درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علویگرگانی
98/08/27
بسم الله الرحمن الرحیم
/ وهو بيان شرط جريان أصالة البراءة العقليّة/أمّا الكلام في المقام الثاني
الموضوع: أمّا الكلام في المقام الثاني/ وهو بيان شرط جريان أصالة البراءة العقليّة/
أمّا الكلام في المقام الثاني: وهو بيان شرط جريان أصالة البراءة العقليّة، والظاهر أنّ البحث في شرطها وفي البراءة النقليّة كان في غير الشبهات الموضوعيّة لأجل وجود الإجماع على عدم وجوب الفحص فيها، بل قد ادّعي أنّه يكون كذلك على حسب إطلاق الأدلّة وهو يحتاج إلى البحث.
وأمّا في الشبهات الحكميّة فالظاهر أنّه ممّا لا خلاف في وجوب الفحص واليأس عن الظفر عن الحجّة و شرطيّتهما في إجراء البراءة العقليّة، والبحث في ذلك في جهاتٍ أربع: الاُولى في اعتبار الفحص وعدمه، الثانية في مقداره، الثالثة في استحقاق التارك للفحص للعقاب وعدمه، الرابعة في صحّة العمل المأتي به قبل الفحص وعدمه.
أمّا الجهة الاُولى: وهي وجوب الفحص واليأس في صحّة جريان البراءة العقليّة، قد يُقال إنّه كذلك بالأدلّة الأربعة من الكتاب و السُّنة و الإجماع والعقل وهو العمدة، ولذلك تقدّم وجهه حيث يستظهر بعده وجود الدليل بالثلاثة، ولذلك قلنا بأنّ دليل وجوب الفحص واليأس عن الظفر بالدليل و الحجّة عقلاً قد قرّر بوجوه عديدة بعضها لا يخلو عن مناقشة، فلا بأس بذكرها تفصيلاً.
الأوّل: هو ما ذكره المحقّق النائيني قدسسره وهو حصول العلم الإجمالي لكلّ أحدٍ قبل الأخذ في استعلام المسائل بوجود واجبات و محرّمات كثيرة في الشريعة، ومعه لا يصحّ التمسّك بأصل البراءة لأنّ الشّك في المكلّف به لا التكليف[1] .
هذا، و إن أمكن نسبته إلى الغير إجمالاً بقوله: وقد يقرّر، إلاّ أنّه لا يردّه حيث يظهر منه تسليمه أو كان الدليل من عند نفسه.
ولكن أورد عليه المحقّق الخميني قدسسره بقوله: وهو من الضعف بمكان لأنّ كلامنا إنّما هو في شرائط جريان أصل البراءة بعد المفروغيّة عن مجراه وهو الشّك في التكليف لا المكلّف به، فالاستدلال بالعلم الإجمالي خروج عن موضوع البحث، فالنقض والإبرام في أطرافه في غير محلّهما، لكن المحقّقين لمّا تعرّضوا له فلا محيص عنه بنحو الإجمال[2] .
ولكن التأمّل فيه يوجب رفع هذا الإشكال بأنّ الشّك في المكلّف به كان بالنظر إلى أصل الفحص الذي أُخذ شرطاً لجريان البراءة، والشّك في التكليف كان متعلّقاً بخصوص الحكم المشكوك مثل شرب التتن، فالتعلّق لأحدهما يكون غير ا لآخر، فالإشكال بأنّه بحث في غير مورده ممّا لا ينبغي أن يصغى إذ لا منافاة بين كون الشّك في وجوب الفحص كان شكّاً في المكلّف به، والشّك في حرمة شرب التتن شكّاً في التكليف، فهذا الإشكال غير وارد عليهم، فما لم يفحص ولم يحصل اليأس لم يصير الشّك في المسائل و الأحكام شكّاً في التكليف حتّى تجري فيه البراءة.