درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علویگرگانی
96/11/01
بسم الله الرحمن الرحیم
ومنها: ما يدلّ على المنع مطلقاً أيضاً رواية زرارة، عن أبي جعفر عليهالسلام، في حديث طويل، قال عليهالسلام: «ولا يتطوّع بركعةٍ حتّى يقضي الفريضة كلّها»[1] .
حيث نهى عن التطوّع بصورة المطلق، الشامل للحاضرة والفائتة، بل نقل صاحب «الجواهر» عن بعض أفاضل المعاصرين ترجيح أخبار المنع على أخبار التجويز، بدعوى صحّة أخبارها واستفاضتها، بحيث تقرب إلى التواتر ووضوح دلالتها وصراحة جملةٍ منها، بحيث لا يمكن حمله على الكراهة، واشتمال بعضها على التعليل الموجب لتقويتها، ودلالة بعضها على كون التحرّز من ذلك من خواصّ الشيعة دون سائر الناس، و الإشارة في آخره إلى الردّ عليهم بالقياس المعتبر عندهم واعتضادها بالشهرة العظيمة، بل الإجماع ممّن تقدّم على الشهيد ومن تبعه، إذ لم يعرف قائل بالجواز غيرهم، ولذا عزى المحقّق المنع إلى علمائنا، مؤذناً بدعوى الإجماع عليه، فلا تكافؤ الأخبار السابقة حتّى يجمع بينهما بالكراهة، خصوصاً بعد إمكان الجواب عن بعضها بأنّ دلالتها من باب العموم أو الإطلاق الذي لا يعارض الخاصّ أو المقيّد، وعن آخر الدالّ على خصوص بعض الصلوات كالغُفيلة ونحوها بأَنَّه لا ربط له في المقام لاستثناء الأصحاب إيّاها بالخصوص.
ثمّ قال: (إنّه لم يعرف قائلاً بالفرق بين الحاضرة والفائتة في ذلك كلّه، إلاّ أنّ من أحاط خبراً بأخبار المسألتين، يعرف ما في الترجيح من الشيئين).
والظاهر أنّ كلام بعض الأفاضل قد تمّ إلى ذلك على أيّ حال.في بيان الأخبار الدالّة على المواسعة
ثمّ قال صاحب «الجواهر»: (وأعجب شيءٍ فيه دعواه الإجماع على المنع ممّن قبل الشهيد)، ثمّ نقل كلام الشهيد الأوَّل في «الدروس» الدالّ على الجواز، وهو قوله: (إنّ الأشهر انعقاد النافلة في وقت المفروضة أداءً كانت النافلة أو قضاءً).
والرواية عن الباقر عليهالسلام: «لا تطوّع بنافلة حتّى يقضي الفريضة»[2] ، يمكن حملها على الكراهة، لاشتهار أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله قضى النافلة في وقت صلاة الصبح» إلى آخره[3] .
أقول: لا يخفى لمن راجع إلى أخبار الباب في «الوسائل» في الباب 35 من اشتمال كلا الموردين من المنع والتجويز، والدقّة فيهما ربّما يوجب الظّن المتاخم الى العلم بصحّة الجمع بينهما بالعمل على الكراهة، لا المنع بالحرمة والبطلان، وقبول ذلك يعني صحّة دعوى القائلين بالمواسعة، وتجويز إتيان النافلة في وقت الحاضرة، فضلاً عن الفائتة، فعليك بالمراجعة والدقّة فتجد صحّة كلامنا إن شاء الله.
ومنها: ـ أي من جملة الأخبار الدالّة على المواسعة ـ الرواية الّتى تحكي نوم النّبيّ صلىاللهعليهوآله عن صلاة الصبح، بعدم المبادرة والفوريّة للقضاء الذي يدّعيها الخصم، خصوصاً مع ملاحظة ما جاء في «الذكرى» وغيرها من دعوى صحّة الرواية، والخبر ما بين يديك:
عن زرارة في الصحيح، عن أبي جعفر عليهالسلام، قال: «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله: إذا دخل وقت صلاةٍ مكتوبةٍ فلا صلاة نافلة حتّى يبدأ بالمكتوبة، قال: فقدمتُ الكوفة فأخبرتُ الحكم بن عتيبة وأصحابه فقبلوا ذلك منّي، فلمّا كان في القابل لقيتُ أبا جعفر عليهالسلام فحَدَّثَني أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله عرس في بعض أسفاره، وقال: من يكلؤنا؟ فقال بلال: أنا، فنام بلال وناموا حتّى طلعت الشمس! فقال: يا بلال ما أرقدك؟ فقال: يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله: قوموا فحوّلوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة، وقال: يا بلال أذِّن، فأذَّن فصلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله ركعتي الفجر، وأمرَ أصحابه فصلّوا ركعتي الفجر، ثمّ قام فصلّى بهم الصبح، وقال: مَن نسي شيئاً من الصلاة فليصلّيها إذا ذَكَرَها، فإنّ الله عزّ وجلّ يقول: «أَقِمْ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي».
قال زرارة: فحملتُ الحديث إلى الحَكَم وأصحابه، فقالوا: نقضتَ حديثكَ الأوَّل ، فقَدِمتُ على أبي جعفر عليهالسلام فأخبرته بما قال القوم، فقال: يا زرارة ألا أخبرتهُم أنَّه قد فات الوقتان جميعاً، وأنّ ذلك كان قضاءً من رسول الله صلىاللهعليهوآله»[4] .
ومثله ما روي عن «دعائم الإسلام» بحذف الأسانيد رعايةً للاختصار مع كون السند أيضاً صحيحاً[5] .
وكذلك روى ذلك العَلاّمَة في «التذكرة» ـ على ما في «الجواهر» ـ نقلاً عنه بأنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله نزل في بعض أسفاره باللّيل إلى أن قال: «فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله: تنحّوا وما تنبّهوا إلاّ بعد طلوع الشمس، فارتحلوا ولم يقضوا الصلاة في ذلك الموضع بل في آخر».
وغير ذلك من الأخبار التي يظهر منه أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله لم يُبادر إلى القضاء فوراً، زيادة على ما فيه من تقديم قضاء النافلة ، بل وما قيل من الأمر فيه بالأذان والإقامة اللّتين وردَ الأمر بهما للقضاء في غيره من الأخبار المعتبرة أيضاً.