< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/07/19

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المشتركات


(مسألة 762): إذا قام الجالس من المسجد وفارق المكان، فإن أعرض عنه بطل حقه (1)، ولو عاد إليه وقد أخذه غيره، فليس له منعه وإزعاجه. وأما إذا كان ناويا للعود فإن بقي رحله فيه بقي حقه بلا إشكال و إن لم يبق ففي بقاء حقه إشكال فالأحوط مراعاة حقه، ولا سيما إذا كان خروجه لضرورة،كتجديد الطهارة أو نحوه.

(مسألة 763): في كفاية وضع الرحل في ثبوت الأولوية إشكال‌ والاحتياط لا يترك (2). هذا إذا لم يكن بين وضع الرحل و مجيئه طول زمان بحيث يستلزم تعطيل المكان،و إلا فلا أثر له، وجاز لغيره رفعه و الصلاة في مكانه إذا كان شغل المحل بحيث لا يمكن الصلاة فيه إلا برفعه.

و هل أنه يضمنه برفعه أم لا؟ وجهان الظاهر عدم الضمان،إذ لا موجب له بعد جواز رفعه للوصول إلى حقه.

1-ذكرنا بأن السابق للمكان اذا قام عنه ولم يترك رحله يسقط حقه، كما أنه لو أبقى رحله من دون نية العود او مع نية عدم العود يسقط حقه أيضاً، فلا بد أن يكون ناوياً للعود

وأنتهى الكلام الى أنه قد يستظهر في المقابل من كلمات الشيخ والعلامة والشهيد (قدهم) كفاية ترك الرحل في بقاء الحق وإن لم ينو العود؛ حيث لم يذكروا مسألة نية العود

وذكر في الروضة (إن الكثير من فقهائنا لم يذكروا نية العود)، ولكن لا يبعد أن يكون مقصودهم نية العود لقرينتين:

القرينة الاولى: ما تقدم من أن ترك الرحل يكون مستلزماً لنية العود عادة، فلعلهم اكتفوا بهذا

القرينة الثانية: ما تقدم من أن ترك الرحل مع عدم نية العود فضلاً عن نية عدم العود يحقق الاعراض عن الحقّ، ومن البعيد جداً أن يلتزم هؤلاء الفقهاء ببقاء الحقّ حتى مع الاعراض عنه، ولذا لا يبعد أن يكون المفروض في كلمات هؤلاء هو ترك الرحل مع نية العود

ثم إنه لا فرق في سقوط الحق مع عدم ابقاء الرحل -كما هو المختار- بين أن يكون قيامه لضرورة كتجديد طهارة او إزالة نجاسة ولم يترك رحله في المكان او بلا ضرورة، فعلى كلا التقديرين يسقط حقه اذا لم يترك رحله، والدليل هو ما تقدم من أنه لو لم يترك رحله لا يصدق عليه أنه لا زال شاغلاً للمكان

فحتى اذا فرضنا أنه قام لضرورة فلا يصدق عليه أنه شاغلاً للمكان لا بنفسه ولا برحله، ونية العود لوحدها لا تكفي في صدق إشغال المكان

نعم، نسب الى بعض علمائنا أن الحق لا يسقط اذا قام لتجديد الوضوء او إزالة نجاسة إن لم يبق متاعه في المكان

وذكره المحقق[1] بعنوان قيل، وعلق العلماء بأن القائل غير معلوم

نعم، قال في مفتاح الكرامة وغيره اختاره العلامة في التذكرة، وقالوا بأن العلامة استند في هذا الى معتبرة طلحة بن زيد المتقدمة باعتبار أنها تدل على بقاء الحق وهي بعمومها تشمل ما اذا قام عن المكان لضرورة، وكأنه استند الى اطلاق المعتبرة السابقة

وناقشناه سابقاً وقلنا بأن الظاهر أن الرواية ليس فيها إطلاق يشمل حالة قيام الشخص عن المكان بل هي ناظرة الى مسألة ثبوت الحق في المكان بالسبق، وأن السبق يعطي أولوية للشخص

ومن هنا ذهب معظم العلماء الى عدم التفصيل بين ما اذا قام لضرورة او لا لضرورة، فعلى كلا التقديرين يسقط حقه اذا قام عنه ولم يترك رحله وإن نوى العود، وهذا هو مقتضى الصناعة.

