46/04/29
لو شك في حدوث الحائل./صلاة الجماعة/كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة/ لو شك في حدوث الحائل.
(مسألة 13): لو شك في حدوث الحائل في الأثناء بنى على عدمه، وكذا لو شك قبل الدخول في الصلاة في حدوثه بعد سبق عدمه (1)، وأما لو شك في وجوده وعدمه مع عدم سبق العدم فالظاهر عدم جواز الدخول (2) إلا مع الاطمينان بعدمه. [1]
(مسألة 14): إذا كان الحائل مما لا يمنع عن المشاهدة حال القيام، ولكن يمنع عنها حال الركوع أو حال الجلوس، والمفروض زواله حال الركوع أو الجلوس (3) هل يجوز معه الدخول في الصلاة؟ فيه وجهان والأحوط كونه مانعا من الأول، وكذا العكس لصدق وجود الحائل بينه وبين الإمام. [2]
2- طرحنا احتمالين يؤثران في حكم المسألة يبتنيان على رأيين:
الرأي الأول: إنّ الجماعة أحد عدلي الواجب التخييري وأنّ الواجب هو الجامع بين الفرادى والجماعة وعلى هذا الأساس رتّب السيد الخوئي (قده) جريان البراءة في محل الكلام في الشبهتين الحكمية والموضوعة
الرأي الثاني: إنّ الواجب هو طبيعي الصلاة وله أفراد طولية وأفراد عرضية منها الجماعة، غاية الأمر أنّ بعض الافراد تتميز بخصوصية قد توجب زيادة الثواب كالصلاة في المسجد، أو قلته كالصلاة في الحمام، والجماعة أحد هذه الافراد فلو جاء بها يتحقق الامتثال
فلو صلى حال كونه شاكاً مع الحائل جماعة فهو يشك في تحقق امتثال الواجب بالفرد الذي جاء به وهذا مورد أصالة الاشتغال لا البراءة
ونفس الكلام نقوله في الشبهة الموضوعية فالشك مرجعه الى الشك في تحقق المأمور به في الفرد المأتي به أي الصلاة التي يأتي بها مع الشك في تحقق الحائل فلا يقين في أنّها مفرغة للذمة مما اشتغلت به
أقول لا اشكال في أنّ المكلف مخيّر في أن يأتي بالواجب عليه جماعة أو فرادى، والكلام في أنّ هذا التخيير هل هو شرعي أو عقلي؟
يظهر من كلمات السيد الخوئي (قده) في هذا الموضع وفي غيره أنّه يرى أنّ التخيير بينهما شرعي وأنّ الشارع خيّر المكلف بينهما فالجماعة عدل للواجب، ولذا قال بأنّ الواجب هو الجامع بينهما
والرأي الآخر أنّ التخيير بينهما عقلي فالعقل هو الحاكم بالتخيير لا الشارع، فالشارع أمر بالطبيعة والطبيعة لها أفراد والعقل يحكم بالتخيير بين هذه الأفراد
نعم، حثّ الشارع على الجماعة ورتب الثواب على الاتيان بها، ولكن لا يستفاد من هذا التخيير الشرعي بين الجماعة وبين الفرادى الذي مرجعه الى وجوب الجامع بينهما
نظير الصلاة في المسجد فقد وردت الأدلة في استحبابها وترتب الثواب عليها، ولكن لا نقول بأنّ الواجب هو الجامع بين الصلاة في المسجد والصلاة في البيت، بل الواجب هو الطبيعة ولها افراد
والصلاة محفوظة في جميع أفرادها الطولية والعرضية غاية الأمر علمنا من الشارع أنّ بعض الأفراد له خصوصية يتميز بها قد توجب زيادة الثواب أو قلته وقد لا توجب ذلك
وقد يقال إنّ العقل انما يحكم بالتخيير بين الافراد اذا أدرك أنّ الطبيعة المأمور بها متحققة في ضمن هذه الافراد التي يخير بينها، فكيف يحكم بالتخيير بين الصلاة التي يقرأ بها المأموم ولا يعتمد على غيره في كل أجزائها وبين الصلاة التي يعتمد في بعض أجزائها على غيره
والجواب إنّ هذا لا ينفي التخيير العقلي لأنّ الصلاة المأمور بها ماهية مخترعة من قبل الشارع
