46/10/14
حكم الزيادة العمدية والسهوية في المركبات الاعتبارية/ أصالة الاحتياط / الأصول العملية
الموضوع: الأصول العملية/ أصالة الاحتياط / حكم الزيادة العمدية والسهوية في المركبات الاعتبارية
كان الكلام في إمكان تحقق الزيادة في المركبات الاعتبارية، حيث استشكل في تصور تحقق الزيادة فيها وذُكر لهذا الاشكال موردان:
الأول: ما إذا كان الجزء مأخوذاً بشرط لا من حيث الزيادة، فالزيادة تكون نقيصة في الجزء لانتفاء الشرط، والمشروط عدم عند عدم شرطه.
الثاني: ما إذا كان الجزء مأخوذاً لا بشرط، أي هو الطبيعة الجامعة بين الوجود الواحد والوجود المتعدد، فلا تتحقق الزيادة هنا أيضاً لأنَّ أي فرد يأتي به يكون مصداقاً للطبيعة المأمور بها.
وذكروا مورداً ثالثاً لا يرد فيه الاشكال ويمكن تصور الزيادة فيه وهو ما إذا كان الجزء مأخوذاً بنحو صرف الوجود فيصدق بالوجود الأول له ويتحقق المأمور به كتكبيرة الاحرام، وحينئذٍ يكون الوجود الثاني زيادة ولا يكون مصداقاً للمأمور به، نعم لو فُرض مقارنة الوجود الثاني للوجود الأول كما لو أتى بتكبيرتين في آن واحد فكل منهما يكون مصداقاً لصرف الوجود، إلا أنه محال كما هو واضح.
وكأنّ ما ذكروه يكون جواباً عن إشكال الشيخ الأنصاري، بمعنى أنَّ الاشكال يتم في الموردين الأول والثاني ولا يتم في المورد الثالث.
ويلاحظ عليه: بأنه لا وجه لتسليم ورود الاشكال في المورد الأول لأمرين:
الأول: من الواضح أنَّ انتفاء الجزء المُقيَّد بعدم الزيادة إنما يكون بالزيادة لأنَّ تحققها يوجب انتفاء نقيضها وبذلك ينتفي القيد فينتفي المُقيَّد ويرجع الأمر الى النقيصة ، إذن الرجوع الى النقيصة يتوقف على تحقق الزيادة في المركبات، فإذا منعنا من تحققها فلا ينتفي الجزء إذ لا موجب لانتفائه بعد تحقق شرطه أي عدم الزيادة ، فلا مجال للقول بأنه يرجع الى النقيصة.
الثاني: وإذا فرضنا أنَّ الاتيان بالوجود الثاني للجزء يوجب انتفاء الجزء بانتفاء شرطه فتحصل النقيصة فإنَّ ذلك لا يمنع من تحقق الزيادة وصدقها وذلك لاختلاف جهة صدقهما من حيث أنَّ الزيادة هي في مسمى الصلاة والنقيصة في الواجب ، بمعنى أنه إذا حصلت النقيصة في الواجب من حيث أنه لم يأتِ بالركوع الذي هو جزء من الصلاة والمأمور به شرعاً لأنه مقيد بحسب الفرض بعدم الزيادة ، ولكن حصلت الزيادة في مسمى الصلاة لأنَّ الركوع الثاني يعتبر زيادة في المسمى ، وعليه فحصول النقيصة في الواجب الصلاتي لا ينافي صدق الزيادة في مسمى الصلاة.
هذا هو الجواب الأول.
الجواب الثاني: وهو ما ذكره السيد الخوئي حيث أجاب عن الاشكال بجوابين آخرين:
أحدهما: أنه لو أُخذ الجزء بشرط عدم الزيادة فالإتيان بالفرد الثاني زيادة عرفية وإن كان موجباً للنقيصة بحسب النظر الدقيق.
والآخر: إنَّ هذا الجواب يختص بما إذا كان الزائد من سنخ أجزاء المأمور به وأما إذا لم يكن كذلك - كما لو كَفَّر في الصلاة - فصدق الزيادة يكون واضحاً.
وتحقيق هذا المطلب وبيان ما هو الصحيح فيه يستدعي التكلم عن الزيادة في المركبات الاعتبارية ، والسؤال المطروح هنا هل تتقوم الزيادة في المركبات الاعتبارية بالإتيان بما ليس جزءاً بقصد الجزئية وإن لم يكن مسانخاً لأجزاء المركب، أو أنَّ الزيادة تتقوم بأحد الأمرين إما قصد الجزئية وإما المسانخة ، أو تتقوم بهما معاً ؟
ويترتب على الاحتمال الأول عدم تحقق الزيادة إذا أتى بالركوع الثاني من الصلاة مع عدم قصد الجزئية أو أتى بفعل غير مسانخ للصلاة ، ويترتب على الاحتمال الثاني تحقق الزيادة في مثال الركوع للمسانخة وإن لم يقصد الجزئية، وكذا تتحقق الزيادة بالإتيان بغير المسانخ إذا قصد الجزئية، ويترتب على الاحتمال الثالث عدم تحقق الزيادة إلا مع اجتماعهما - أي المسانخة وقصد الجزئية - كما لو أتى بالركوع الثاني وقصد به الجزئية ، والظاهر أنَّ هناك قائل بكل واحد من هذه الاحتمالات.
ونذكر في المقام رأيين أحدهما للمحقق العراقي والآخر للسيد الخوئي:
الرأي الأول: ذكر المحقق العراقي[1] أنه لا شبهة في أنه يعتبر في صدق الزيادة الحقيقية أن يكون الزائد من سنخ المزيد عليه وإلا فلا تصدق الزيادة، ولذا لا تصدق الزيادة على الدهن إذا اُضيف عليه مقدار من الدبس ، ثم ذكر أنه إذا كان المركب من العناوين القصدية كالصلاة فإنه يعتبر في صدق عنوان الزيادة قصد عنوان الصلاتية بالجزء وإلا فلا تصدق الزيادة أيضاً، بل في الحقيقة لا يكون المأتي به من سنخ الصلاة.