46/10/21
حكم الزيادة العمدية والسهوية في المركبات الاعتبارية/ أصالة الاحتياط /الأصول العملية
الموضوع: الأصول العملية/ أصالة الاحتياط / حكم الزيادة العمدية والسهوية في المركبات الاعتبارية
كان الكلام في جريان الاستصحاب عند الشك في المانعية وهو الذي منع منه الشيخ قده ، ويُستدل له بما ذكره وهو إنَّ المستصحب ليس هو صحة مجموع الأجزاء لعدم تحقق المجموع وإنما هو صحة الأجزاء السابقة، ولا يُراد بها الصحة الفعلية لها - للارتباط بين الأجزاء السابقة واللاحقة فتكون صحة السابقة مرهونة باللاحقة – وإنما يُراد استصحاب الصحة التعليقية التأهيلية للأجزاء السابقة، بمعنى أنَّ هذه الأجزاء لو انضمت إليها سائر الأجزاء الأخرى بشرائطها فحينئذٍ تكون صحيحة.
والاشكال يقول إنَّ الصحة للأجزاء السابقة بهذا المعنى متيقنة حتى بعد عروض ما يُشك في مانعيته فكيف يجري الاستصحاب مع انتفاء الركن الثاني من أركانه؟
ولوحظ عليه: بأنه يمكن فرض الشك في هذه القضية التعليقية فيمكن جريان الاستصحاب وذلك بأن ندعي أنَّ هذه القضية التعليقة قبل الاتيان بما يُشك في مانعيته كانت قطعية وأما بعده فهي نفسها تكون مشكوكة - لا ما عُلِّقت عليه القضية - وذلك لأنَّ عروض ما يُشك في مانعيته يوجب الشك في الصحة التعليقية للأجزاء السابقة لأنه على تقدير أن يكون مانعاً فالأجزاء السابقة لا تكون صحيحة بالصحة التأهيلية - أي حتى لو انضم إليها سائر الأجزاء بالشرائط المعتبرة - وعلى تقدير الشك في مانعيته نشك في هذه الصحة للأجزاء السابقة لا محالة ومعه يمكن جريان الاستصحاب.
ويرد على هذه الملاحظة: بأنَّ هذه القضية التعليقية وإن كانت مشكوكة بعد الاتيان بما يُشك في مانعيته لكن هذا لا يعني جريان الاستصحاب وذلك لأنَّ هذا يوجب زوال اليقين بالصحة التعليقية للأجزاء السابقة لأنه على تقدير مانعيته فكما يمنع من صحة الأجزاء اللاحقة كذلك يمنع من صحة الأجزاء السابقة لأنها ارتباطية ، فعند الشك في مانعيته يُشك لا محالة في صحة الأجزاء السابقة ، أي يُشك في أنها هل تكون صحيحة لو انضم إليها باقي الأجزاء بالشرائط المعلومة أو لا ، فالمكلف بعد الإتيان بما يُشك في مانعيته لا يقين له بهذه الصحة سابقاً حتى يتحقق الركن الأول من أركان الاستصحاب فهو لا يستطيع أن يقول - بعد الاتيان بما يُشك في مانعيته - : أنا على يقين من صحة الأجزاء السابقة كما يقول في مثال استصحاب طهارة الثوب بعد الشك: أنا على يقين من طهارة الثوب سابقاً.
والحاصل: إنَّ اليقين بالصحة التعليقية للأجزاء السابقة وإن كان موجوداً قبل الاتيان بما يُشك في مانعيته إلا أنه بمجرد الاتيان بما يُشك في مانعيته يزول هذا اليقين ومعه لا يجري الاستصحاب لعدم اليقين السابق لا لعدم الشك اللاحق، فالصحيح إنَّ استصحاب الصحة التعليقية للأجزاء السابقة لا يجري كما يقول الشيخ قده بعد الاتيان بما يُشك في مانعيته لا لأجل أنها مقطوعة ولا شك فيها بل لعدم اليقين السابق.
وعلى كل حال لا يجري الاستصحاب في المقام حتى لو قلنا بجريان الاستصحاب التعليقي.
هذا مضافاً الى أننا لو تنزلنا وسلَّمنا جريان الاستصحاب في المقام فلا يُثبت باستصحاب الصحة التعليقية الصحة الفعلية لوضوح أنَّ الملازمة بينهما - على تقدير تحققها بعد تحقق انضمام باقي الأجزاء - عقلية فيكون الاستصحاب بلحاظها أصلاً مثبتاً.
هذا كله في الأمر الثاني وهو جريان الاستصحاب في المانعية.
الأمر الثالث جريان الاستصحاب عند الشك في القاطعية
نقلنا عن الشيخ الأنصاري قده جريان هذا الاستصحاب ، ولا يواجه ما واجهه الاستصحاب عند الشك في المانعية ، وذلك لما ذكره من أنَّ كون الشيء قاطعاً يعني أنَّ الهيئة الاتصالية معتبرة في الواجب ، فإنَّ نفس التعبير بالقاطع يدل على وجود هيئة اتصالية معتبرة ويكون هذا الشيء قاطعاً لها ، فالشك في قاطعية شيء يعني الشك في بقاء الهيئة الاتصالية المقطوع بها سابقاً ، ولا إشكال في استصحابها وهو يعني أنَّ المشكوك ليس قاطعاً.