وبعض الافراد يمكن للعقل إدراك تحقق الماهية في ضمنها كما في الصلاة في هذا المكان أو ذاك أو الصلاة في الساعة الاولى أو الساعة الثانية
وفي بعض الأفراد لا يمكن للعقل أن يستقل في ادراك أنّ الطبيعة المأمور بها موجودة في ضمنها لوجود خصوصية فيها
ولكن لو اطلع العقل من خلال الأدلة على أنّ صلاة الجماعة مسقطة للواجب ويتحقق بها الامتثال يحكم بالتخيير وبين الصلاة فرادى والصلاة جماعة، وهذا يكشف عن أنّ الطبيعة المأمور بها أعم من الصلاة فرادى والصلاة جماعة
والحاصل إنّ الأدلة الدالة على مشروعية الجماعة والحث عليها وترتب الثواب عليها يفهم منها أنّ الجماعة من افراد الصلاة الواجبة وأنّ الواجب هو الأعم من الصلاة فرادى ومن الصلاة جماعة ولا يفهم من هذا أنّ الشارع خيّر المكلف بين الفرادى وبين الجماعة،
وقد يؤيد ذلك كون صلاة الجماعة ناقصة فالمأموم لا يقرأ فيها، والاكتفاء بقراءة الامام على خلاف القاعدة، فكأن الشارع اكتفى بهذه الصلاة عن الصلاة التي يأتي المأموم فيها بكل الاجزاء والشرائط بنفسه، فالدليل الدال على مشروعيتها يدل على أنّ الناقص مسقط للكامل
وصرّح السيد الخوئي (قده) بأنّ (الجماعة والفرادى ليستا من هذا القبيل، فإنّهما من الخصوصيات الفردية والحالات الطارئة على الطبيعة مع اتّحاد الصلاتين في الطبيعة النوعيّة)[3]
وذكر (انّ الوجوب النفسي المتعلّق بأصل الصلاة لا شكّ أنّه تعييني، والتخيير في تطبيقها على الأفراد الطوليّة الواقعة فيما بين المبدأ والمنتهى وكذا العرضيّة التي منها الصلاة فرادى وجماعة عقليّ محض)[4]
وهذا ينافي ما ذكره في محل الكلام بناء على ما هو ظاهره من أنّ الواجب هو الجامع بين الصلاة فرادى والصلاة جماعة
فهو ظاهر في التخيير الشرعي
وذكر (ان عنوان الجماعة من العناوين الطارئة كسائر الخصوصيات الزمانية والمكانية فكما لا يعتبر قصد القربة في سائر الخصوصيات الطارئة كأن يصلّي في المسجد لبرودة المكان لا بقصد التقرّب لا يعتبر في خصوصية الجماعة أيضاً لعدم دخلها في ماهية الصلاة كي يعتبر القصد فيها)[5]
3-ذكرنا أنّه لا يشترط في المنع أن يكون الحائل موجوداً في جميع أحوال الصلاة بل يكفي في المنع أن يوجد في بعض أحوال الصلاة واستثنينا منه الحائل في حال السجود فقط
وما ذكره السيد الماتن (قده) من وجهين
أمّا وجه الجواز فدليله إنّ عدم الجواز إنّما يثبت اذا كان المنع من المشاهدة بسبب الحائل فعلياً كما اذا جلس وكان الحائل موجوداً في المثال، واما اذا لم يكن المنع فعلياً بل شأنياً كما في المقام فلا وجه لعدم الجواز لأنّه صلى مع عدم الحائل
والوجه في عدم الجواز هو أنّه يكفي في الحائل شأنية المنع عن المشاهدة ولا يشترط فعليته، ولا اشكال في أنّه حين دخل في الصلاة كان هناك حائل من شأنه أن يمنع من المشاهدة في بعض أحوال الصلاة
واستشهد لعدم الجواز بأنّ الوارد في النص ((فان كان بينهم سترة او جدار فليست تلك لهم بصلاة)) وهذا يصدق على محل الكلام فإنّه عندما دخل في الصلاة يصدق أنّ بينه وبين الامام سترة مانعة من المشاهدة في بعض أحوال الصلاة،
خصوصاً اذا لاحظنا أنّ السترة كسائر المشتقات التي تصدق مع الشأنية ولا تتوقف على فعلية المبدأ