درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علویگرگانی
95/08/01
بسم الله الرحمن الرحیم
صور الشكّ في التعيين والتخيير
الموضوع: صور الشكّ في التعيين والتخيير
الوجه الرابع: في بيان الأقسام المتصوّرة في الشكّ في التعيين والتخيير، وبيان ما يجري فيه البراءة وما لا يجري :
أقول: الشكّ فيهما يتصوّر على صور:
الصورة الاُولى: تارةً يكون الشكّ في أصل التكليف التعييني أو التخييري، قال صاحب «الفوائد» في بيان ذلك: (أنّ أصل ثبوت التكليف المردّد بينهما مشكوك، أو المردّد بين خصوص التخيير والإباحة، كما لو شكّ في أنّ الارتماس في نهار شهر رمضان هل يقتضي وجوب إحدى الخصال تخييراً، أو لا يقتضي شيئاً أصلاً، كما لو فرض الشكّ في أنّ المُفطّر الكذائي هل يقتضي الكفّارة أو لا يقتضيه، وعلى تقدير اقتضائه فهل يقتضي كفّارة معيّنة، أو يقتضي التخيير بين إحدى الخصال الثلاث؟
ولا ينبغي التأمّل والإشكال في جريان البراءة في ذلك، فإنّ الشكّ فيه يرجعُ إلى الشكّ في أصل التكليف، فما نَسَبه بعضٌ إلى ظاهر صدر كلام الشيخ قدسسرهفي المقام، من أنـّه يعطي عدم جريان البراءة في هذا القسم من الشكّ ليس في محلّه، ولا تُوهمه عبارة الشيخ، خصوصاً بعد ضمّ ذيل كلامه إلى صدره، بل كلام الشيخ ناظرٌ إلى ما سيأتي عليك من الأقسام)، انتهى محلّ الحاجة[1] .
أقول : يقتضي المقام نقل نصّ كلام الشيخ حتّى يلاحظ ما فيه ، حيث قال رحمهاللهما لفظه:
(الثالث: أنّ الظاهر اختصاص أدلّة البراءة بصورة الشكّ في الوجوب التعييني، سواء كان أصليّاً أو عرضيّاً، كالواجب المخيّر المتعيّن لأجل الانحصار، أمّا لو شكّ في الوجوب التخييري والإباحة، فلا تجري فيه أدلّة البراءة لظهورها في عدم تعيين الشيء المجهول على المكلّف، بحيث يلتزم به، ويعاقب عليه، وفي جريان أصالة عدم الوجوب تفصيلٌ آخر)[2] .
والملاحظ في هذا النّص من الشيخ رحمهالله صراحته في عدم جريان البراءة في الواجب التخييري، ودعواه اختصاصها بالوجوب التعييني، ولكن لا يخفى أنّ مراد الشيخ رحمهالله من ذلك ليس هو عدم شمول أدلّة البراءة لأصل الوجوب المردّد لكلّ فردٍ من أفراد الواجب التخييري، بل مراده لزوم ملاحظة حال الفرد في الواجب التخييري إذا تردّد أمره بينه وبين الإباحة؛ لأنّ كلّ فردٍ لا يكون في تركه عقابٌ ـ على فرض ثبوت الواجب؛ لأنّ له عِدْلٌ ـ فله تركه إذ هو إمّا مباح فجواز تركه واضحٌ، وإمّا فردٌ من الواجب التخييري، فيصبح جواز تركه من لوازم الواجب التخييري، والحال أنّ مقتضى جريان البراءة هو احتمال وجوب الفرد التعييني، بحيث لو تركه المكلّف لعوقب عليه، وهذا ما يرفعه حديث الرفع، وهذا بخلاف ما لا يكون في تركه القطعي عقوبة ـ كما في المقام ـ فضلاً عن احتماله.