< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/11/02

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة/ اشتراط عدم الحائل المانع من المشاهدة

 

فصل يشترط في الجماعة مضافا إلى ما مر في المسائل المتقدمة أمور:
أحدها: أن لا يكون بين الإمام والمأموم حائل يمنع عن مشاهدته (1) وكذا بين بعض المأمومين مع الآخر ممن يكون واسطة في اتصاله بالإمام، كمن في صفه من طرف الإمام أو قدامه إذا لم يكن في صفه من يتصل بالإمام، فلو كان حائل ولو في بعض أحوال الصلاة من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود بطلت الجماعة، من غير فرق في الحائل بين كونه جدارا أو غيره ولو شخص إنسان لم يكن مأموما

1-كان الكلام في تعميم الحكم باشتراط الأمرين عدم البعد بما لا يتخطى وعدم الحائل المانع من المشاهدة الى اعتبار ذلك بين المأموم ومن يقف الى جانبه

بمعنى كيف نستفيد من الصحيحة اعتبار هذين الامرين بالنسبة الى المورد الثاني وهو المأموم ومن يقف الى جانبه؟

نقلنا وجهين ذكرهما المحقق الاصفهاني (قده) لتجاوز الإشكال

وكان الوجه الثاني أنّ الصحيحة اذا كانت دالة على اعتبار الأمرين بالنسبة الى المأمومين ومن يتقدمهم فقط دون من يقف الى جانبهم كان مقتضى ذلك تحقق الاتصال بمن يقف الى جانبهم حتى اذا كان بينهما حائل يمنع من المشاهدة أو كان بعيداً عنهم بما لا يتخطى ولا يضر بجماعتهم ابتعادهم عن من يتقدمهم بما لا يتخطى لأن ذلك انما يعتبر حينما ينحصر الاتصال بهم، وأمّا مع تحقق الاتصال عن طريق من يقف الى جانبهم فلا يعتبر ذلك فيهم وعليه فلا بد أن يحكم بصحة الصلاة فيما اذا فرض ابتعاد المأمومين عن من يتقدمهم وإن تحققت المشاهدة من بعد مع اتصالهم مع من يقف الى جانبهم وعدم ابتعادهم عنهم، ولكن كان بينهم حائل يمنع من المشاهدة، مع أنّه لا اشكال في بطلان هذه الصلاة، وليس ذلك الا لأنّ المعتبر مشاهدة من يتصل بالامام فلا يكفي مشاهدة من لا يتصل به، كما لا يكفي الاتصال بمن لا يشاهده

وحينما نتكلم عن اعتبار هذين الأمرين في جماعة المأموم بالنسبة الى من يقف الى جانبه فلا بد أن نفترض عدم الاتصال بغيره ممن يتقدمه كما اذا لم يوجد من يقف الى أمامه من المأمومين وانما يوجد من يقف الى جانبه

والكلام يقع في أنّه هل يعتبر في صحة جماعته الشرطان المتقدمان أو لا؟

وفي مقام الاستدلال على اعتبار الشرطين بين المأموم وبين من يقف الى جانبه يقال إنّه لو لم يعتبر هذان الشرطان بالنسبة الى المأموم مع من يقف الى جانبه لزم الحكم بصحة جماعة هذا المأموم مع ابتعاده عن من يقف الى جانبه بما لا يتخطى أو مع وجود حائل مانع من المشاهدة بينهما، مع وضوح بطلان الصلاة حينئذ

ومن هنا قد يقال بأنّ بطلان الصلاة في هذا الفرض ليس أمراً واضحاً وبدهياً، إذ قد يلتزم بصحة الصلاة بأعتبار عدم تعرض الصحيحة لحكم المأموم مع من يقف الى جانبه، فلا دليل على اعتبار الشرطين في هذا المورد

ولكن قيل بأنّ الصحيحة تدلّ على الاشتراط في المورد الثاني فقد ورد في صدرها بحسب نقل الفقيه ((ينبغي للصفوف أن تكون تامة متواصلة بعضها الى بعض ولا يكون بين الصفين ما لا يتخطى يكون قدر ذلك مسقط جسد انسان اذا سجد)) وتمامية الصفوف تكون باتصالها وعدم تفرقها بحيث يوصل بعضها ببعض، والا فلا تتحقق الجماعة المأخوذة من الاجتماع

ومنه يظهر أنّ ما ذكر بعد صدر الرواية ليس أمراً مغايراً لاعتبار الهيئة الاتصالية المعتبرة في صحة الجماعة وإنّما هو تطبيق لاعتبار الاتصال وبيان لما يشترط في تحققه، وحينئذ يقال بأنّ صدر الصحيحة يدل على اشتراط الاتصال بين المأمومين بعضهم مع بعض وأن يكونوا مجتمعين غير متفرقين سواء مع من يقف أمامهم ومن يقف الى جانبهم، فكما يخلّ بالهيئة الاتصالية المعتبرة الابتعاد عن من يتقدمهم يضر بها الابتعاد عن من يقف الى جانبهم

وما ذكر بعد ذلك يدل على أنّ الاتصال كما لا يتحقق مع البعد بما لا يتخطى كذلك لا يتحقق مع الحائل المانع من المشاهدة

ويظهر مما تقدم أنّ المستفاد من الصحيحة أمور:

الاول: اعتبار عدم البعد بما لا يتخطى

الثاني: اعتبار عدم الحائل المانع من المشاهدة

الثالث: إنّ الأمرين معتبران بالنسبة الى من يتقدم المأموم وبالنسبة الى من يقف الى جانبه على سبيل البدل

ويجمع الكل اشتراط الاتصال بالجماعة

هذا غاية ما يمكن أن يقال في الاستدلال على ما ذكره السيد الماتن (قده) من أحكام

ولكن يلاحظ على ذلك أمور:

الاول: ليس لصدر الرواية المستدل به في المقام ظهور في الإلزام والوجوب لأنّه صُدّر بكلمة ينبغي ولا ظهور لها في الوجوب إن لم نقل بظهورها في الاستحباب، فكل الأمور التي ذكرت بعدها لا بد من حملها على معنى ينسجم مع الاستحباب كالأفضلية أو أقلية الثواب

الثاني: إنّ الصحيحة في بعض مضامينها معارضة بموثقة الحسن بن الجهم قال: سئلت الرضا عليه السلام عن الرجل يصلي بالقوم، في مكان ضيق ويكون بينهم وبينه ستر، أيجوز ان يصلي بهم، قال: نعم))[1]

فقالوا بانها تعارض ما تقدم من اعتبار عدم الساتر


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo