< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/10/22

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: مدخليّة الاجتماع و الانضمام في تبدل حكم الشك و عدمه

 

قد يقال: إنّ المسألة رغم كل ما قيل في توجيهها لا تخلو عن شوب الإشكال في كلّ من الدليلين:

فأمّا الشهرة والإجماع: فمخدوشٌ، لأنّ الخصم والمخالف ليس خصوص ابن إِدريس وصاحب «الحدائق» في حقّ الظّن في الأوليين، بل قد يقال إنّه ظاهر الشيخ في «المبسوط» و «الخلاف» و «النهاية»، و العَلاّمَة في «المنتهى» و «التذكرة»، والمصنّف في «المعتبر» و «النافع»، بل وكذا عن المفيد في «المقنعة»، فإنّ كلّ هؤلاء حكموا بوجوب الإعادة في الشكّ في عدد الصبح والمغرب وعدد الركعات، بحيث لا يدري المصلّي كم صلّى والأولتين، من غير تفصيلٍ بين الشكّ والظّن ، ثمّ ذكروا أحكام الشكّ في الأخيرتين مفصّلين بين الظنّ وغيره بالصحّة مثلاً وغيرها.

و بعبارة أخرى: كأنّ المستشكل أراد بيان أنّ قرينة ذكر حالتي الشكّ والظّن في خصوص الأخيرتين، يرشدنا إلى أنّ المراد من ذكر الشكّ في الأوليين، هو الأعمّ من الشكّ المتساوي الطرفين، حتّى يشمل الظّن أيضاً ، فحينئذٍ يستلزم ما ذكروه وهو بطلان الصلاة في الأوليين بعروض أيّ واحدٍ من الحالتين.

فأجاب عنه صاحب «الجواهر» بوجوه، نذكرها ملخّصاً:

(أوّلاً: بأَنَّه يمكن أن يكون مقصودهم خصوص الشكّ المُفسد في الأوليين، لا الأعمّ حتّى يشمل الظّن، لاقتصارهم بخصوص لفظ الشكّ.

وثانياً: المعروف من الشكّ في الفقه و الأُصول واللّغة ـ كما عن الزمخشري وغيره، بل هو الموافق للعرف ـ هو تردّد الذهن من غير ترجيحٍ لأحد الطرفين، بل عن «المصابيح» أنَّه المشهور بين العلماء، فبذلك يظهر أنّ المراد من الشكّ هو المفسد في الأوليين، فلا يشمل صورة الظّن ، بل قد صرّح بذلك بعض من سبق ذكرهم مثل الشيخ في «المبسوط» بجواز العمل بالظن ، وهذا كلامه فيه بعد ذكر أحكام الشكّ، قال: (فإن غلب في ظنّه أحدهما عمل عليه)، لأنّ غلبة الظّن في جميع أحكام السهو تقوم مقام العلم على سواء.

وثالثاً: لعلّ وجه ذكر الظّن في الأخيرتين لأحد وجوهٍ ذكرها:

أحدها: أنّ ذكره في الأخيرتين ليس لأجل كون لفظ (الشكّ) في الأخيرتين شاملاً للظّن، بل لمكان تصريح الأخبار به في المقام، وعادتهم ذكر الحكم الموجود في الروايات.

وثانيها: أن يكون ذكرهم فيهما لأجل الرّد على بعض العامَّة، القائلين بعدم الاكتفاء بالظن فيهما.

وثالثها: أن يكون ذكرهم لبيان أنّ مجرّد طروّ الشكّ لا يوجب الاحتياط، بل هو مشروطٌ بالتروّي الّذي لم يتعقّبه ظنّ، و إلاّ لا احتياط فيه، ولذا ذكر كثيراً منهم حكم الظّن الطارئ بعد الشكّ من دون تعرّض للظن الابتدائي، لأنّ حكمه معلوم عند الجميع.

ورابعها: أنّهم أرادوا بيان أنّ طروّ الشكّ في ما عدا الأخيرتين مبطلٌ، وإن حصل بعده ظنّ، أخذاً بظاهر بعض الأخبار الدّال على لزوم الإعادة بمجرّد الشكّ ، بل قد مال إِليه صاحب «المدارك» وغيره، فيكون هذا التفصيل ليس لشمول لفظ الشكّ ، بل هو تفصيل في الشكّ بين ما يعرض بعده ظنّ أو لا، وبينهما بَونٌ بعيد)، انتهى ملخّص كلامه[1] .

أقول: لا يخفى أنّ نتيجة كلامه بطوله هو الّذى صرّح به في آخره، وهو عدم وجود الخلاف في المسألة على الوجه المذكور في كلام الأصحاب؛ حيث إنّهم ادّعوا عدم قيام الإجماع والشهرة في المسألة ، و النتيجة بقاء دليل الشهرة أو الإجماع على قوّته.

فإنْ قال الخصم: في معرض اثبات أنّ دعواهم بعدم صحّة الصلاة في الظّن في الأعداد في غير الأخيرتين من الأوليين والثنائيّة والثلاثيّة بالأصل، وهو أنّ الشغل اليقيني يحكم بتحصيل الفراغ اليقيني، فالظنّ في الفراغ لا يكفي عن الشغل العارض، فيحكم بالبطلان ووجوب الإعادة.

فيمكن أن يجاب عنه: بأنّ هذا الأصل إنّما يجري فيما إذا لم نقبل وجود دليلٍ على كفاية الظّن بدل العلم ، و أمّا قبلنا وجوده بالشهرة أو الإجماع أو الأخبار، فتكون هذه الأُمور حاكمة على الأصل، فلا يبقى حينئذٍ للأصل مجال لإجرائه، وهو واضحٌ لا خفاء فيه.

وإن قال الخصم ثانياً: إنّ الأخبار الدالّة على جواز العمل بالظن، مثل رواية الحلبي أو صفوان بالخصوص أو النبويّ عامٌّ تفيد أنّ ما تعلّق به الظّن يمكن أن يكتفى به ولا يعيد صلاته، سواءٌ كان ذهاب وهمه إلى الأخيرتين أو إلى الأوليين أو الثنائيّة أو الثلاثيّة،

 


[1] الجواهر، ج12 / 366.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo