46/06/22
فصل في أحكام الجماعةفصل في أحكام الجماعة/صلاة الجماعة/كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة/ فصل في أحكام الجماعة
فصل في أحكام الجماعة
(مسألة 1): الأحوط ترك المأموم القراءة في الركعتين الأوليين من الإخفاتية (1) إذا كان فيهما مع الإمام، وإن كان الأقوى الجواز مع الكراهة ويستحب مع الترك أن يشتغل بالتسبيح والتحميد والصلاة على محمد وآله (2)، وأما في الأولتين من الجهرية (3)، فإن سمع صوت الإمام ولو همهمته وجب عليه ترك القراءة، بل الأحوط والأولى الإنصات وإن كان الأقوى جواز الاشتغال بالذكر ونحوه، وأما إذا لم يسمع حتى الهمهمة (4) جاز له القراءة، بل الاستحباب قوي، لكن الأحوط القراءة بقصد القربة المطلقة لا بنية الجزئية، وإن كان الأقوى الجواز بقصد الجزئية أيضا وأما في الأخيرتين من الإخفاتية أو الجهرية فهو كالمنفرد في وجوب القراءة أو التسبيحات مخيرا بينهما (5)، سواء قرأ الإمام فيهما أو أتى بالتسبيحات سمع قراءته أو لم يسمع [1]
حكم قراءة المأموم في الجماعة
5-الفرع الثالث: قراءة المأموم في الركعتين الاخيرتين:
ذكرنا أنّه استدل على التخيير في الركعتين الأخيرتين من الاخفاتية بصحيحة عبد الله بن سنان
بتقريب أنّه يفهم من الاجزاء جواز كلا الأمرين، مضافاً الى أنّ في سؤال السائل أشعاراً أو دلالة على أنّه فهم التخيير من جواب الامام
واستدل أيضاً على التخيير ببعض المطلقات التي تدل على التخيير في الركعتين الأخيرتين من الصلاة مطلقاً
أما الصحيحة فلوحظ على الاستدلال بها
أولاً بما ذكره المحقق الأصفهاني (قده) من أنّ موردها الصلاة الجهرية
وثانياً إنّ قوله (أي شي تصنع أنت) مجمل، فيحتمل أنّه سؤال عن وظيفة الامام أي ماذا تقول عندما تكون اماماً
أو عندما تكون ماموماً خلف من لا يقتدى به
ويحتمل ثالثاً أنّ السؤال عن الحكم الشرعي، أي ماذا ترى في هذه المسألة، بناء على قراءة جواب الامام بصيغة الأمر ((اقرأ فاتحة الكتاب))
والإنصاف أنّ هذه الاحتمالات خلاف الظاهر فلا معنى لأن يسأل السائل عن حكم الامام وماذا يفعل فالأنسب أن يكون سؤاله عن حكم المأموم
وكونه سؤالاً عن ما يقوله الامام عند اقتدائه بمن لا يقتدى به بحاجة الى قرينة
وكذا الاحتمال الثالث فهو خلاف الظاهر أيضاً
ويجاب عن الجميع بأنّ إجمال الذيل لا يؤثر على الاستدلال بالرواية فإنّ الاستدلال بها بقوله ((يجزئيك))
هذا، وقد ناقشنا في هذا سابقاً وقلنا بأنّ التعبير بالاجزاء يدل على جواز متعلقه بالمعنى الأعم الذي يتلائم مع وجوب التسبيح أي تعين التسبيح فكيف نستفيد منه التخيير،
ولكن حتى لو سلمنا ظهور الاجزاء في تعين التسبيح يمكن الاستدلال بالرواية على التخيير فإنّ هذا لا يمنع من الالتزام بعدم تعين التسبيح وجواز شيء آخر معه وهو القراءة اذا قامت القرينة عليه، لأنّنا لا ندعي ظهوره في عدم الفرد الثاني وهو التخيير وانما ندعي عدم ظهوره في ذلك، فاذا قامت القرينة على التخيير نلتزم بها، والقرينة هي ما ذكرناه من أنّ السائل فهم من قول الامام يجزيك التسبيح التخيير بينهما ولذا سأل الامام ((أيّهما تختار أنت))
وهناك اشكال آخر على الاستدلال بالصحيحة وحاصله أنّ مورد الصحيحة الركعتان الأوليتان فلو دلّت على التخيير فهي تدل على التخيير في الركعتين الأوليتين
وقوله(وقال يجزيك التسبيح) تتمة للحديث السابق في الرواية وكأنّ الحديث لا زال عن الركعتين الأولتين، والمراد أنّ التسبيح الذي تقوله في الأخيرتين يجزيك في الأولتين ويمكنك أن لا تقرأ، فتكون الرواية أجنبية عن محل الكلام
بل قد يستفاد من هذا التعبير أنّ الواجب في الأخيرتين هو التسبيح لا التخيير بينه وبين القراءة، لظهورها في أنّ المقرّر والوظيفة المعهودة في الأخيرتين هو التسبيح
أمّا الاشكال الأول فهو مبني على أن تقرأ الرواية كما نقلها في الوسائل ((إن كنت خلف الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى يفرغ)) فلو قرأت للمعلوم يأتي الاشكال الذي ذكره المحقق الاصفهاني (قده) وإن قرأت مبني للمجهول تكون مختصة بالاخفاتية
لكن الموجود في التهذيب وكذلك في شرحه للعلامة المجلسي هو ((لا تجهر بالقراءة حتى تفرغ))
فلا يأتي الاشكال إذ لا احتمال في أنّ المقصود هو إمام الجماعة، والصلاة التي لا يجهر فيها المصلي هي الاخفاتية
نعم، يبقى أنّه لا بد من تفسير عبارة (حتى تفرغ) بمعنى معقول
وقد يجعل قوله ((وكان الرجل مأموناً)) أنّ الكلام الذي سبقه لم يكن عن الامام والا لناسب أن يقول (وكان مأموناً) بدون أن يأتي بلفظة (الرجل)
وعلى كل حال يوجد تشكيك في القراءة التي بني عليها الاشكال ولذا لا يكون هذا الاشكال مستحكماً
وعلى كل حال فمع كثرة هذه الاحتمالات يشكل الاستدلال بهذه الرواية على المطلوب
وأمّا الاستدلال بالمطلقات، فقد ذكر بعض المحققين أنّ هناك مطلقات تدل على التخيير، ولم أعثر على ما يدل على ذلك بالمراجعة السريعة، وعلى تقدير وجود رواية صحيحة تدل على ذلك فواضح أنّ الاستدلال بها مبني على عدم وجود ما يدل على عدم التخيير في الاخفاتية والا كان مقيداً لهذا الاطلاق
وقد دلّت على عدم التخيير في الاخفاتية روايات
منها صحيحة محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ((كان أمير المؤمنين عليهالسلام إذا صلّى يقرأ في الأوّلتين من صلاته الظهر سرّاً، ويسبّح في الأخيرتين من صلاته الظهر على نحو من صلاته العشاء ، وكان يقرأ في الأوّلتين من صلاته العصر سرّاً، يسبّح في الأخيرتين على نحو من صلاته العشاء))[2]
وهذ المفاد يكون أخص مطلقاً من المطلقات لأنّها تذكر أنّه في الاخفاتية يتعين التسبيح، فإن تمّ الاستدلال بها تكون مقيدة للمطلقات
والا فالمطلقات معارضة بما دلّ على عدم التخيير مطلقاً كما في صحيحة معاوية بن عمار