درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علویگرگانی
99/11/26
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: وهكذا يفهم أيضاً من كلام صاحب «الجواهر» عدم التنافي أوّلاً
وهكذا يفهم أيضاً من كلام صاحب «الجواهر» عدم التنافي أوّلاً.
وإن أبيت، فلابدَّ عند المعارضة من حمل تلک الأخبار على التقيّة، كما أشار إليه صاحِبَي «الجواهر» و«المصباح»، تبعاً لصاحب «الحدائق»، واللّه العالم.في الجمع بين التفسيرين للأقرأ
هذا هو التفسير الأوّل، وقد عرفت مرجع كلّ ذلک إلى معنى واحد، وإن كانت العبارات مختلفة في تأدية ذلک.
فإنَّ لفظ (الأكثر) يُومي إلى الأكثريّة في العدد من جهة القراءة كمّاً لا كيفاً. وسند الرواية صحيح بطريقين من العلاء وحريز، وهو مؤيّدٌ للقول الثاني، لأنّ شغل الصحابة في العصر الأول كان محدوداً بقراءة القرآن، ولعلّ الشارع جعلها مزيّة للامام.
وكذا الخبر المرسل الذى رواه الشيخ الصدوق، عن محمّد بن عليّ بن الحسين، ونسبه جزماً إلى الباقر والصادق 8، قال :
قالا: «لا بأس أن يؤمّ الأعمى إذا رضوا به، وكان أكثرهم قراءةً وأفقههم»[2] .
وقيل إن ارساله غير مضرّ بصحته، لأنّه قد تعهّده في أوّل الكتاب بأن كلّ ما أورده فيه من الأخبار جزماً فهو خبرٌ مقبولٌ عنده حتى ولو كان فى سنده ارسالٌ. وعلى ذلک لا بأس باختيار التفسير الثاني، والحكم بأنّه كافٍ في جهة الترجيح.
إِلاَّ أنّه لا ينافي بأن لا يكون معارضاً بما قد فسّر أوّلاً، بل يمكن القول بترجيح الأوّل على الثاني إذا تعارضا، وكان القاري جامعاً لكليهما؛ لأنَّ الملاک في أصل ما يمكن ويكفي في جهة ملاحظة الترجيح، ليس إِلاَّ الثاني، وإن كان يمكن ضمّ زيادته بما في الأوّل، فيحصل التوفيق بالجمع بينها ورفع التعارض عن البَيْن.
الدليل عليه: أوّلاً الشهرة لكنّها دون الإجماع، وثانياً الخبر المنقول في كتاب «فقه الرضا»(ع)، وجاء فيه: «إنّ أَولى الناس بالتقدّم في الجماعة أقرأهم للقرآن، فإن كانوا في القراءة سواء فأفقههم»، الحديث[3] .
وخبر «دعائم الإسلام» رغم أنّه قدّم الهجرة على القراءة والفقه، وهو مخالف للمشهور، بل لحكم كثيرٍ من الفقهاء في ذلک، ولكن يفيدنا من جهة ذكر الأفقهيّة بعد الأقرائيّة، وضعف الخبرين منجبرٌ بالشهرة.
ولا يعارضهما إِلاَّ خبر أبي عبيدة، حيث إنّه جعل الامتياز بعد الأقرائيّة لمن هو أقدمهم هجرةً، وحيث إنّ الشهرة على خلافه، وموهناً له كما أنّها جابرة للخبر المروي في «فقه الرضا» فلا يُعتنى به.
فمن ذلک يظهر ضعف ما عن المرتضى، وأبي علي، وصاحب «السرائر»، من جعل الأسَنّ بعد الأقرأ ثمّ الأفقه، وكذلک ضعف ما ذهب إليه بعض الأصحاب كصاحب «البيان» إلى تقديم الهجرة، ثمّ الأسبق ثمّ الأفقه، وضعف ما عن القاضي حيث لم يذكر الأفقه أَصلاً، كالمحكي عن «الأمالي» من جعل الأقدم هجرةً بعد الأقرأ وبعده الأسنّ وبعده الأصبَح وجهاً، حيث لم يعرف لهذه الصفات ومدخليتها شاهداً، إِلاَّ خبر أبي عبيدة، وقد عرفت قصوره في الدلالة لأجل مخالفته مع المشهور.
فقد قال صاحب «الجواهر»[4] : (لم يبعد الحكم بترجيحه عليه أيضاً، وفاقاً
للروض و«المسالک» و«الرياض» وغيرها، بل عن «فوائد الشرائع» نسبته إلى ظاهر كلامهم، خلافاً للذكرى، فلم يعتبره لخروجه عن كمال الصلاة.
بل قد يظهر من خبر أبي عبيدة إرادته بالخصوص، لقوله(ع) فيه: «الأعلم بالسُّنّة والأفقه في الدِّين».
وهكذا يكون الأمر، لو كان أحدهما أفقه من الآخر في الصلاة، والآخر أفقه منه في غير الصلاة، فيما لو فرض عموم فقاهته لسائر أبواب الفقه.