« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول

46/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

 الأصول العملية/ تنبيهات العلم الإجمالي / التنبيه الثاني انحلال العلم الإجمالي/ خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء

الموضوع: الأصول العملية/ تنبيهات العلم الإجمالي / التنبيه الثاني انحلال العلم الإجمالي/ خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء

 

الدليل الثالث على عدم صحة التمسك بإطلاق الخطاب في مورد الشك هو ما يقال من أنَّ المتكلم ليس في مقام البيان من الجهة المشكوكة، وصحة التمسك بالإطلاق فرع احراز كون المتكلم في مقام البيان من تلك الجهة، أي جهة اشتراط الدخول في محل الابتلاء أو عدم اشتراطه.

وبعبارة أخرى إنَّ التمسك بالإطلاق إنما يصح لنفي ما يحتمل دخالته شرعاً، كما في احتمال دخالة الإيمان في التكليف بعتق رقبة، فإنَّ هذا القيد لو كان داخلاً لكان الحاكم به هو الشارع، وأما إذا كان الحاكم بما يُحتمل دخالته غير الشارع كالعقل أو العقلاء - كحكم العقل بقبح تكليف العاجز - فلا يصح التمسك بالإطلاق لنفي احتمال دخالته، وفي محل الكلام القيد المحتمل ليس مما يحكم به الشارع فلا يصح التمسك بالإطلاق عند الشك فيه، بخلاف الحالة الأولى – أي نفي اعتبار الايمان في الرقبة - التي يصح فيها التمسك بالإطلاق فإنَّ القيد لو كان دخيلاً لذكره الشارع وحيث لم يذكره مع كونه في مقام بيان ما يُعتبر في تكليف فهو لا يريده، ولو كان يريده لبيَّنه، والمفروض عدم وجود ما يمنع من ذكره، ولو فرض إرادته مع عدم ذكره لكان الشارع مخلاً بالبيان والشارع لا يُخل بوظيفته، فنستكشف من مجموع ذلك عدم إرادة ما يُحتمل دخالته في التكليف، ومحل الكلام من الثاني فإنَّ (الخروج عن محل الابتلاء) ليس مما يحكم به الشارع.

هذه هي أهم الوجوه التي ذُكرت لعدم صحة التمسك بالإطلاق لإثبات فعلية التكليف في الفرد المشكوك وبالتالي إثبات منجزية العلم الإجمالي، ويبدو أنَّ الوجه الأخير تام دون الوجهين الأول والثاني.

القول الثاني صحة التمسك بالإطلاق لإثبات فعلية التكليف في الفرد المشكوك.

واستُدل عليه بما نُقل عن الشيخ الأنصاري قده من تطبيق كبرى جواز التمسك بالعام في الشبهة المفهومية للمخصص، هذا الاستدلال يتوقف على أمرين:

الأول أن يكون المخصص منفصلاً، وأما المتصل فإجماله يسري الى العام ويمنع من التمسك به، وقد تقدم أنَّ هذا الحكم العقلي أو العقلائي ليس واضحاً وبديهياً بنحو يكون مقترناً بالخطاب حتى يكون كالمتصل، بل هو حكم نظري يحتاج الى تأمل وإمعان نظر، فيكون بحكم المنفصل.

الثاني عدم تمامية الوجوه الثلاثة المتقدمة لإثبات عدم جواز التمسك بالإطلاق في محل الكلام، وقد تقدم أنَّ الوجه الثالث تام عندنا.

فيبدو الى هنا أنَّ ما ذكره المحقق الخراساني قده - حيث منع من التمسك بالإطلاق - هو الصحيح.

الى هنا يتبين أنه يكفي في عدم العلم بالتكليف الفعلي على كل تقدير احتمال خروج أحد الطرفين عن محل الابتلاء، إذ يُحتمل حينئذٍ عدم فعلية التكليف على تقدير ثبوته في ذلك الطرف، فلا علم بالتكليف على كل تقدير، فلا يكون العلم الإجمالي منجِّزاً في حالة الشك في خروج بعض اطرافه عن محل الابتلاء.

وتبين أنَّ محاولة إثبات التكليف في الفرد المشكوك بالتمسك بإطلاق التكليف حتى يكون العلم الإجمالي منجِّزاً ليست تامة.

محاولة المحقق العراقي:

وهناك محاولة أخرى ذكرها المحقق العراقي قده لإثبات منجزية العلم الإجمالي في المقام بطريق آخر، وحاصلها:

إنَّ العلم الإجمالي وإن لم يكن علماً بالتكليف على كل تقدير ولكنه علم بتكليف فعلي على تقدير وموضوعٌ لحكم العقل بالتنجيز على تقدير آخر، فيكون العلم الإجمالي علماً بما يقبل التنجيز على كل تقدير فيكون منجِّزاً.

وتوضيح ذلك:

إنَّ التكليف على تقدير أن يكون في الطرف الداخل في محل الابتلاء فعلي، وعلى تقدير أن يكون موجوداً في الطرف المشكوك فالتكليف مشكوك، لكن الشك في فعلية التكليف فيه نشأ من الشك في القدرة - بناءً على تفسير الخروج عن محل الابتلاء بعدم القدرة العرفية - فيكون من موارد الشك في القدرة فيجب فيه الاحتياط بحكم العقل.

logo