46/06/27
فصل في أحكام الجماعةفصل في أحكام الجماعة/صلاة الجماعة/كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ فصل في أحكام الجماعة
فصل في أحكام الجماعة
(مسألة 1): الأحوط ترك المأموم القراءة في الركعتين الأوليين من الإخفاتية (1) إذا كان فيهما مع الإمام، وإن كان الأقوى الجواز مع الكراهة ويستحب مع الترك أن يشتغل بالتسبيح والتحميد والصلاة على محمد وآله (2)، وأما في الأولتين من الجهرية (3)، فإن سمع صوت الإمام ولو همهمته وجب عليه ترك القراءة، بل الأحوط والأولى الإنصات وإن كان الأقوى جواز الاشتغال بالذكر ونحوه، وأما إذا لم يسمع حتى الهمهمة (4) جاز له القراءة، بل الاستحباب قوي، لكن الأحوط القراءة بقصد القربة المطلقة لا بنية الجزئية، وإن كان الأقوى الجواز بقصد الجزئية أيضا وأما في الأخيرتين من الإخفاتية أو الجهرية فهو كالمنفرد في وجوب القراءة أو التسبيحات مخيرا بينهما (5)، سواء قرأ الإمام فيهما أو أتى بالتسبيحات سمع قراءته أو لم يسمع [1]
حكم قراءة المأموم في الجماعة
5-الفرع الثالث: قراءة المأموم في الركعتين الاخيرتين:
ذكرنا أنّ ما استدل به على وثاقة علي بن حنظلة من الروايات مناقش
وقد يقال بامكان اثبات وثاقته برواية ابن ابي عمير عنه فقد روى عنه بسند صحيح كما في التهذيب[2]
والاستبصار[3]
ولكن المشكلة في هذا هو أنّ الشيخ الطوسي بدأ السند بعلي بن الحسن الطاطري وفي طريقه اليه علي بن محمد القرشي وهو ابن الزبير الذي لم ينص على وثاقته، وبهذا استشكل جماعة بكل ما يرويه الشيخ في التهذيب مبتدأ ً السند بعلي بن الحسن بن فضال لأنّ في طريقه اليه ابن الزبير أيضاً
ولكننا تكلمنا في طريق الشيخ الطوسي (قده) الى ابن فضال وأثبتنا وثاقة ابن الزبير بوجوه
منها: ما ذكره الشيخ النجاشي في ترجمة علي بن الحسن بن فضال (ورأيت جماعة من شيوخنا يذكرون الكتاب المنسوب إلى علي بن الحسن بن فضّال المعروف بـ«أصفياء أمير المؤمنين (عليه السلام)»، ويقولون إنّه موضوع عليه، لا أصل له، والله اعلم. قالوا: وهذا الكتاب ألصِقَ روايته إلى أبي العباس بن عقدة وابن الزبير، ولم نرَ أحداً ممّن روى عن هذين الرجلين يقول قرأته على الشيخ، غير أنّه يُضاف إلى كُلّ رجلٍ منهما بالإجازة حسب.)[4] .
فإنّ العبارة ظاهرة في أنّه لو كان كتاب الأصفياء قد قُرئ على ابن الزبير لكانت نسبته إلى ابن فضّال نسبةً صحيحةً، وهو يدُلُّ على الاعتماد والوثوق بما يقول
ومنها: ذكر ابن الغضائري في ترجمة المفضل بن صالح أنّه (كذّاب يضع الحديث حدّثنا أحمد بن عبد الواحد قال حدّثنا على بن محمّد بن الزّبير قال حدّثنا على بن الحسن بن فضّال قال سمعت معوية بن حكيم يقول سمعت أبا جميلة يقول أنا وضعت رسالة معوية إلى محمّد بن أبى بكر)[5] وهي الرسالة التي يذكر فيها مثالب الخليفة الأول، واستدلاله على ذلك -بطريقٍ يشتمل على ابن الزبير- يدُلُّ على اعتماده عليه، واستناده إليه في إثبات ضعف المفضل.
