المتقدمة
المحاولة الرابعة: إنّ موثقة غياث واردة مورد توهم الوجوب فليس لها ظهور في التحريم وانما هي ظاهرة في نفي الوجوب
وهذا لا ينافي الأدلة الآمرة بالعود اذا حملناها على الاستحباب، فنحمل الطائفة الاولى على الاستحباب والأدلة الناهية لا تنافي ذلك لعدم ظهورها في التحريم
والتزم بورود الموثقة مورد توهم الوجوب غير واحد من المحققين
ويلاحظ على هذه المحاولة إنّ موثقة غياث بن إبراهيم قال : سئل أبو عبدالله ( عليه السلام ) عن الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الإِمام ، أيعود فيركع إذا أبطأ الإِمام ويرفع رأسه معه ؟ قال : لا)) [6]
يحتمل فيها أنّ السؤال عن وجوب العود بمعنى (أيجب عليه ان يعود اذا ابطأ الامام؟) فيكون الجواب نفيا للوجوب، والمحاولة مبنية على هذا
ولكن يحتمل أن يكون السؤال عن جواز العود، فيكون الجواب نفياً للجواز وهذا لا يجتمع مع استحباب العود كما لا يجتمع مع وجوبه
وما ذكرناه من استلزام العود للزيادة في الركن اذا لم نجعله قرينة على ترجيح الاحتمال الثاني، فلا أقل من إنه يمنع من استظهار الاحتمال الأول الذي تبتني عليه المحاولة، لأنّ المورد مورد توهم الحظر وهو يرجح كون السؤال عن الجواز لا عن الوجوب