92/02/15
بسم الله الرحمن الرحیم
نوافل شهر رمضان
موضوع: نوافل شهر رمضان
و بالجملة: فمجموع الأخبار الدالّة على الألف ثلاثة: خبر مفضّل، و محمّد بن سليمان، ومحمّد ابن أبي قرّة.
هذا كلّه في الأخبار الدالّة على زيادة النوافل في شهر رمضان على النوافل التي يؤتى بها في غيره.
فبعدما ظهر اختلاف لسان الأخبار بحسب العدد والتوزيع، فلابدّ هنا من تحقيق أمورٍ حول هذه الأخبار والأخبار السابقة عليها:
الأمر الأوَّل: في الجمع بين الطائفتين، و هو المنقول من بعض الأصحاب كالشيخ وغيره.
منها: الحمل على التأويل أو على ما لا ينبغي القبول، وهو بأن تُحمل الأخبار النافية على نفي الجماعة، مع أنَّه غير مناسب مع لسان تلك الأخبار، حيث لم ترد في خبرٍ منها الإشارة إلى ذلك ، نعم، وردت الإشارة الى ذلك في خبر محمّد بن سليمان، لكنّه كان في مورد ذكر الزيادة في النوافل و عليه فهو من المثبتات منها لا النافيات.
و منها: حمل الأخبار النافية على التقيّة ، مع أنَّه خلاف لظاهر القضيّة؛ لأنّ الأخبار المثبتة تكون أوفق بالحمل على التقيّة، لموافقتها لصلاة التراويح التي هي مشهورة بين العامَّة.
و منها: حمل الأخبار النافية على نفي التأكّد في الاستحباب، أي ليست كالرواتب مؤكّدة أو نفي الزيادة في الرواتب، لكن لا يناسب هذا الحمل مع مضمون تلك الأخبار، ولذلك التجأ صاحب «الجواهر» إلى طرح هذه الأخبار، حيث قال بعد تضعيف هذه التأويلات:
(لا ينبغي الإشكال مع تعذّر التأويل فضلاً عن بُعده بعدما سمعت، إذ ليس من المستغرب طرح أخبار صحيحة بمجرّد الهجر بين الطائفة علماً وعملاً، فضلاً أن يكون قد عارضها مع ذلك أخبار أُخَر متواترة أو قريبة منه، كما هو معلوم من طريقة الأصحاب ، خصوصاً إذا كانت تلك الأخبار صحيحة غير محتملة الخفاء عليهم، إذ ذلك يزيدها وَهْناً عند التأمّل)، انتهى محلّ الحاجة[1] .
أقول: الأَوْلى في الجمع بينها ما قلناه سابقاً بأنّ الأخبار النافية ليس في الوضوح على حدٍّ تستطيع مقاومة المعارضة مع الأخبار المثبتة، لوجود إبهام في الجملة في دلالتها، أو قابلة للحمل على مقدارٍ من اللّيل لم يأت بشيءٍ من الصلاة، وإن كان التنافي بينها وبين المثبتة موجودٌ بالنسبة إلى التوزيع الواقع بعد المغرب والعشاء.
وكيف كان، فالعمل لا يكون إلاّ مع أخبار المثبتة، كما لا يخفى.
الأمر الثاني: الثابت أنّ استحباب الإتيان بالألف مخصوصٌ بشهر رمضان من جهة عظمته وحرمته، و هي لا تتداخل مع ألف ركعة المستحبة ايتانها في كلّ يومٍ وليلة من ايام السنة، و ممّا يؤيّد ذلك الأخبار الواردة في قيام الأئمّة عليهمالسلامبقراءة هذا العدد من الركعات في كلّ يومٍ وليلة:
منها: مثل ما في خبر جميل بن صالح، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «إن استطعت أن تصلّي في شهر رمضان وغيره في اليوم واللّيلة ألف ركعة فافعل، فإنّ عليّاً عليهالسلامكان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة»[2] .
و منها: خبر عليّ بن أبي حمزة، قال: «دخلنا على أبي عبدالله عليهالسلام، فقال له أبو بصير: ما تقول في الصلاة في رمضان؟ فقال له: إنّ لرمضان حرمةً وحقّاً لا يشبهه شيءٌ من الشهور، صلِّ ما استطعت في رمضان تطوّعاً باللّيل والنهار، وإن استطعت في كلّ يوم وليلة ألف ركعة فصلِّ؛ إنّ عليّاً عليهالسلام كان في آخر عمره يُصلِّي في كلّ يومٍ وليلة ألف ركعة»[3] .
ولكن حيث علمواعليهمالسلام عدم قدرة أكثر الناس بل عامّتهم على ذلك، فحثّوا النّاس و رغّبوهم بالألف في خصوص شهر رمضان لزيادة شرفه وعظمته وحرمته على سائر الشهور ، ويكفيك في ذلك ملاحظة الأخبار التي تدلّ على أضعاف ثواب الفرائض والنوافل فيه إلى السبعين بالنسبة إلى سائر الشهور: