92/03/08
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة علی و فاطمه و جعفر..علیهم السلام
موضوع: صلاة علی و فاطمه و جعفر..علیهم السلام
خاتمة في أحكام النّوافل في أحكام النوافل
قوله قدسسره: كلّ النوافل يجوز أن يُصلّيها قاعداً ، وقائماً أفضل. (1)
(1) يجوز إتيان النوافل جالساً مع الاختيار على المشهور، بل عن «المعتبر» و«المنتهى» و«التذكرة» و«النهاية» و«البيان» الإجماع عليه، بل لا يوجد فيه خلافاً إلاّ عن ابن إِدريس، فمنعه إلاّ في الوتيرة وعلى الراحلة، مدّعياً خروجهما بالإجماع، تمسّكاً بالأصل، مع شذوذ الرواية المجوّزة، مع أنَّه ضعيف وشاذٌ لم يوافقه أحد لكثرة الأخبار المجوّزة،فضلاً عن أنّها معتبرة في أعلى درجات الاستفاضة إن لم تكن متواترة.
مضافاً إلى ما يشعر به جواز الجلوس في ركعات الاحتياط الملحقة بالنافلة، فالنافلة أَولى، ومضافاً إلى قاعدة التسامح إذ هي كما تجري في الأصل تجري في الكيفيّة، لاندراجها عند التأمّل في قوله عليهالسلام: «من بلغه ثوابٌ على عمل...»، وغير ذلك من أدلّته فلا ينبغي التوقّف في الجواز حينئذٍ.
نعم، القيام في النوافل أفضل، بلا خلاف أيضاً لظاهر النصوص، و لما ورد أنّ (أفضل الأعمال أحمزها)، هذا في غير الوتيرة، وأمّا فيها فظاهر الأكثر وصريح «الروض» أنّ الجلوس فيها أفضل، لدلالة أخبارٍ كثيرة بأنّها ركعتان من جلوس تعدّان بركعة من قيام، ولأنّها شُرّعت لتكميل عدد النوافل، وصيرورتها ضِف سبعة عشر الفرائض حتّى تصير إحدى وخمسين ركعة، وهو يحصل بجعل الركعتين جلوساً بمنزلة ركعةٍ من قيام، بناءاً على أنَّه لو أتى بها قياماً تصير تثنيةً، فيوجب أن تصير أزيد من إحدى وخمسين، فينافي تلك النصوص.
وجعل تثنية القيام ركعة واحدة لكونها بدلاً عن الجلوس كذلك، كما صرّح به المحقّق وحكي عن غيره.
بعيد لا دليل عليه، إلاّ عنوان البدليّة، وهو غير كاف في إثباته.
أقول: رغم المناقشة في الإتيان بالقيام، لكن حُكي عن الفاضل والشهيدين في «الذكرى» و «الروضة» أفضليّة القيام، وعليه جماعة من المُتأخِّرين ، ولعلّهم تمسّكوا لذلك بإطلاق ما دلّ على رجحان القيام في النافلة، وكونه مصداقٌ لأحمز الأعمال:
منها: موثّق الفضل بن شاذان، عن الرِّضا عليهالسلام في حديثٍ، قال: «إنّ الصلاة قائماً أفضل من الصلاة قاعداً»[1] .
و منها: صحيح حارث بن المغيرة النصري، قال: «سمعت أبا عبدالله عليهالسلاميقول: صلاة النهار... إلى أن قال: وركعتان بعد العشاء كان أبي يُصلّيهما وهو قاعدٌ وأنا اُصلّيهما وأنا قائم...»[2] .
وجه الاستدلال: أنّ مواظبته عليهالسلام على القيام فيهما يدلّ على رجحانه، ولا ينافيه مواظبة أبيه عليهالسلام على الجلوس، بعد إمكان أن يكون ذلك لمشقّة القيام عليه لكبر سنّه و زيادة وزنه كما يدلّ عليه خبر سُدير، قال:
«قلتُ لأبي جعفر عليهالسلام: أتُصلّي النوافل وأنت قاعد؟ فقال: ما أُصلّيها إلاّ وأنا قاعد منذ حملتُ هذا اللّحم وما بلغتُ هذا السّن»[3] .
بل قيل: إنّه يشهد على أنّ القيام في الوتيرة أفضل كما هو المطلوب، ما ورد في صحيح الحجّال، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «كان أبو عبدالله عليهالسلاميصلّي ركعتين بعد العشاء يقرأ فيهما بمائة آية ولا يحتسب بهما، وركعتين جالس يقرأ فيهما بقُل هو الله أحد وقُل يا أيّها الكافرون» الحديث[4] .
بناءاً على أنّ الركعتين الأولتين هو الوتيرة، وأنّه قد صلاّهما قائماً على كون القيام هو أظهر من الجلوس في المعنيين ، هذا هو العمدة في الاستدلال على ذلك.
ولكن مع ذلك كلّه الأحوط والأَوْلى إتيانهما جالساً، لاتّفاق جميع الفقهاء على صحّته فيهما، بخلاف صورة القيام، حيث يلوح من بعض عباراتهم تعيّن الجلوس فيهما،وعدم مشروعيّة غيره، حيث اقتصروا عليه في مقام البيان وكذا في بعض الأخبار، وأمّا غير الوتيرة من النوافل فلاريب نصّاً وفتوى أنّ إتيانها قائماً يعدّ أفضل وأحوط.