« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الفقه

46/05/07

بسم الله الرحمن الرحيم

/ إذا تقدم المأموم على الإمام في أثناء الصلاة/صلاة الجماعة

 

الموضوع: صلاة الجماعة/ إذا تقدم المأموم على الإمام في أثناء الصلاة/

(مسألة 24): إذا تقدم المأموم على الإمام في أثناء الصلاة سهوا أو جهلا أو اضطرارا صار منفردا، ولا يجوز له تجديد الاقتداء، نعم لو عاد بلا فصل لا يبعد بقاء قدوته[1]
(مسألة 25): يجوز على الأقوى الجماعة بالاستدارة حول الكعبة، والأحوط عدم تقدم المأموم على الإمام بحسب الدائرة وأحوط منه عدم أقربيته مع ذلك إلى الكعبة وأحوط من ذلك تقدم الإمام بحسب الدائرة وأقربيته مع ذلك إلى الكعبة. [2]

1-لأنّ الجماعة مشروطة بعدم تقدم المأموم على الامام، بل هي مشروطة بعدم التساوي فضلاً عن عدم التقدم، ومقتضى اطلاق الدليل هو عدم الفرق بين كون التقدم في الابتداء أو في الاثناء فيحكم ببطلان الجماعة في الحالتين ويصير منفرداً

2-لأنّه لا دليل على مشروعية الجماعة بهذا الشكل، وتقدم أنّ الحكم بمشروعية الجماعة على خلاف القاعدة

3-حكم السيد الماتن (قده) هنا بأنّه لمّا كانت الفترة قصيرة جداً فهذا لا يضر بجماعته على غرار ما ذكره في المسائل السابقة كما في مسألة ما لو أكمل الصف المقصرون صلاتهم ثم التحقوا بالجماعة مباشرة، وكذا في مسألة كفاية تهيؤ الصف المتقدم للصلاة في اتصال الصف المتأخر فلم يعتبره حائلاً

ودليل هذه الدعوى -على ما صرحوا به- هو دعوى الانصراف فقالوا بأنّ الدليل منصرف عن الحائل غير المستقر، وفي المقام يقال بأنّ الدليل منصرف عن تقدم المأموم قهراً أو سهواً مع رجوعه فوراً

ورفض السيد الخوئي[3] (قده) الانصراف في المقام، وإن التزم به في الحائل وأنّه لو كان لفترة قصيرة جداً لا يضر وقال بأنّه إنّما قبلناه هناك لانصراف النصّ الدال على مانعية الحائل الى الحائل المستقر، فلا اطلاق في النص لشمول الحائل غير المستقر، وهو لم يقبله في مسألة البعد أيضاً، بينما الدليل على عدم البعد مطلق وكذا النص في محل الكلام

وتقدم سابقاً بأنّ دعوى الانصراف اذا كانت مبنية على امكان تقسيم الحائل الى مستقر وغير مستقر فكذلك يمكن تقسيم البعد الى مستقر وغير مستقر وكذلك التقدم فكل منهما يمكن تصور الاستقرار فيه تارة وعدم الاستقرار أخرى

فالاستقرار وعدمه في الحائل نشأ من قصر الفترة وطولها، فاذا كان منشأ دعوى الانصراف في الحائل هو هذا فلا بد أن يدعى الانصراف في هذه الموارد أيضاً

والصحيح كما تقدم أنّه من الصعب أن نثبت صحة الجماعة مع هذا الإخلال بالشرط، ودعوى الانصراف غير واضحة، فالحكم ببقاء الجماعة وعدم فسادها في هذه الموارد مشكل بل مقتضى القاعدة أنّ كل ما يوجب عدم الاتصال في الجماعة كالحائل والبعد والتقدم يوجب بطلان الجماعة بمقتضى إطلاق أدلة الاشتراط حتى اذا كان في زمان قصير

4-في باب القبلة حكموا أنّ من يكون في الحرم المكي تكون قبلته عين الكعبة، فالصلاة جماعة في المسجد اذا فرضنا استقامتها ولم تكن دائرية بمعنى وجود صف طويل يتجاوز حدود الكعبة، فالاشكال فيها ليس في صحة الجماعة بل الاشكال في صحة صلاة الخارجين عن حدود الكعبة لأنّهم لم يتوجهوا الى القبلة

ومحل الكلام فيما لو كانت الصلاة على نحو الاستدارة فالجميع توجه نحو القبلة وانما الأشكال في جماعتهم

وذهب جماعة الى الجواز وصحة الصلاة، ونقل عن الشهيد في الذكرى ذلك وعلله بقوله: (للإجماع عليه عملا في كل الأعصار السالفة)[4] فهو يدعي الاجماع العملي، وذهب آخرون الى المنع

ويقع الكلام في أنّ الصلاة حول الكعبة على نحو الاستدارة هل تستلزم شيئاً مما يمنع صحة الصلاة أو لا؟

فإن استلزم مانعاً كتقدم المأموم على الامام فلا بد أن يحكم ببطلان الجماعة وإن لم تستلزم ذلك فلا مانع من التمسك بمطلقات صحة الجماعة للحكم بصحتها

وقد يقال بوجود المانع وهو تقدم بعض المأمومين ممن يقف على خط الدائرة على الامام بل وقوفه قبال وقدام الامام

وواضح أنّ هذا اللازم لا يحصل لجميع المأمومين بل يحصل لبعضهم فلو قلنا بالبطلان فلا بد أن نخص البطلان بمن يتقدم على الامام أو يقف قباله أو من اختل في صلاته بعض شروط صحة الجماعة

وقد يقال في المقابل بأنّ ما ذكر ليس مانعاً فلا يلزم من الصلاة حول الكعبة بنحو دائري تقدم بعض المأمومين على الامام لأنّ التقدم والتأخر من الأمور الإضافية التي تلحظ بالنسبة ال شيء معين فيقال بأنّ الامام أقرب من المأموم بالنسبة الى شيء معين كالمحراب، وهكذا يصدق العكس فالمأموم أقرب الى الباب من الامام

فالتقدم في محل الكلام الذي دلّت الأدلة على اشتراط عدمه يلحظ بالنسبة الى عين الكعبة أو الى جهة الكعبة فيقال بأنّ الامام أقرب الى عين الكعبة من المأموم

وليس أحد من المأمومين أقرب من الامام الى عين الكعبة أو الى جهتها فلا يلزم من افتراض الاستدارة تقدم المأموم على الامام بلحاظ عين الكعبة، وحينئذ لا مانع من الحكم بصحة الجماعة

فالمسالة محل خلاف ولا دليل واضح عليها، وعمدة دليل المجوزين هو دعوى السيرة على الجواز كما اشار اليها الشهيد (قده) في الذكرى

ولا اشكال في تحقق السيرة كذلك، ولكن نوقش بانها لا تكشف عن الامضاء الشرعي، فإنّ من يصلي بهذا الشكل هم المخالفون، ولا يمكن التعويل بها للحكم بالجواز، وهذا العمل وإن قام به البعض منّا ولكن يمكن حمله على محامل أخرى كالتقية وامثالها

والسؤال هو أنّه لا اشكال في أنّ النبي (صلى الله عليه واله) صلّى جماعة في مكة كما في فتح مكة مع كثرة المسلمين

ولكن لا وضوح في أنّه صلّى بشكل دائري


logo