ومنها: توثيق العامة له فقد قد وثَّقه الخطيب البغدادي[6] ، وَمِن قَبْلِهِ ابن النديم في الفهرست[7] ويمكن جعل هذا دليلاً على الوثاقة اذا كان ابن الزبير معروفاً عندهم بالتشيع، لأن ديدنهم الطعن في الرواة الشيعة، فاذا وثقوا راوياً معروفاً بتشيعه، فمعناه ان وثاقته من الواضحات التي لا يمكن انكارها
وقد يفهم من كلام الخطيب البغدادي انه كان معروفاً بالتشيع باعتبار أنّه يقول قدم الى بغداد وحدّث عن جماعة منهم علي بن الحسن بن فضال وعلي بن فضال معروف بالتشيع، كما انه ذكر انه لما مات نقل الى الكوفة
بالاضافة الى قول النجاشي في ترجمة أحمد بن عبدون: (... وكان عُلوّاً في الوقت...)، ويحتمل أنّ المقصود به المدح وأنّ الضمير في كان يرجع الى ابن الزبير
والى كونه من شيوخ الأجازة حتى أنّه روي عنه أكثر الأصول وجميع كتب علي بن الحسن بن فضال وهي كتب كثيرة، فهو ليس من أصحاب الكتب، نعم ذكر ابن النديم له كتابين الاول معاني الشعر واختلاف العلماء فيه، وكتاب القلائد والفوائد في الشعر
ويستبعد أن يكون النقل والرواية عنه من خلال كتابيه لأنّهما ليسا من كتب الرواية، ويستبعد أنّ هذه الكتب والروايات الكثيرة أخذت عنه سماعاً أو قراءة عليه بل حتى مناولة، فيتعين أن يكون أخذها عنه عن طريق الإجازة
ولكنه شيخ اجازة إلى أعلام الرواة، ونحن لا نقول بأنّ الاجازة دليل على الوثاقة ولكن يمكن إضافتها كقرينة من جملة القرائن على وثاقته
وعليه يمكن الاعتماد على هذه الرواية لإثبات وثاقته علي بن حنظلة
ويؤيد ذلك برواية الشيخ المتقدمة في التهذيب فيفهم منها أنّ علي بن حنظلة مورد الاعتماد، وبرواية بصائر الدرجات
فتكون رواية علي بن حنظلة الدالة على التخيير والشاملة لمحل الكلام بالاطلاق مثال للمطلقات التي استدل بها على التخيير في محل الكلام
وكان الاشكال الأول على المطلقات أنّها مقيدة بصحيحة محمد بن قيس الدالة على أنّ الواجب في الركعتين الأخيرتين التسبيح لا التخيير
ولم يتم هذا الدليل لإحتمال كونها ناظرة للامام حينما يكون اماماً أو انها شاملة له حينما يكون منفرداً
الاشكال الثاني: إنّ المطلقات الدالة على التخيير معارضة بروايات دالة على عدم التخيير وذكرنا صحيحة زرارة وصحيحة معاوية بن عمار وصحيحة الحلبي
وتوجد إشكالات في كل واحدة من هذه الروايات، فاذا تمت تسقط عن المعارضة وتسلم رواية علي بن حنظلة عن المعارض
أمّا صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ((إذا قمت في الركعتين [ الأخيرتين ] لا تقرأ فيهما ، فقل : الحمد لله وسبحان الله والله أكبر)) [8]
فالاستدلال فيها بقوله لا تقرأ فيهما فهذا نهي عن القراءة
ولكن هذا مبني على كون لا في (لا تقرأ) ناهية، ولكن لو قرأناها على أنّها نافية وأنّها خبر فلا تتم هذه الدلالة وما يؤيده عدم دخول الفاء عليها، فكأن جواب اذا قمت هو فقل، وأمّا لا تقرأ فهو وصف ومعناها اذا قمت الى الركعتين ولم تقرأ فقل ...
وفي كلام الشيخ في التهذيب[9] اشارة الى ذلك
وفي الرواية مشكلة أخرى وهي أنّ الأخيرتين ليست موجودة في المصدر فلا يعلم أنّها ناظرة الى الركعتين الأخيرتين
ولكنها موجودة في الاستبصار، ويبدو أنّها ساقطة من التهذيب باعتبار أنّ الحديث في التهذيب عن الأخيرتين فقد كان كلام الشيخ قبلها عن الأخيرتين وأنّ حكمهما هو التخيير وذكر هذه الرواية كمعارض لما تقدم، ومن البعيد أن يأتي بها كمعارض مع كونها ليست نصّاً في الأخيرتين
فمشكلتها أنّها ليست نصّاً في النهي عن القراءة
نعم، ذيل الرواية نصٌّ في التسبيح، ولكنه مقيد بما اذا لم تقرأ
وأمّا صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : ((لا تقرأنّ في الركعتين الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئاً، إماماً كنت أو غير إمام قال : قلت : فما أقول فيهما؟ فقال :إذا كنت إماماً أو وحدك فقل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله)) [10] والاستدلال بها مبني على شمولها لما اذا كان مأموماً، ويمكن التأمل في هذا فإنّه وإن كان في البداية قال إماماً كنت أو غير إمام ومعناه شمولها للامام والمأموم
ولكنه بعد ذلك قال اذا كنت اماماً أو وحدك، وهذا يجعلنا نحتمل أنّ المقصود بقوله (أو غير امام) الأولى هو المنفرد
وأمّا صحيحة صحيحة معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن القراءة خلف الإمام في الركعتين الأخيرتين؟ فقال : ((الإمام يقرأ بفاتحة الكتاب ومن خلفه يسبّح ، فإذا كنت وحدك فاقرأ فيهما وإن شئت فسبّح)) [11]
وفيها ظهور في أنّ حكمه التسبيح فلعلها تكون منافية لمعتبرة علي بن حنظلة
ولو فرضنا أنّه تم الاطلاق في الروايات التي تدل على عدم مشروعية القراءة في الركعتين الاخيرتين من الصلاة الجهرية والاخفاتية
فهل يمكن أن نقيّد اطلاق هذه الروايات برواية تدل على التخيير في خصوص الاخفاتية؟ فإنّ نسبتها اليها نسبة الخاص الى العام
والمقيّد هو صحيحة عبيد بن زرارة المتقدمة فهي واردة في الصلاة الاخفاتية وتدل على التخيير