وبعد الحكم بعدم جواز أخذ مكان السابق -كما اذا فرضنا أنه ترك رحله ناوياً العود- فلو أقدم الغير وأخذ المكان فهل يجوز للاول إزاحة الثاني عن المكان بعد أن يرجع او لا؟

الظاهر أن هذه المسألة ترتبط بتحقيق ماذا يثبت بالسبق

وهل أن الثابت به حكم تكليفي صرف وهو حرمة ازاحته عن المكان، من دون أن تحدث علاقة بين السابق والمكان، فلا يثبت له حق في المكان، أو أن الثابت هو حق للسابق متعلق بالمكان؟

فاذا استفدنا من الادلة أن السابق يكون صاحب حق في المكان فيجوز له مزاحمة الثاني بعد عوده

كما هو الحال في سائر الموارد عندما يكون انسان صاحب حق في شيء فبامكانه أن يدفع الآخر عنه

وأما لو قلنا بأن الثابت هو الحكم التكليفي فقط فلا مجوز للاول في أن يزيح الثاني عن المكان، فإن الثابت هو حرمة استفادة الثاني من المكان، والثاني قد ارتكب الحرمة فبإمكانه أن يصلي في المكان ولا يجوز للآخر أن يزاحمه في المكان

والظاهر من أدلة السبق هو ثبوت حق لا مسألة حكم تكليفي فقط، كما في معتبرة طلحة بن زيد حيث عبرت ((من سبق الى مكان فهو أحق به الى الليل)) فالظاهر أن هناك حق يثبت للسابق الى المكان

فبإمكانه أن يرجع ويمنع الثاني من الاستيلاء على هذا المكان

2-يفهم من عبارة السيد الماتن (قده) التفصيل بين حالتين

الحالة الاولى: أن لا تكون المدة بين وضعه الرحل ومجيئه طويلة بحيث تستلزم تعطيل المكان، واحتاط السيد الماتن (قده) في ثبوت الاولوية في هذه الحالة وجوباً

الحالة الثانية: أن تطول الفترة بحيث تستلزم تعطيل المكان، فوضع الرحل لا أثر له في هذه الحالة

والظاهر أنه لا ينبغي الاشكال في عدم ثبوت الاولوية وعدم ترتب أي شيء على وضع الرحل في الفرض الثاني من كلام السيد الماتن (قده)، بمعنى أنه يجوز للآخر أن يشغل المكان ولا يثبت أي حق للاول في المكان بل لا حرمة في مزاحمته، لأنه عطل المكان

بل نقول بهذا حتى اذا شغل المكان وقام عنه تاركاً فيه رحله، فقد اشترطنا سابقاً أن لا تطول مدة المفارقة، والا فلا يجوز لأنه يستلزم تعطيل المكان، وينبغي الجزم بذلك

وانما الكلام في الفرض الاول وهو ما لو كانت المدة قصيرة كما اذا فرضنا أنه وضع رحله في المكان وذهب للوضوء فهل تثبت له الاولوية او لا؟

وجوابه منوط بالرجوع الى الاخبار الدالة على ثبوت الحق، والمأخوذ فيها السبق، فإن صدق السبق على من وضع علامة في المكان ولم يشغله فهو كاف في اثبات أن له حق او الحكم بعدم جواز مزاحمته، وان لم يصدق فلا

وقد يقال بأنه يصدق عليه أنه سبق الى المكان عرفاً

وفي المقابل يقال بأنه لا يصدق السبق الى المكان وانما يصدق انه سبق غيره في وضع علامة فيه على أنه يريد الرجوع فيمنع من صدق السبق باعتبار أن المستفاد من روايات السبق أنها ناظرة الى الاستفادة من المكان وشغله

فالظاهر أن صدق السبق عليه غير واضح إن لم نستظهر عدمه، ولا أقل من التشكيك في صدق السبق عليه


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo