92/02/09
بسم الله الرحمن الرحیم
نوافل شهر رمضان
موضوع: نوافل شهر رمضان
عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، قال: «قال أبو عبدالله عليهالسلام: صلِّ في العشرين من شهر رمضان ثمانياً بعد المغرب واثنتى عشرة ركعة بعد العتمة، فإذا كانت الليلة التي يُرجى فيها ما يرجى فصلِّ مائة ركعة تقرأ في كلّ ركعة قُل هو الله أحد عشر مرّات ، قال: قلتُ: جعلت فداك، فإن لم أقو قائماً؟ قال: فجالساً، قلت: فإن لم أقوَ جالساً؟ قال: فصلِّ وأنت مستلقٍ على فراشك»[1] .
فإنّه لم يذكر عدد ركعات العشر الأواخر، ولو سلّمنا دلالته بالإشارة على الثلاثمائة في ليالي القدر الثلاث بقوله: (الليلة التي يُرجى فيها ما يرجى)، فيصير المجموع سبعمائة ركعة، و إلاّ لولا ذلك لا تدلّ إلاّ على عدد الركعات في العشر الأولى و الثانية في كلّ ليلة عشرين ركعة، و مئتى ركعة في ليلتى إحدى وعشرين وثلاث وعشرين المذكور في حديث سماعة بن مهران، حيث عبّر عن هاتين الليليتين بأَنَّه (يُرجى أن تكون ليلة القدر في إحداهما) فيصير المجموع ستمائة ركعة كما لا يخفى.
أقول: وممّا يدلّ على أنّ التوزيع بصورة جعل الثمانية وهو الأقلّ في العشرين بين المغرب والعشاء، واثنتى عشرة وهو الأكثر بعد العتمة ، وكذلك في العشر الأواخر، إلاّ أنَّه جعل بين المغرب والعشاء الآخرة ثماني ركعات، واثنتين وعشرين بعد العشاء، هو الخبر الذى رواه الحسن بن عليّ، عن أبيه، قال: «كتب رجلٌ إلى أبي جعفر عليهالسلام يسأله عن صلاة نوافل شهر رمضان وعن الزيادة فيها؟
فكتب عليهالسلام إِليه كتاباً قرأته بخطّه: صلِّ في أوّل شهر رمضان في عشرين ليلة عشرين ركعة ، صلِّ منها ما بين المغرب والعتمة ثماني ركعات، وبعد العشاء اثنتى عشرة ركعة، وفي العشر الأواخر ثماني ركعات بين المغرب والعتمة، واثنتين وعشرين ركعة بعد العتمة، إلاّ في ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، فإنّ المائة تجزيك إن شاء الله ، وذلك سوى الخمسين وأكثِر من قراءة إنّا أنزلناه».
فمجموع عدد الركعات في هذه الرواية تسعمائة ركعة. و لا يخفى أنّ ما جاء في هذا الخبر مختلفٌ مع ما جاء في حديث سماعة بن مهران في أنّ ما جاء فيه عكس خبر سماعة، حيث جعل في الثاني الأكثر بين المغرب والعتمة و الأقلّ بعد العتمة، كما أنَّه يختلف مع خبر مسعدة في العشر الأواخر بجعل العدد فيما بين المغرب والعتمة اثنتى عشرة ركعة، وبعد العشاء ثمانية عشرة ركعة، حيث يقتضي الجمع بين جميع هذه الأخبار القول بالتخيير بين الاعداد المذكورة عند توزيع الركعات وبين تقديم المقدار في الأقلّ والأكثر، لو لم نقل بترجيح بعضٍ لتقدم الأقلّ على الآخر بملاحظة تعدّد رواياته كما هو الأوجه.
و أيضاً: من جملة الأخبار الدالّة على أنّ عدد النوافل ألف ركعة، هو الخبر الذي رواه محمّد بن سليمان، قال: إنّ عدّة من أصحابنا اجتمعوا على هذا الحديث، منهم يونس بن عبدالرحمن، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليهالسلام، وصبّاح الحذّاء عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن عليهالسلام، وسماعة بن مهران، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال محمّد بن سليمان:
«وسألت الرِّضا عليهالسلام عن هذا الحديث فأخبرني به ، وقال هؤلاء جميعاً سألنا عن الصلاة في شهر رمضان، كيف هي، وكيف فعل رسول الله صلىاللهعليهوآله؟
فقالوا جميعاً: إنّه لمّا دخلت أوّل ليلة من شهر رمضان صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهالمغرب، ثمّ صلّى أربع ركعات التي كان يُصلّيهن بعد المغرب في كلّ ليلة، ثمّ صلّى ثماني ركعات، فلمّا صلّى العشاء الآخرة وصلّى الركعتين اللّتين كان يصلّيهما بعد العشاء الآخرة، وهو جالسٌ في كلّ ليلة، قام فصلّى اثنتى عشرة ركعة، ثمّ دخل بيته فلمّا رأى ذلك الناس، ونظروا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد زاد في الصلاة حين دخل شهر رمضان، سألوه عن ذلك، فأخبرهم أنّ هذه الصلاة صلّيتها لفضل شهر رمضان عن الشهور.
فلمّا كان من اللّيل قام يصلّي فاصطفَّ الناس خلفه، فانصرف إليهم، فقال: أيّها الناس إنّ هذه الصلاة نافلة ولن يجتمع للنافلة، فليصلِّ كلّ رجلٍ منكم وحده، وليقل ما علّمه الله من كتابه، واعلموا أنَّه لا جماعة في نافلة. فافترق النّاس فصلّى كلّ واحدٍ منهم على حياله لنفسه، فلمّا كان ليلة تسع عشرة من شهر رمضان اغتسل حين غابت الشمس، وصلّى المغرب بغسلٍ ، فلمّا صلّى المغرب وصلّى أربع ركعات التي كان يصلّيها فيما مضى في كلّ ليلة بعد المغرب دخل إلى بيته ، فلمّا أقامَ بلال الصلاة للعشاء الآخرة خرج النّبيّ صلىاللهعليهوآله فصلّى بالناس ، فلمّا انفتل صلّى الركعتين وهو جالسٌ كما كان يصلّي كلّ ليلة، ثمّ قام فصلّى مائة ركعة يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب، وقُل هو الله عشر مرّات، فلمّا فرغ من ذلك صلّى صلاته التي كان يُصلِّي كلّ ليلة في آخر اللّيل وأوتَر.