46/07/05
الشك في الجزئية في حالة النسيان/ أصالة الاحتياط / الأصول العملية
الموضوع: الأصول العملية/ أصالة الاحتياط / الشك في الجزئية في حالة النسيان
كان الكلام في الاعتراض على الوجه الأول الذي ذكره المحقق الخراساني لتجاوز إشكال الشيخ الأعظم على تكليف الناسي بالناقص، وحاصل الاعتراض هو أنَّ الأمر بالناقص - الشامل للذاكر والناسي - لا يخلو من احدى حالات أربعة:
فإما أن يكون مقيداً بضم الجزء المنسي إليه، وإما أن يكون مطلقاً من ناحيته، وإما أن يكون مهملاً كذلك، وإما أن يكون مطلقاً بالنسبة الى الناسي ومقيداً بالنسبة الى الذاكر، وكلها غير صحيحة، أما الأول فهو خلف ما هو المفروض من وجوب الأقل بدون الزائد على الناسي.
وأما الثاني فيلزم منه أن يكون الواجب بهذا الخطاب على الذاكر مطلق الناقص، وأن يكون الزائد بالنسبة إليه واجباً في واجب، فيكون الواجب على الذاكر أمران مستقلان لا ارتباط بينهما أحدهما الناقص والآخر هو الجزء المنسي كالسورة مثلاً، وهذا خلف المفروض من وجوب الناقص عليه مقيداً بالجزء العاشر.
وأما الثالث فغير معقول لعدم معقولية الإهمال في الواقع وفي مقام الثبوت، لأنَّ التقابل بينهما في هذا المقام هو من تقابل السلب والايجاب بناءً على ما هو الصحيح.
وأما الرابع فهو باطل أيضاً لأنَّ مرجعه الى خطاب بالأكثر لخصوص الذاكر وخطاب بالناقص لخصوص الناسي، وهذا رجوع الى أصل الاشكال وهو كيف نتعقل وجود خطاب مختص بالناسي!
جواب المحقق النائيني:
يفهم من كلمات المحقق النائيني محاولة دفع هذا الاعتراض وحاصلها هو اختيار الاحتمال الثاني - أي إطلاق الخطاب من ناحية الجزء المنسي - من دون لزوم الاستقلالية، فكأنَّ المعترض يفترض الملازمة بين تعدد الخطاب وبين الاستقلالية فإذا أمر الشارع بخمسة أجزاء مثلاً ثم أمر بخطاب مستقل بجزء آخر فهذا يعني أنها واجبات استقلالية، ولكن لا ملازمة بين الأمرين بل قد لا يتأتى جمعُ جميع الأجزاء بخطاب واحد فيذكر المعظم في خطاب ويذكر الباقي في خطاب آخر ولا تلزم الاستقلالية، وإنما تُفهم الاستقلالية وعدمها من وحدة الملاك وتعدده، قال ما حاصله:
إنَّ وحدة الخطاب وتعدده لا دخل لها في الارتباطية وعدمها بل ينشأ من وحدة الملاك القائم بمجموع الأجزاء، فرُبَّ ملاك لا يمكن أن يُستوفى بخطاب واحد بل يحتاج الى خطابين فتعدد الخطاب لا يلازم الاستقلالية بل لا بد من ملاحظة الملاك، فإذا كان واحداً قائماً بمجموع المتعلقَين في الخطابين فحينئذٍ تتحقق الارتباطية لا محالة، وإن كان متعدداً فالمتعلقان للخطابين مستقلان.
ثم استظهر الأول - أي وحدة الملاك - وأنه يترتب على مجموع المتعلقَين، وتعدد الخطاب لا يلازم الاستقلالية.
والحاصل إنَّ دعوى أنَّ التكليف بالجزء الزائد لو كان بخطاب يختص بالذاكر يلزم أن يكون الجزء الزائد واجباً مستقلاً غير مرتبط بسائر الأجزاء غير تامة.
وبذلك يندفع الاعتراض الأول لأننا حافظنا على الارتباطية بين الناقص والجزء الزائد بالنسبة الى الذاكر على أساس افتراض وحدة الملاك والغرض فلا إشكال في الالتزام بخطاب عام بالناقص، مطلق من ناحية الزائد، وخطاب بالزائد يختص بالذاكر.
إلفات:
نعم لا بد من الالتفات الى أنَّ الوارد في كلمات المحقق النائيني هو أنَّ المكلف به في الخطاب الأول هو (بقية الأجزاء ما عدا الجزء المنسي)[1] والظاهر أنَّ فيه مسامحة لأنَّ النسيان لا يقع دائماً على جزء خاص حتى يمكن فرض تعلق التكليف ببقية الأجزاء، بل كل جزء يمكن أن يتعلق به النسيان فلا يكون المكلف به محدداً ومعيناً، بل قد يكون المنسي في حال أو بالنسبة الى فرد مأموراً في حال آخر ولفرد آخر، ولعل مراده هو ما في الكفاية من أنَّ المكلف به هو (الخالي عما شُك في دخله مطلقاً)[2] وتوضيحه:
لا شك في دخالة الأركان مطلقاً – أي في حال التذكر والنسيان – نعم ما عداها يُشك في دخلها في حالتي التذكر والنسيان أو في خصوص حالة التذكر، فكل جزء ما عدا الاركان نشك في دخله مطلقاً، فالخطاب الأول يتعلق بما عدا هذه الأجزاء - وهي الأجزاء التي نعلم أنها دخيلة مطلقاً - وهي عبارة عن الأركان.