46/06/30
فصل في أحكام الجماعةفصل في أحكام الجماعة/صلاة الجماعة/كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ فصل في أحكام الجماعة
فصل في أحكام الجماعة
(مسألة 1): الأحوط ترك المأموم القراءة في الركعتين الأوليين من الإخفاتية (1) إذا كان فيهما مع الإمام، وإن كان الأقوى الجواز مع الكراهة ويستحب مع الترك أن يشتغل بالتسبيح والتحميد والصلاة على محمد وآله (2)، وأما في الأولتين من الجهرية (3)، فإن سمع صوت الإمام ولو همهمته وجب عليه ترك القراءة، بل الأحوط والأولى الإنصات وإن كان الأقوى جواز الاشتغال بالذكر ونحوه، وأما إذا لم يسمع حتى الهمهمة (4) جاز له القراءة، بل الاستحباب قوي، لكن الأحوط القراءة بقصد القربة المطلقة لا بنية الجزئية، وإن كان الأقوى الجواز بقصد الجزئية أيضا وأما في الأخيرتين من الإخفاتية أو الجهرية فهو كالمنفرد في وجوب القراءة أو التسبيحات مخيرا بينهما (5)، سواء قرأ الإمام فيهما أو أتى بالتسبيحات سمع قراءته أو لم يسمع [1]
حكم قراءة المأموم في الجماعة
الفرع الثالث: قراءة المأموم في الركعتين الأخيرتين:
كان الكلام في صحيحة سليمان بن خالد وموردها الصلاة الإخفاتية
والاستدلال بها بظهور (لا ينبغي) في الجواز على كراهة، وهو يتوقف على كون موردها خصوص الركعتين الأخيرتين
وهو مبني أيضاً على تعميم النهي عن القراءة للتسبيح، فالثابت هو جواز القراءة بالمعنى الشامل للتسبيح، فيجوز تركها
واعترض عليه بظهور القراءة في قراءة السورة
مضافاً الى أنّ حمل الرواية على الركعتين الأخيرتين خلاف قوله يكله إلى الأمام فإنّه كالصريح في أنّ المراد هو الركعتين الأولى والثانية ولا معنى لأن يوكل المأموم القراءة الى الامام في الركعتين الأخيرتين باعتبار أنّهما لا قراءة فيهما كما صرّحت الروايات المتقدمة بذلك
وهذا لا ينفي ما تقدم من تجويز الشارع القراءة في الركعتين الأخيرتين لأنّها دعاء وتحميد كما تقدم، بمعنى أنّ الأصل في الأخيرتين التسبيح وتجوز القراءة لأنّها تحميد وتسبيح
وثالثاً: الظاهر أنّ السؤال عن الجواز لا عن وجوب القراءة فالمفروض في الرواية أنّ السائل يشكّ في جواز القراءة ولذا سأل عن جوازها، والظاهر أيضاً أنّ منشأ الشك هو ما فرضه السائل بقوله (وهو لا يعلم أنّه قرأ)، فهو يشكّ في جواز القراءة لأنّه لا يعلم أنّ الامام قرأ
وهذا المعنى المستظهر من الرواية لا يتلائم الّا مع إرادة الركعتين الأولتين فإنّه يمكن أن يكون شكّه في جواز القراءة ناشئاً من عدم سماع قراءة الامام، بافتراض أنّه مع سماع قراءة الامام تسقط القراءة عنه ولا تجوز، ويشكّ في جوازها اذا لم يسمع قرائته، وهو لا ينسجم مع إرادة الركعتين الأخيرتين وارادة عدم العلم بأنّ الامام يقرأ أو يسبح من قوله (وهو لا يعلم) فحينئذ لا يكون الشكّ في جواز القراءة له ناشئاً من عدم العلم أنّه يقرأ، لأنّ معناه اذا كان عالماً بأنّ الامام يقرأ فلا تجوز القراءة له، وهذا لا يصحّ الا اذا قلنا بأنّ ضمان الامام للقراءة لا يختص بالركعتين الاولى والثانية بل هو شامل للأخيرتين
والمفروض أنّ الضمان والتحمل لا يكون الّا في الركعتين الاولى والثانية
وإن لم نستظهر من الرواية ارادة الركعتين الاولى والثانية فلا أقل من احتمال ذلك فيها، فلا يصح الاستدلال بها على ما نحن فيه
وعلى كل حال لا تصلح الرواية للاستدلال بها على هذا القول لما تقدم من الإشكالات ولا أقل ورود الاشكال الأول عليها
ويضاف الى هذا إنّ كل ما يستدل به على لزوم التسبيح في الأخيرتين مطلقاً أو بالتفصيل بين الجهرية والاخفاتية، وكذا الروايات التي يستدل بها على التخيير بين التسبيح والقراءة يكون منافياً لما استدل به على هذا القول اذا تمت دلالته
وأمّا القول الثالث وهو وجوب التسبيح وسقوط القراءة مطلقاً في الجهرية والإخفاتية فاستدل له بأدلة
ألدليل الاول: المطلقات الناهية عن القراءة خلف الامام
من قبيل صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم وصحيحة الحلبي المتقدمتين
ويلاحظ عليه إنّ هذه المطلقات منصرفة الى خصوص الركعة الاولى والثانية وغير شاملة للركعتين الأخيرتين
فهو ينهى عن القراءة حين تكون القراءة واجبة، ولا أقل من منع اطلاقها لإحتمال كونها مختصة بالركعة الأولى والثانية
مضافاً الى أنّ النهي فيها محمول على الكراهة
أمّا صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم فلما تقدم من أنّ النهي بهذه الشدة من ألسنة الكراهة، وأمّا صحيحة الحلبي فحملها على الكراهة هو مقتضى الجمع بينها وبين ما دلّ على الترخيص في القراءة في الركعتين الأخيرتين لصراحة تلك الأدلة أو ظهورها في الجواز والترخيص من دلالة النهي على التحريم والمنع
ويمكن أن يقال بأنّ هذه شاملة لمحل الكلام بالاطلاق فيخصص بما دلّ على التخيير في الركعتين الأخيرتين في الصلاة الإخفاتية فتقدم عليها بالتخصيص
الدليل الثاني: صحيحة صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ((إن كنت خلف إمام فلا تقرأنّ شيئاً في الأوّلتين ، وأنصت لقراءته ، ولا تقرأنّ شيئاً في الأخيرتين ، فإنّ الله عزّ وجلّ يقول للمؤمنين ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ﴾ ـ يعني في الفريضة خلف الإِمام ـ ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾) فالأخيرتان تبعاً للأوّلتين))[2] وهو نهي عن القراءة
ويلاحظ عليه أنّ الظاهر اختصاص الرواية بالصلاة الجهرية بقرينة استمعوا وانصتوا في الآية التي استشهد بها الإمام فلا تشمل محل الكلام