46/06/21
دوران الأمر بين الأقل التعيين والتخيير/ أصالة الاحتياط / الأصول العملية
الموضوع: الأصول العملية/ أصالة الاحتياط / دوران الأمر بين الأقل التعيين والتخيير
كان الكلام في الوجه الثاني في تفسير حقيقة الوجوب التخييري وحاصله هو ارجاع التخيير الشرعي الى التخيير العقلي، بمعنى أنَّ الواجب هو عنوان انتزاعي وهو عنوان (أحدهما)، ومن يلتزم بهذا الوجه يقول بانحلال العلم الإجمالي بوجوب أحدهما على كل تقدير والشك في تقيُّد الواجب بخصوصية زائدة كالعتق فتجري فيه البراءة، فيثبت التخيير.
وتقدمت المناقشة فيه.
والصحيح - على هذا الوجه - هو عدم انحلال العلم الإجمالي انحلالاً حقيقياً وذلك باعتبار أنَّ الواجب على تقدير الوجوب التعييني هو (واقع أحدهما) لا (عنوان أحدهما)، نعم على تقدير التخيير فالواجب هو عنوان (أحدهما)، فنعلم إجمالاً بأنَّ الواجب إما هو (واقع أحدهما) أو (عنوان أحدهما)، وهما أمران متباينان لا علم تفصيلاً بأحدهما، فالعلم الاجمالي باقٍ ولا تجري البراءة.
نعم يمكن دعوى الانحلال الحكمي بناءً على مسلك الاقتضاء وذلك بجريان البراءة عن وجوب العتق، ولا تُعارض بالبراءة عن وجوب (أحدهما) لعدم جريانها فيه لأنها إنما تجري لغرض التأمين من ناحية عدم الاتيان بأحدها وعدم الاتيان بأحدهما هو فرض المخالفة القطعية، فتجري البراءة لنفي وجوب العتق بلا معارض، فينحل العلم الإجمالي حكماً لا حقيقة.
الوجه الثالث: ما يظهر من المحقق الخراساني في بعض موارد الوجوب التخييري
وحاصله هو نفس الوجه الأول - أي أنَّ مرجعه الى وجوبين مشروطين بترك الآخر -بفارق وهو أنه في الوجه الأول لم يكن إطلاق لا للخطاب ولا للملاك ولكن في المقام يُفرض ثبوت الملاك في كل طرف مطلقاً، ولكن المولى لم يأمر بالإتيان بكل من الطرفين جميعاً لأجل وقوع التزاحم في الملاكات والتنافي في مقام التحصيل خارجاً بحيث يكون استيفاء أحدهما معجِّزاً للمكلف عن استيفاء الغرض الآخر ولذا لم يأمر بهما مطلقاً.
وبناءً عليه لا بد من الاحتياط والالتزام بالتعيين وعدم المصير الى التخيير لأنَّ الشك في المقام يرجع الى الشك في أنَّ الاطعام هل يُعجِّز المكلف عن استيفاء الغرض اللزومي في العتق أو لا، وهذا شك في القدرة وفي مثله اتفقوا على أنَّ المورد هو مورد لقاعدة الاشتغال، فيتعين الالتزام بالاحتياط والاتيان بالعتق، وهو الذي يحتمل كونه واجباً تعيينياً.
الوجه الرابع: ما عن المحقق العراقي وحاصله:
إنَّ الواجب التخييري هو ما وجب سد بعض أبواب عدمه كصلاة الظهر في يوم الجمعة - بناءً على التخيير بينها وبين الجمعة - فيجب سد باب عدمهما المقارن لعدم الاتيان بالجمعة، ولا يجب سد باب عدمها المقارن للإتيان بصلاة الجمعة، بخلاف الوجوب التعييني فإنه ما وجب سد تمام أبواب عدمه كصلاة الظهر في يوم الخميس، وبناءً عليه فالصحيح هو الانحلال الحقيقي وجريان البراءة كما في الوجه الأول، حيث قلنا بأنَّ وجوب العتق عند ترك الاطعام معلوم بالتفصيل وإنما الشك في وجوب العتق عند الاتيان بالإطعام وهذا شك في التكليف تجري فيه البراءة، وفي المقام نقول إنَّ وجوب سد باب عدم العتق المقارن لعدم الاطعام معلوم بالتفصيل، وأما وجوب سد باب عدم العتق المقارن للإتيان بالإطعام فمشكوك تجري البراءة.