درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علویگرگانی
96/01/28
بسم الله الرحمن الرحیم
قوله قدسسره: وهل يجب فيهما الذِّكر؟ فيه تردّد (1) .في أنَّه هل يجب الذِّكر في سجود السهو أم لا الرواية الأولى: صحيح عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «إذا كنت لا تدري أربعاً صلّيت أم خمساً، فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثمّ سلِّم بعدهما»[1] .
الرواية الثانية: رواية أبي بصير عنه عليهالسلام مثله في حديثٍ، قال: «فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك وأنت جالس، ثمّ سلِّم بعدهما»[2] .
وهما يكفيان في إثبات الوجوب.
ثمّ المراد من (التسليم) في ظاهر النصوص والفتاوى، هو الذي يخرج به من الصلاة، بل لا يبعد كونه هي الطبيعة المتعارفة، وهي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نعم، قد أرسل عن أبي الصلاح أنَّه قال: (ينصرف عن السجدتين بالتسليم على محمّدٍ وآله صلىاللهعليهوآله) . ولكن لم يُعرف له شاهداً بأن يكفي الخروج عن السجدتين بذكر (السلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة الله وبركاته)، ولعلّه مراده من ذكر التسليم، والله العالم. (1) المشهور على ما صرّح به في «الذكرى» و «الحدائق» و «ذخيرة المعاد» وجوبه، ولكن المصنّف قدسسره تردّد وتوقّف في وجوبه، وعدّة كثير من الأصحاب على عدم الوجوب كالمصنّف في «المعتبر» و «النافع»، والفاضل في «المنتهى» و «المختلف» والخراساني، بل هو ظاهر «نهاية» الشيخ على ما نقله صاحب «الجواهر» و «المهذّب البارع»، بل هو مختار الأردبيلي على ما قيل ، ونفى البُعد في «المدارك»، ومالَ إِليه في «الرياض»، بل هو مختار صاحب «الجواهر» و «مصباح الفقيه». وجه عدم الوجوب:
الأول: كونه موافقاً للأصل.
الثاني: أنّه مقتضى الحصر المستفاد من موثّقة عمّار، حيث إنّه بعدما نفى التسبيح عنه قال بعده: (لا إنّما هما سجدتان فقط)[3] . فإذا نفى التسبيح عنه فنفي غيره يكون بالأولويّة، لأَنَّه نصٌّ في النفي عنه، وكان لدفع توهّم وجوبه عمّا يجب في سجوده المنصرف إلى سجود الصلاة.
الثالث: إطلاق الأخبار الواردة لبيان سجدتي السهو، التي وردت في بيان كيفيّته، جميعها خالية عن ذكر التسبيح فيه مع أنَّه لو كان فيه كان ينبغي ذكره.
هذا كلّه مضافاً إلى قصور ما يدلّ على الوجوب من حيث الدلالة؛ للاضطراب الموجود في متن الحديث، فلا بأس بذكر الحديث وملاحظة متنه، وإن كان سند الحديث صحيحاً، ولأجل ذلك ربّما يقال بأنّ القول بالاحتياط في إتيان الذِّكر موجبٌ للقطع بالبراءة اليقينيّة عند القطع بشغل الذمّة يقيناً، والرواية على ما هو المرويّ صحيحاً في «الفقيه» عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليهالسلام، أنَّه قال: «تقول في سجدتى السَّهو: بسم الله وبالله، وصلّى الله على محمّدٍ وآل محمّد.
قال: وسمعته مرّة اُخرى يقول: بسم الله وبالله، السَّلام عليك أيـّها النبيّ ورحمة الله وبركاته»[4] .
ونحوه في «التهذيب»، لكن بزيادة الواو قبل السلام، بل و «الكافي» لكن أبدل قوله: (وصلّى الله) ب : (اللهمَّ صلّ الله على محمّدٍ وآل محمّد)، كما هو كذلك أيضاً عن بعض نسخ «الفقيه».
وهذا الاختلاف في النقل أدّى الى الاضطراب في متن الحديث، كما أوجب الاختلاف في فتاوى الأصحاب، فبعضهم ذهب إلى وجوب الذِّكر كما هو المشهور، على ما صرّح به صاحب «الحدائق» وغيره، و بعضهم إلى عدمه كما عليه الأكثر.
مضافاً إلى بعض الإشكالات الواردة عن المحقّق في «المعتبر» حيث قال: (الحديث متضمّن لوقوع السهو من الإمام عليهالسلام ، مع أنَّه مرتفع عنه عليهالسلام لأجل منصب الإمامة عند الإماميّة المعصوم عن السهو، خصوصاً في العبادة).
مع أنَّه ليس على ما ينبغي، لعدم ظهور الحديث في وقوع السهو منه عليهالسلام، كما أشار إِليه صاحب «الجواهر»، بل قلنا يحتمل أنّه عليهالسلام في صدد بيان إمكان ايقاع الذّكر بكلّ واحدٍ من العبارتين، كما يشاهد الحكم به في بعض الفتاوى من بيان التخيير وأولويّة أحدهما على الآخر، ولذلك قال المحقّق في «المعتبر» ـ بعد التسليم بأنَّه لم يقع السهو منه عليهالسلام ـ : (لما وجب فيهما ما سمعته لاحتمال أن يكون ما قاله على وجه الجواز لا اللّزوم).
أقول: لكن التركيز في متن الرواية يفيد أنّه في صدد بيان إمكان إتيانه بأحد الطريقين، إن لم يثبت السهو عن الراوي كما هو كذلك ، ولأجل ذلك ذهب عدّة من الفقهاء إلى الاحتياط الوجوبي في إتيان الذِّكر، وكون الاحتياط في الذِّكر هو جملة: (بسم الله وبالله السلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة الله وبركاته)، وهذا هو المرويّ في «الكافي» و «التهذيب»، بل وهكذا رواه صاحب «الحدائق» و «المستند» وصاحب «الوسائل» ، و هو المختار عندنا لكونه أوفق بالاحتياط، كما عليه فتوى السيّد البروجردي و السيّد عبدالهادي الشيرازي رحمة الله عليهما.