درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علویگرگانی
96/11/03
بسم الله الرحمن الرحیم
أقول: ونُضيف إلى ذلك تأييداً لإيقاع نبيّه بالسهو رحمةً للعباد، ما يظهر ذلك من رواية عليّ بن النعمان، عن سعيد الأعرج، قال:
«سمعتُ أبا عبدالله عليهالسلام يقول: صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ سلّم في ركعتين، فسأله مَن خلفه يا رسول الله حَدَث في الصلاة شيء؟ فقال: وما ذلك؟ قال: إنّما صلّيت ركعتين ، فقال: أكذلك يا ذا اليدين؟ ـ وكان يُدعى ذو الشمالين ـ فقال: نعم، فبنى على صلاته فأتمّ الصلاة أربعاً، وقال: إنّ الله هو الذي أنساه رحمةً للاُمّة، ألا ترى لو أنّ رجلاً صنع هذا لَعُيِّر، وقيل ما تُقبل صلاتك، فمن دخل عليه اليوم ذاك قال، قد سَنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وصارت أُسوة، وسجد سجدتين لمكان الكلام»[1] .
ثم علّق صاحب «الوسائل» في ذيل حديثٍ آخر مشابه لهذا الحديث ـ وهو حديث أبي بكر الحضرمي[2] ، ومثله رواية سماعة عن الصادق عليهالسلام [3] وهو أحسن ـ ما نصّه:
(أقول: ذِكْر السهو في هذا الحديث وأمثاله محمول على التقيّة في الرواية، كما أشار إِليه الشيخ وغيره، لكثرة الأدلّة العقليّة والنقليّة على استحالة السهو عليه مطلقاً ، وقد حقّقنا ذلك في رسالة مفردة، وذكرنا لذلك محامل متعدّدة) ، انتهى ما في «الوسائل».
قلنا: لا يخفى على المتأمِّل في متن الرواية أنّها مشتملة على ما لا يمكن إسناده إلى فعل النّبيّ صلىاللهعليهوآله:
أولاً: التكلّم العمدي الصادر منه أثناء الصلاة، بالسؤال من ذى اليدين وتصديقه بذلك.
وثانياً: بنائه على صلاته بالإتمام مع وجود الفصل بكلامٍ آدمي عمداً لا سهواً.
و بالجملة: بناءً على هذه الاشكاليات لا معنى لإيجاب السجدتين المعمولتين في مثل هذه النقيصة و الزيادة و الّتي تسمّى بسجدتي السهو، فتكون الرواية مطرودة من جهات متعدّدة، لا بخصوص إسناد السهو إِليه صلىاللهعليهوآله، حتّى يقال بأَنَّها محمولة على التقيّة، حتّى تخرج الرواية عن موضع الاستدلال عند الإماميّة.
قلنا: وقد عرفت المناقشة في أنّ أخبار نوم النّبيّ صلىاللهعليهوآله منافٍ مع عصمته، فلابدّ من طرحها، وإن كان بعضهم حاول التوجيه في حقّهم عليهمالسلام من تجويز السهو والنوم في حقّهم الموجب لقضاء الصلوات مع طلوع الشمس وغروبها، ولكن الحقّ والإنصاف عدم إمكان قبول مثل هذه الأُمور للرسول و الأئمّة عليهمالسلام، وأنّ شأنهم أجلّ وأعظم من أن يتحقّق منهم السهو والنوم الكذائي، وحيث إنّا لاحظنا أنّ أحسن ما قيل في بيان شأنهم وذكر جلالتهم، هو ما ذكره صاحب «الجواهر» ـ رغم أنّه تكفيهم عليهمالسلامآية التطهير: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا» ـ [4] ، فينبغي هنا نقل كلامه، قال:
(الإنصاف أنَّه لا يجتري على نسبته إليهم عليهمالسلام، لما دلّ من الآيات والأخبار، كما نقل على طهارة النّبيّ وعترته عليهم الصلاة والسلام من جميع الأرجاس والذنوب، وتنزيههم عن القبائح والعيوب، وعصمتهم من العثار والخطل، في القول والعمل، وبلوغهم إلى أقصى مراتب الكمال، وأفضليّتهم ممّن عداهم في جميع الأحوال والأعمال، وأنّهم تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم ، وأنّ حالهم في المنام كحالهم في اليقظة، وأنّ النوم لا يغيّر منهم شيئاً من جهة الإدراك والمعرفة ، وأنّهم لا يحتلمون ولا يصيبهم ملّة الشيطان ، ولا يتثاءبون ولا يتمطّون في شيء من الأحيان، وأنّهم يرون من خلفهم كما يرون من بين أيديهم ، ولا يكون لهم خلل، ولا يرى لهم بول ولا غائط، وأنّ رائحة نجواهم كرائحة المِسك ، وأُمِرَت الأرض بستره وابتلاعه، وأنّهم علموا ما كان وما يكون من أوّل الدهر إلى انقراضه،