درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علویگرگانی
1400/03/03
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: وأن يؤمّ الأعرابي بالمهاجرين
(1) ومن جملة المكروهات في الإمامة، إمامة الأعرابي للمهاجرين.
البحث في هذا الفرع في جهتين :
هذا تمام الكلام بالنسبة إلى المتأخِّرين.
واستدلّ للمنع بالنهي الوارد في جملةٍ من الأخبار المتقدِّمة في المباحث السابقة ولكن بعبارات مختلفة.
ففي بعضها إطلاق (الأعرابي)، كخبرَي أبي بصير وعبداللّه بن طلحة النهدي.
وفي بعضها تقييده بقوله: (حتّى يهاجر)، كما في صحيحة محمّد بن مسلم. وفي صحيحة زرارة أو حسنته.
وقال المحقّق الهمداني في «المصباح»: (والمراد من الخبر الأخير بحسب الظاهر هو التعرّب بعد الهجرة، الَّذي عدّوه من الكبائر الموجبة للفسق، فهذه الرواية أجنبيّة عن المدّعى، بل الظاهر أَنَّ المراد به في الصحيحة التي قيّد فيها بقوله: (حتّى يهاجر)، إرادة الأعرابي الَّذي يجب عليه الهجرة إلى دار الإسلام ويفسق بتركها، لا مطلق ساكن البادية، وإن كان جامعاً لشرائط الإمامة). انتهى محلّ الحاجة[3] .
ولقد أجاد فيما أفاد بالنسبة إلى هذه الرواية.
وأمّا فيما عدا ذلک من الأخبار الناهية عن إمامته مطلقاً، فلا يبعد دعوى انصرافه إلى ما هو الغالب فيهم من عدم جامعيّتهم لشرائط الإمامة، ولو من باب القصور لا التقصير الموجب للفسق، كعدم إتقانهم للقراءة ونحوها، فيكون النّهي حينئذٍ محمولاً على الكراهة تمشياً مع الحكمة التى نستفيدها منها.
كما يؤيّد المطلب والمدّعى الرواية المرويّة في «قُرب الإسناد» مسنداً إلى أبي البختري، عن جعفرٍ، عن أبيه 8: «أَنَّ عليّاً(ع) كره أن يؤمّ الأعرابي، لجفائه عن الوضوء والصلاة» . حيث يفهم منه أَنَّ الحكمة في ترک إمامته إنّما لأجل
جفاء الأعرابي بالنسبة الى الوضوء والصلاة، حيث إنّه من أهل البادية، وغير عارف بالأحكام المرتبطة بالوضوء والصلاة غالباً، لبُعدهم عن أهل العلم والفقهاء، الموجب لترک كثيرٍ من آداب الوضوء والصلاة، فالخبر تتحدّث عن واقع خارجي يعيشه البدوي، ولا علاقة له بقضيّة فسقه لأجل تقصيره في ترک الهجرة، حتّى يوجب النّهي عنه الحرمة والملازمة للفسق، وعدم جواز الائتمام به.
بل قد يؤيّد الكراهة في ذلک، وجود جملة: (لا ينبغي أن يؤمّ الناس) وذكر جماعةً، ومن وجعل من جملتهم الأعرابي، فهذا الخبر رغم أنّه مشتملٌ على ذكر بعض الاشخاص الذي لا يبعد كون النّهي بالنسبة اليهم يعدّ نهياً تحريميّاً، ولو بواسطة قرائن خارجيّة، ولم نقل بلزوم مراعاة وحدة السياق، بل نقول بأنّ النّهي بالنسبة إلى الأفراد المذكورة في الرواية، مستعملٌ في الجامع من الحرمة والكراهة، فحينئذٍ يكون الحكم في موردنا هو الكراهة، كما عليه المتأخِّرين، هذا بشرط أن أن لا يجعل الجفاء الواقع في التعليل، جفاءاً في الإخلال بالواجبات، الموجب لرفع الكراهة حينئذٍ، بل يصير حراماً.
نعم، ينتج على هذا الفرض، أنّه على فرض كون الإمام جامعاً لشرائط الإمامة، بإسباغه في الوضوء، ومراعاته لوازم الصلاة، لابدّ وأن لا يكون مكروهاً فضلاً عن كونه حراماً.
قلنا: تعميم ذلک بحيث يشمل صورة الحرمة، لا يخلو عن تأمّل، من جهة أَنَّ الموضوع مختلفٌ، فيجوز الحكم عليه بالجواز من ناحية عدم وجود ما يدلّ عليه، كما يمكن ذلك من خلال التوسل بأصل البراءة، لأنّه شکّ في التكليف، فليتأمّل.