« قائمة الدروس
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول

46/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

 الأصول العملية/ تنبيهات العلم الإجمالي / التنبيه الثاني انحلال العلم الإجمالي/ الاضطرار الى بعض أطراف العلم الإجمالي

الموضوع: الأصول العملية/ تنبيهات العلم الإجمالي / التنبيه الثاني انحلال العلم الإجمالي/ الاضطرار الى بعض أطراف العلم الإجمالي

 

تتمة بيان رأي المحقق النائيني:

ذكرنا فيما تقدم أنَّ المحقق النائيني ذكر أنَّ الاضطرار الى المعيَّن يقتضي بنفسه التوسط في التكليف ولا يمكن أن يقتضي التوسط في التنجيز، وذلك لأنَّ الاضطرار الى المعيَّن مع مصادفته الحرام الواقعي لا حرمة فيه لأجل الاضطرار، وأما إذا لم يصادف الحرام الواقعي فالحرمة ثابتة فيه، فالتكليف بالحرمة يرتفع حقيقة على تقدير ويكون ثابتاً على تقدير آخر، وهو معنى التوسط في التكليف.

وأما التوسط في التنجيز فهو يستبطن وجود تكليف ثابت على كل تقدير، لكنه يكون بالغاً مرحلة التنجيز على تقدير وليس بالغاً مرحلة التنجيز على تقدير آخر، والمقصود منه هو بيان أنَّ التكليف الثابت على كل تقدير ومع الجهل لا يكون منجزاً ومع العلم يكون منجزاً.

والتوسط في التنجيز يكون ثابتاً دائماً إذا كان الجهل بالموضوع أو بالمتعلق دخيلاً في الترخيص، ولا محالة حينئذٍ يكون الترخيص ترخيصاً ظاهرياً، وهو لا يرفع التكليف الواقعي ولا ينافيه، فلا بد أن يكون التوسط في التنجيز لا في التكليف.

وعليه فالميزان في الترخيص الواقعي والظاهري هو أنَّ الجهل كلما كان دخيلاً في ثبوته فالترخيص ظاهري، وكلما لم يكن دخيلاً في ثبوته فالترخيص واقعي.

ويترتب عليه ارتفاع التكليف في الترخيص الواقعي وأنَّ التوسط يكون في التكليف، وعدم ارتفاع التكليف في الترخيص الظاهري وأنَّ التوسط يكون في التنجيز.

ومن هنا يتبين أنَّ الترخيص في المقام الأول – أي الاضطرار الى أحد الطرفين بعينه - هو ترخيص واقعي، بينما الترخيص في المقام الثاني – أي الاضطرار الى أحد الطرفين لا بعينه - هو ترخيص ظاهري.

وحيث أنَّ الترخيص في المقام الأول واقعي كما تقدم يكون التوسط في التكليف لا محالة، وأما في المقام الثاني فقد ذُكر في فوائد الأصول أنَّ فيه وجهان لأنه اجتمع فيه كل من الجهتين الاضطرار من جهة والجهل من جهة أخرى، لأنه لولا الجهل بالحرام لتعيَّن رفع الاضطرار بغيره، كما أنه لولا الاضطرار لما رُخِّص له في ارتكاب أحد الطرفين ولتعيَّن عليه اجتناب كلا الطرفين، فالترخيص التخييري يستند الى مجموع الأمرين، فوجه كونه ظاهرياً هو أنَّ الجهل دخيل في ثبوته، وهذا واضح.

وأما وجه كونه واقعياً فهو أنَّ الاضطرار في محل الكلام بوجوده الواقعي لا ينافي التكليف الواقعي، فلا يتصرف فيه ولا يرفعه، فلا يكون الترخيص المجعول في المقام رافعاً للحكم الواقعي، نعم يمكن أن يُدعى أنَّ الاضطرار في محل الكلام يكون منافياً للتكليف الواقعي في حال الجهل بالموضوع أو المتعلق كما هو المفروض في المقام، فإنَّ المكلف الجاهل بالحرام إذا ارتكب هذا الطرف لرفع عطشه وصادف كونه الحرام الواقعي يكون مصداقاً للمضطر الى ارتكاب الحرام، ويقال له مضطر الى الحرام بالحمل الشايع، وإن كان يمكنه رفع اضطراره بالطرف الآخر، وإذا صدق الاضطرار الى الحرام فالترخيص يكون واقعياً، لأنَّ التكليف يرتفع واقعاً عندما يضطر المكلف الى ارتكاب متعلقه، وهنا وإن كان غير مضطر الى ارتكابه حقيقة لكنه ارتكب هذا الطرف لرفع اضطراره فاعتُبر مضطراً إلى ارتكابه، أي أنه مضطر الى فعل الحرام كما هو الحال في المقام الأول، ومعه يكون ارتفاع التكليف واقعياً والترخيص كذلك.

ثم ذكر المقرر أنَّ المحقق النائيني مال الى التوسط في التكليف والترخيص الواقعي وقواه في ابتداء الأمر ولكنه عدل عنه واختار الترخيص الظاهري والتوسط في التنجيز.

 

logo