92/02/29
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة علی و فاطمه و جعفر..علیهم السلام
موضوع: صلاة علی و فاطمه و جعفر..علیهم السلام
هنا فرعان:
الفرع الأوَّل: لا يختصّ استحباب هاتين الصلاتين وصلاة جعفر بشهر رمضان ، بل هي مستحبّة في جميع الأوقات كما أشار إِليه الإمام الصادق عليهالسلامفي خبر المفضّل، حيث قال:
«اسمع وعه وعَلّم ثِقات اِخوانك هذه الأربع والركعتين، فإنّهما أفضل الصّلوات بعد الفرائض، فمن صلاّها في شهر رمضان أو غيره انفتل، وليس بينه وبين الله عزَّ و جلّ من ذنب»[1] .
نعم، يتأكّد استحبابهما في شهر رمضان لزيادة شرفه وللخبر المزبور.
الفرع الثاني: نصّ العَلاّمَة في «القواعد»، والشهيد في «الذكرى» على تأكّد استحباب صلاة فاطمة عليهاالسلام في أوّل يومٍ من شهر ذي الحجّة ، ولعلّه لأجل يصادف يوم زواج رسول الله صلىاللهعليهوآله فاطمة لعليّ عليهماالسلام، فناسب صلاتها، كما قال به الشيخ في «المصباح»، وأنّه يوم مولد إبراهيم الخليل عليهالسلام، وروي أيضاً أنّ التزويج كان يوم السادس فيستحبّ
صلاتها فيه أيضاً ، ولا ينافي ذلك من استحباب الصلاة في هذا اليوم ما رواه صاحب «البحار» من أنَّه: (قد ورد في بعض الأخبار صلاة ركعتين في هذا اليوم ـ أي اليوم الأوّل من شهر ذي الحجّة ـ قبل الزوال بنصف ساعة بكيفيّة صلاة الغدير)، كما هو واضح.
قوله قدسسره: وصلاة جعفر عليهالسلام أربع ركعات بتسليمتين. (1) كيفيّة صلاة جعفر
(1) إنّ استحباب صلاة النافلة المسمّاة بصلاة جعفر الطيّار عليهالسلام مجمعٌ عليه كما عن «المنتهى» وظاهر «المعتبر»، بل عن غيرهما أنَّه من المتّفق عليه بين علماء الإسلام إلاّ نادراً، وعن آخر أنّها مشهورة بين الخاصّة والعامّة، وبلغت الأخبار إلى تسعة عشر وهي حدّ التواتر، بل الأئمّة صلوات الله عليهم كانوا يصلّونها، والنادر هو أحمد حيث حكي عنه القول بعدم استحبابها، كما لا ريب في شذوذ ما حُكي من أنّ الخطاب بهذه الصلاة وتعلّمها وقع للعبّاس عمّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله و لذلك لا اعتبار بها! بل في «الذكرى» أنَّه رواه الترمذي أيضاً، ونحن على ما رواه أهل البيت لأنّهم عليهمالسلام أدرى بما في البيت.
وكيف كان، فتسمّى هذه الصلاة بصلاة الحبوة وصلاة التسبيح أيضاً، لورود هذين التعبيرين عنها في الأخبار كما ستعلم عن قريب إن شاء الله تعالى.
وهي أربع ركعات بلا خلافٍ نصّاً وفتوىً ، فمن اقتصر بالثنتين لم يأت بالوظيفة ، بل في «الجواهر» أنَّه متسرّعٌ في الدين إن قصد ذلك من أوّل الأمر ، كما أنّ القول بأنّ الأربع تكون بتسليمة واحدة ـ كما حكي عن ظاهر «المقنع»، حيث قال بالنسبة إلى التسليمتين بلفظ (روي أنّها بتسليمتين) المشعر بتمريضه عنده ـ ضعيفٌ، مع أنَّه هو المشهور بين الأصحاب نقلاً وتحصيلاً وهو المنصور، بل عن «مصابيح الظلام» للاُستاذ الأكبر أنَّه كادَ أن يكون إجماعاً ، بل لا أجد فيه إلاّ ممّن سمعت، مع أنّ في «الجواهر» إنّا لم نتحقّقه بل أنكر غير واحد العبارة المذكورة في «المقنع».
نعم، عدم ذكر التسليم في النصوص لا يكون دليلاً على ذلك ، بل كان لوضوحه أوّلاً كعدم ذكر القنوت، وثانياً أنّ المقصد الأهمّ في مثل هذه الصلاة بيان كيفيّتها من مواضع التسبيح أو غير ذلك ، مع أنَّه يكفي في إثباته وروده في خبر أبي حمزة الثمالي، بقوله: «ثمّ تتشهّد وتُسلّم ثمّ تقوم فتصلّي ركعتين» الحديث[2] .
لا يقال: إنّه يجوز في بعض الأحيان الاقتصار على الركعتين، فكيف حال لزوم تسليمتين؟
لأنّا نقول: إنّه لا ملازمة بين هذين الأمرين، لإمكان القول بلزوم التسليمتين مع الأربع، وكفاية تسليم واحد في الركعتين إذا اضطرّ إليهما ، بل قد يظهر من بعض الأخبار أنَّه لا ينبغي الفصل بين الأربع مع الاختيار بزمانٍ ونحوه، وأفتى به الشهيدان، و هذا الخبر هو صحيح عليّ بن الريّان، قال:
«كتبت إلى أبي الحسن الماضي الأخير عليهالسلام أسأله عن رجلٍ صلّى صلاة جعفر ركعتين، ثمّ تعجّله عن الركعتين الأخيرتين حاجة، أيقطع ذلك لحادثٍ يحدث ، أيجوز له أن يتمّها إذا فرغ من حاجته، وإن قام من مجلسه، أو لا يحتسب بذلك إلاّ أن يستأنف الصلاة ويصلّي الأربع ركعات كلّها في مقام واحد؟
فكتب عليهالسلام: بل إن قطعه عن ذلك أمرٌ لابدّ له منه فليقطع ثمّ ليرجع، فليس على ما بقي إن شاء الله».[3]
حيث إنّ ظاهرها يدلّ على التعامل معها معاملة الفريضة الرباعيّة بتسليمة واحدة، ولذلك حكي عن صاحب «المصابيح» أنَّه يأتي بالأخيرتين بعد زوال العذر بلا فصل احتياطاً، كما أنّ الفصل بين الأربع لا يقع من غير عذر احتياطاً للخبر المزبور.
قلنا: لا إشكال في أنّ العمل بهذا الحديث أوفق بالاحتياط، وأمّا استفادة الشرطيّة في الصحّة بحيث لو لم يراع كان باطلاً بالنسبة إلى ما مضى، أو ارتكب إثماً غير معلوم، ولذا لم يُسمع من أحدٍ من أصحاب الفتوى القول بذلك لمن عرض له العُذر في الأثناء، وقد أتى بركعتين وترك الأخيرتين من غير فصلٍ، بل أتى بهما بعد فصلٍ طويل بلا عذر، خصوصاً بعد ملاحظة ما ورد في حقّ المستعجل من تجويز قصر الكيفيّة بالتسبيح فيها، وإتيانها جميعاً بعد الصلاة، مع كون الكيفيّة أَوْلى بالرعاية من الكمّية، لأنّها قد سمّيت بصلاة التسبيح المُفهم لذلك.