92/01/31
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة الحاجة
موضوع: صلاة الحاجة
الأمر الثالث: لا فرق في الحاجة بين كونه لقضاء الدَّيْن، أو دفع المرض، أو هلاك العدوّ. وفي المرض بين كونه لنفسه أو لمن ينتسب إِليه، أو لغيره من المؤمنين، كما قد يومئ إلى ذلك:
أوّلاً: جاء في خبر إسماعيل بن الأرقط وأُمّه أُمّ سَلَمَة أُخت أبي عبدالله عليهالسلام، قال:
«مرضتُ مرضاً شديداً في شهر رمضان حتّى ثقلتُ، فجزعتْ علَيَّ أُمّي، فقال لها أبو عبدالله (خالي): اصعدي إلى فوق البيت فابرزي إلى السماء، وصلّي ركعتين، فإذا سلّمتِ فقولي: اللهمَّ إنّك وهبته لي ولم يكُ شيئاً، اللهمَّ إنّي أستوهبكه مبتدءاً فأعِرْنيه، قال: ففعلتُ فأفقتُ وقعدتُ ودعوا بسحورٍ لهم هريسة فتسحّروا بها، وتسحّرت معهم»[1] .
و ثانياً: خبر جميل، قال: «كنتُ عند أبي عبدالله عليهالسلام فدخلَتْ عليه امرأة فذكَرَتْ أنّها تركتْ ابنها وقد قالت بالملحفة على وجهه ميّتاً، فقال لها: لعلّه لم يمُت، فقومي فاذهبي إلى بيتك فاغتسلي وصلّي ركعتين وادعي، وقولي: يا مَن وَهبه لي ولم يَكُ شيئاً جدِّد هبته لي، ثمّ حَرّكيه ولا تُخبري بذلك أحداً. قالت: ففعلتُ، فحرّكته فإذا هو قد بكى»[2] .
وغير ذلك من الأخبار الدالّة على ذلك .
قوله قدسسره: وصلاة الشُّكر. (1) أحكام صلاة الشكر
(1) و من جملة الصلوات المرغّبات هي صلاة الشكر لله تعالى عند تجدّد كلّ نعمة، واستحبابها مسلّمٌ بلا خلاف فيه؛ لدلالة النصوص عليها.
وكيفيّتها: هي التي وردت في رواية هارون بن خارجة، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «قال في صلاة الشكر، إذا أنعم الله عليك بنعمةٍ فصلِّ ركعتين تقرأ في الأُولى بفاتحة الكتاب قُل هو الله أحد، وتقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب وقُل يا أيُّها الكافِرون، وتقول في الركعة الأُولى في ركوعك وسجودك: الحمدُ لله شُكراً شُكراً وحَمداً، وتقول في الركعة الثانية في ركوعك وسجودك: الحمدُ لله الذي استجاب دعائي وأعطاني مسألتي»[3] .
نعم، قد نقل عن الصدوقين أنَّه يقول في ركوع الأُولى: (الحمدُ لله شكراً)، وفي سجودها: (شكراً لله وحمداً). ولعلّه كان عندهما وبلغهما ذلك، فلا بأس بإتيانه برجاء المطلوبيّة، وإن كان الإتيان بما في الرواية المذكورة أحوط وأرجح، كما يكون كذلك بما قد نقل عن «النفليّة» من إطلاق القول في الركوع والسجود من الركعتين، ثمّ قال: (وتقول بعد التسليم: الحمدُ لله الذي قضى حاجتي، وأعطاني مسألتي)، ثمّ تسجد سجدة الشكر.
ولعلّ الجمع بينه وبين ما في الرواية كون هذه الصلاة المنقولة عن «النفليّة» للشكر عمّا طلب شيئاً ثمّ قُضي له، بخلاف ما في الرواية فإنّ فيها صلاة الشكر لمطلق النعمة ولو لم يطالبها، ولأجل ذلك قال صاحب «الجواهر»:
(إنّ الأمر في ذلك كلّه سهلٌ، بل لا يبعد استفادة مطلق ذكر هذا المعنى من الخبر المزبور بأيّ عبارة كانت، بل لا يبعد أيضاً عدم اعتبار تلك الكيفيّة المخصوصة فيها، بل هي مستحبٌّ في مستحبّ) انتهى محلّ الحاجة[4] .
كما أنّ الأمر كذلك فيما نقل عن «كشف اللّثام» عن الرواية المنقولة عن محمّد بن مسلم، عن الصادق عليهالسلام، قال:
«قال أميرالمؤمنين عليهالسلام: إذا كسى الله المؤمن ثوباً جديداً، فليتوضّأ وليصلِّ ركعتين يقرأ فيهما أُمّ الكتاب وآية الكرسي وقُل هو الله أحد وإنّا أنزلناه في ليلة القدر، ثمّ ليحمد الله الذي ستر عورته، وزيّنه في الناس ، وليكثر من قول لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، فإنّه لا يَعصى الله فيه، وله بكلّ سلك فيه ملك يقدّس له ويستغفر له ويترحّم عليه»[5] .
أقول: لا يخفى أنّ ظاهر النصّ والفتوى هو إطلاق وقت تلك الصلاة عند تحقّق النعمة وتجدّدها و عليه فما عن ابن البرّاج من أنّ وقتها عند ارتفاع النهار، لم يُعرف له مستندٌ، ولعلّه أراد في مورد خاصّ من تحقّق النعمة بأن يكون عند طلوع الشمس مثلاً، فكان ينبغي تأخيرها إلى ارتفاع النهار حتّى يجتنب عن إيقاع النافلة في ذلك الوقت، لما فيه من الجمع بين صدق العنديّة عرفاً وبين التجنّب عمّا يقال بكراهة التنفّل في هذا الوقت.
ثمّ الظاهر عدم الفرق في استحباب هذه الصلاة: بين تجدّد النعم، وبين رفع النقم وقضاء الحوائج، كما صرّح به صاحب «الجواهر» وغيره، بل قيل إنّه يشير إِليه كلام الصدوقين أيضاً ، بل الظاهر استحبابها في تجدّد كلّما يستحبّ فيه الشكر ، وفّقنا الله لذلك إن شاء الله تعالى.