< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

45/10/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الأصول العملية/ تنبيهات العلم الإجمالي / التنبيه الأول

كان الكلام في الجواب عن الاعتراض الثاني على الدليل الأول المُستدَل به على سقوط العلم الإجمالي عن المنجزية إذا كانت الأطراف كثيرة، وحاصل الاعتراض هو المنع من حصول الاطمئنان بعدم الانطباق في جميع الأطراف لأنه يعني السالبة الكلية وهي تنافي الموجبة الجزئية المفروضة في محل الكلام.

وأجيب عنه بالنقض والحل أما النقض فقد تقدم، وأما الحل فهو المذكور في مقالات الأصول للمحقق العراقي قده، وتعرض له السيد الشهيد قده، وحاصله:

إنَّ المنافاة بين الموجبة الجزئية والسالبة الكلية إنما تتم حينما يفترض أنَّ الاطمئنان بعدم الانطباق في كل طرف يثبت بنحو مطلق، أي سواء افتُرض الانطباق في باقي الأطراف أو افتُرض عدم الانطباق فيها، فيقال إنَّ تجميع الاطمئنانات بعدم الانطباق وضم بعضها الى بعض تحصل السالبة الكلية وهي تنافي الموجبة الجزئية، وأما إذا فرضنا - كما هو الصحيح - إنَّ الإطمئنان بعدم الانطباق في كل طرف ليس مطلقاً وإنما هو ثابت على تقدير الانطباق في باقي الأطراف، أو قل إنَّ احتمال الانطباق في كل طرف يُساهم في حصول الاطمئنان بعدم الانطباق في هذا الطرف، أي أنَّ حصول الاطمئنان بعدم الانطباق في هذا الطرف قد حصل نتيجة احتمالات الانطباق في كل الأطراف، قال ما حاصله:

إنَّ ما ذكر إنما يكون تاماً في الموارد التي يكون الاطمئنان بعدم الانطباق في كل طرف ثابتاً مطلقاً، أي حتى على تقدير عدم الانطباق في الأطراف الأخرى، فإنه حينئذٍ يصح ما ذُكر لأنَّ مجموع هذه الاطمئنانات بعدم الانطباق في الأطراف يولد الاطمئنان بعدم الانطباق في الجميع وهي السالبة الكلية، وأما إذا فرضنا أنَّ الاطمئنان بعدم الانطباق في كل طرف ليس مطلقاً بل هو على تقدير الانطباق في الأطراف الأخرى فلا يتم ما ذُكر لأنَّ مجموع هذه الاطمئنانات الموجودة بالفعل في الأطراف لا يؤدي الى الاطمئنان بعدم الانطباق في الجميع، أي السالبة كلية، لأنَّ كل إطمئنان منها مقيد بالانطباق في الأطراف الأخرى، ومن الواضح أنَّ الاطمئنانات المقيدة والثابتة على تقدير الانطباق في الأطراف الأخرى لا يمكن أن ينتج منها السالبة الكلية أي الاطمئنان بعدم الانطباق في الجميع، لأنَّ المفروض أنَّ الاطمئنان بعدم الانطباق في كل طرف إنما تولد ونشأ من افتراض الانطباق في الأطراف الأخرى، لأنَّ المفروض أنه ليس ثابت مطلقاً كما تقدم، ومعه كيف يحص الاطمئنان بعدم الانطباق في جميع الأطراف؟!

ونفس الكلام يقال في الشبهة المحصورة فإنه لا اشكال في أنَّ احتمال عدم الانطباق في كل طرف ثابت فعلاً بالوجدان لكنه يكون ثابتاً ثبوتاً مقيداً بعدم الانطباق في الطرف الآخر وليس ثبوتاً مطلقاً أي حتى على تقدير عدم الانطباق فيه، ومن الواضح أنَّ ضم هذين الاحتمالين المقيدين بعضهما لبعض لا ينتج السالبة الكلية أي عدم الانطباق في الطرفين على نحو يكون منافياً للموجبة الجزئية.

والحاصل إنَّ الاطمئنان بعدم الانطباق في كل طرف إنما نشأ من اتفاق احتمالات الانطباق في الأطراف الأخرى على نفي الانطباق في هذا الطرف، إذن تلك الاحتمالات هي الأساس في تكون الاطمئنان بعدم الانطباق في هذا الطرف، ومع افتراض عدم الانطباق على ذاك الطرف لا مبرر للاطمئنان بعدم الانطباق على هذا الطرف، لأنَّ هذا الافتراض يعني بطلان بعض الاحتمالات التي هي الأساس في تكون الاطمئنان بعدم الانطباق في هذا الطرف.

هذا هو الجواب الحلِّي، وملخصه:

نحن نُسلِّم الاطمئنان بعدم الانطباق في كل طرف ولكننا ننكر وجود هذا الاطمئنان في جميع الأطراف، لأنَّ الاطمئنان بعدم الانطباق في كل طرف ناشئ من افتراض الانطباق في الباقي، ومع عدم السالبة الكلية فلا منافاة مع العلم الإجمالي.

هذا هو الاعتراض الثاني وتبين أنه غير تام.

الاعتراض الثالث: أننا لو سلَّمنا وجود الاطمئنان بعدم الانطباق في كل طرف فإنَّ هذه الاطمئنانات متعارضة في الحجية والمعذرية للعلم الإجمالي بكذب بعضها، وهذا التعارض يؤدي الى سقوطها عن الحجية لأنَّ حجيتها جميعاً غير معقول لمنافاته للعلم الإجمالي، وحجية بعضها دون بعض ترجيح بلا مرجح، كما يقال ذلك في تعارض الأصول المؤمنة في أطراف العلم الإجمالي.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo